شهداء فلسطين

الشهيد رماح الحسني

 

 

رأيناه إنه رماح،

وكيف لنا أن ننسى الصلاةَ في محرابه، ننظرُ إليهِ بعينٍ من الفجر، نرقبهُ يسجدُ ووجه النديُّ يشرقُ من قمر، يتلو الأنفالَ نوراً في بندقيته وريشته.
همُ الشُهُداء، قرءانُ السماءِ الناطق، ينسجونَ من خيوطِ النبوةِ مهدَ الوصال، فالشقاقي نادى أن دوروا مع فلسطين حيثما تلقى بوجهها الشهداء، وراغبٌ يصرخُ بأناملهِ الزكية أنَّ عدُونا ساقطٌ وزائل، وعلى هذا نما رماح
إنه حمزةَ الكرار، رأيناهُ يلمحُ ببصرهِ أطيافاً من قمحِ الأرضِ، وأسياداً من القدس، فنهضَ يجمعُ بقلبهِ فوارسَ الفجرِ والقسم، يعيدُ بصلاتهِ دعاءُ الحفظِ للأرضِ والمقاومة، وحينَ يطلعُ الصباح، ينهضُ نحو القدسِ والجليل، وخلفهُ بسمةٌ من ثغرِ الوالهين بصوتِ مآذنِ الحبِ، تلبي دفقاتُ الدمِ في محرابِ صلاتهِ الأتْقى .
رماح، أبو فايز، ذاك القائدُ الذي بسطَ كفَّهُ لقلوبِ الطُهرِ والإباء، يرفضُ الظلمَ واستكبار الغربِ وأمريكا، فكان الرمحُ في المعركة، يرقى بعطاءهِ الجهاديّ صوبَ قِبَابِ مسرى الهُدى والاسراء.
يرفع رايةً من الطفِ وجنين، والاسم كرارٌ فارسٌ من نسلِ محمد، ففي دمهِ الصلاة، وفي عينيهِ، رأينا خيبرَ تَعودُ ورايةُ النصرِ ساطعةً كشمسِ الشهداء ببدرٍ وفلسطين.
وها قد رحلَ رماح، يسعدُ ورأسهُ المقطوعُ شامخٌ، يصعدُ على غيمةٍ طاهرةٍ من وردٍ وعشق، يستقبلهُ ببسمةٍ من عُلا،
عليٌ ومحمود ،علاء ومعين ، خالد وأنور ، هاني وهشام ، أيمن وعمار ، أكرمٌ وشمس، عثمان ورامي، أنور وصلاح وكل الوالهين وكل الشهداء
.

 

انتمى إلى فلسطين بكل جوارحهِ وفكرهِ، فعندما تدخل غرفته تجد رائحة السلاح تملؤها، ولوحاته الفنية التي رسمها لدعم المقاومة وعلم فلسطين يزينها حتى زُفَّ بطلاً على طريق القدس 

 

طفولة رماح

يسرد والد الشهيد لنا أبرز الصفات الشخصية للشهيد رماح حيث قال,” أن رماح رحمه الله ولد في تاريخ 16/3/1985م, في دولة الجزائر حيث كنت أعمل مدرساً هناك, ودرس حتى الصف الثالث الابتدائي في الجزائر, ثم انتقلنا لفلسطين, وأكمل رماح مسيرته التعليمية في قطاع غزة حتى حصل على شهادة الثانوية العامة من مدرسة الكرمل, ثم التحق بجامعة الأقصى وتخصص “فنون جميلة”.

 

وأن الشهيد المجاهد “رماح الحسني” تزوج ورزقه الله بطفل أسماه فايز ويبلغ من العمر 47 يوماً من يوم استشهاده ، واليوم أصبح عمره خمسة سنوات موازاة لذكرى استشهاد رماح .

 

رماح الفنان

وقال والد الشهيد” كان “رماح” منذ صغره موهوب بفن الرسم, وكان يساعدني في عملي لأنني أعمل “فنان تشكيلي”, فكان فناناً مبدعاً منذ صغره ونعومة أظافره، كما تفوق “رماح” في عام 1990م, وحصل على المرتبة الأولى على مستوى قطاع غزة في مسابقة “رسم لوحة تشكيلية” ، وأضاف “أبو رماح”, “كان رماح متفوقاً في دراسته وفنونه, واستطاع أن يصبح فناناً مبكراً. وأردف قائلاً: “رماح” كان فناناً.. وصديقاً.. ورجلاً.. ومقاتلاً عنيداً.

 

تمنى زوال كيان العدو

وتابع والد الشهيد المجاهد “رماح الحسني” حديثه, قائلا “كان رماح هدفه دائماً إزالة الكيان الصهيوني من كل الوجود, وهذه كانت أخر وصاياه لأشبال مسجد “عسقلان” بعد صلاة الفجر, حيث سأل الأشبال ما أمنيتكم.. فمنهم من تمنى الشهادة ومنهم من تمنى قتال الأعداء.. فقال “رماح” لهم هناك أمنية كبرى وهي زوال الكيان الصهيوني عن الوجود ويجب أن تضعوا هذه الأمنية أمام أعينكم.

 

 

عاشقاً للشهادة

وأكمل والد الشهيد رماح حديثه بصبر واحتساب, محاولاً حبس دموعه, قائلاً ” كان رماح متواضعاً لا يحب التفاخر والتباهي, ويعمل بكل جد واجتهاد لمرضاة الله عز وجل, وكان بمثابة صديقاً لي أخبره عن أسراري.

 

واستذكر الحاج حينما استيقظ من النوم في أحد الأيام على صوت بكاء “رماح” وهو يقوم الليل, فكان يدعو الله ويبكي وينوح متذللاً لله طالباً الشهادة في سبيل الله, وكان يتمنى أن يستشهد ورأسه مغموراً في التراب كما الشهيد الإمام “الحسين” عليه السلام.

 

وقال “كانت والدة رماح رحمها الله, تدعو لابنها رماح دوماً بالشهادة في سبيل الله, وكانت تودعه قبل خروجه للقيام بمهامه الجهادية, وكانت أخر دعواتها قبل مماتها أن يرزق نجلها “رماح” بالشهادة التي تمناها وتزفه للحور العين شهيداً”.

 

“محمد الحسني” شقيق الشهيد “رماح” قال , كانت صفات شقيقي “رماح” صفات وأخلاق الأنبياء, فكان كريماً ومعطاءً يحب مساعدة الناس والفقراء والمساكين, وكان يخدم جميع أبناء فلسطين, كما كان متواضعاً زاهداً عابداً قائماً يبتغى رضا الله سبحانه وتعالى ، وأضاف” أن الشهيد “رماح” رحمه الله أوصى أهله أن يعطوا سلاحه بعد استشهاده إلى ابنه “فايز” حينما يكبر ليكمل طريق الجهاد والمقاومة على درب والده.

 

رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام الحسين عليه السلام

يشار إلى أن الشهيد المقدام “رماح الحسني” قد أخبر الداعية “عماد حمتو” قبل استشهاده بأيام عن رؤيته للرسول صلى الله عليه وسلم ولسيدنا الحسين عليه السلام في المنام، كما أخبر “رماح” الداعية “حمتو” أنه يتمنى أن يمزق جسده في سبيل الله ويغمر رأسه في التراب كما أغمر رأس سيدنا الحسين.

 

رحلة جهاد حافلة

أحد القادة الميدانيين في “سرايا القدس” ذكر أبرز المحطات الجهادية للشهيد القائد “رماح فايز الحسني” حيث قال,” إن الرحلة الجهادية للشهيد رماح الحسني حافلة بالعطاء والبذل والتضحيات, مشيراً إلى أن الشهيد المجاهد “رماح” انتمى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ نعومة أظافره.

 

وذكر أيضاً أنه كان لقب الشهيد المجاهد “رماح الحسني” في “سرايا القدس” “حمزة الكرار” ومن أبرز محطاته الجهادية:

 

– عمل في وحدة التصنيع التابعة لـ”سرايا القدس”.

– احد القادة الميدانيين في وحدة الرصد والاستطلاع.

– الرباط على ثغور حدود قطاع غزة.

– تجهيز العديد من الاستشهاديين, ومنهم الاستشهادي المجاهد “عثمان أبو حجر” و”فادي أبو سالم”.

– إطلاق الصواريخ والقذائف على مغتصبات العدو الصهيوني المتاخمة لقطاع غزة.

– الإشراف على عملية جهادية وقعت شرق خانيونس, تم خلالها تفجير عبوة من طراز “وعد” وأصيب عدداً من جنود الوحدة الخاصة الصهيونية حسب اعترافات العدو حينها.

– إطلاق قذيفة “R.B.G” من نوع كوبراً, على منزل تواجدت بداخله قوة صهيونية خاصة بالقرب من موقع النصب التذكاري شرق بيت حانون، مما أدى إلى إصابة جنديين صهيونيين بجراح.

– كان له دوراً بارزاً في تأسيس أكاديمية الشهيد القائد “محمود الخواجا” العسكرية, والتي كانت تعتبر مدرسة عسكرية تخرج المجاهدين.

 

وأكد أيضاً أن العديد من العمليات والمهمات الجهادية التي نفذها الشهيد المجاهد “أبو فايز” مازالت طي الكتمان لأسباب أمنية.

 وأشاد بعائلة الشهيد “رماح الحسني” المجاهدة التي تلمذت أبنائها على حب الجهاد والمقاومة, مشيراً إلى أن الشهيد “رماح الحسني” عمه الأسير القائد “محمد الحسني” الذي قضى 30 عاماً بسجون الاحتلال وتحرر في صفقة وفاء الأحرار عام 2011م.

وأن الشهيد “رماح الحسني” كان على علاقة حميمة مع الشهداء الأبطال, ومنهم الشهيد المجاهد “محمد عقيلان” و “شمس عمر” و “محمد عابد” و “أكرم عقيلان” و”عثمان أبو حجر” والعديد من الشهداء الأطهار.

 

 

 

رحيل الأحبة

ارتقى شهيدنا المجاهد “رماح الحسني” مساء يوم الأربعاء بتاريخ 7-9-2011، أثناء في عملية اغتيال صهيونية أثناء قياداته سيارته الخاصة غرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، فرحل شهيداً إلى علياء المجد والخلود كما تمنى مقطوع الرأس كشهادة الإمام الحسين عليه السلام ، وممزق الأشلاء والجسد .

الجميع في بيت العزاء طاق لرؤية الشهيد رماح وهو محمول على الأكتاف داخل تابوت، لكن تفتت جسده الطاهر حال دون ذلك، وحرم كذلك شقيقته الصغيرة من رؤيته رغم أنها اخترقت جمهور المشيعين لإلقاء نظرت الوداع على شقيقها البكر، لكنها أخفقت في تحقيق رغبتها.

ويؤكد أصدقاء الشهيد ومقربون منه أن أمنيته كانت دوماً الشهادة في سبيل الله، ونثر جسده أشلاء، وقد أوردها في أكثر من مجلس.ويؤكد المقربون منه أن فقدانه يمثل خسارة على المستويات كافة : الأكاديمي والفني والمقاوم.
وتجدر الإشارة إلى أن الشهيد رماح سبقه عمه “زكي الحسني” في ميدان الكفاح، حيث كان أحد كوادر حركة فتح ونال الشهادة في جنوب لبنان في الثمانينيات
.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى