شهداء فلسطين

25 عاماً على ارتقاء محيي الدين الشريف

المهندس الثاني لكتائب القسام

النشأة والميلاد:

ولد الشهيد محيي الدين الشريف في بيت حنينا بالقرب من المسجد الأقصى عام 1966م.

شهد في صباه مرارة التهجير والملاحقة والذبح في الطرقات على أيدي العصابات الصهيونية الآثمة التي تفردت في الشعب الفلسطيني.

تلقى تعليمه الأساس في مدارس القدس ومنها حصل على شهادة الثانوية العامة، ثم كان لدراسته معنى أراده فدرس

هندسة الإلكترونيات في كلية العلوم والتكنولوجيا إحدى كليات جامعة القدس.

وخلال دراسته كان يتنقل بين حلقات العلم في رحاب المسجد الأقصى حتى تجاوز في نشاطه من سبقه فتقدم عليهم.

اعتُقِلَ على خلفية النشاط والمشاركة في انتفاضة المساجد، ليتعرف على ثلة من مجاهدي الضفة والذي فتح له المجال للعمل العسكري.

كُلف بمساعدة المطلوبين وإيوائهم ليسجن مرةً أخرى لعامٍ ونصف وبعد خروجه من المعتقل بدأ التحول الكبير في حياته الجهادية.

مسيرته الجهادية:

بعد خروجه من السجن بأسبوع أصبح من أوائل المنتسبين إلى المجموعات التي أسسها الشهيد المهندس يحيى عياش

وعلى إثرها حاول الاحتلال اعتقاله في تموز/يوليو عام 1995م، غير أنه نجا من الاعتقال بأعجوبة حين خرج من الحصار المحكم

وهو يردد: (فأغشيناهم فهم لا يبصرون).

في هذه الفترة شدد العدو البحث عليه ونجا من محاولة اغتيال عام 1996م عندما فتح الاحتلال وأفراد من المستعربين النار على

سيارة كان يستقلها غير أنه تمكن من النجاة ومغادرة الموقع.

قبل ذلك كان خبر تجنيده وصل للشهيد يحيى عياش الذي أصر ومن غزة التعرف عليه وتدريبه فاستدعاه إلى قطاع غزة في النصف

الأول من عام 1995م ليتلقى تدريبات مكثفة في صناعة وتجهيز المتفجرات وتفخيخ السيارات.

كان هم المهندس العياش حينها من سيكمل المسيرة من بعده في الضفة، حيث وجد ضالته في الشهيد محيي الدين الشريف

وآخرين، عاد محيي بلقب المهندس رقم (2) إلى الضفة في الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز 1995م.

حيث أقام قاعدة ارتكاز، وعمل من خلالها على تجنيد الاستشهاديين الذين كان منهم لبيب عزام وآخرون، إلا أن الشهيد لم ترحه

حالته التي كان عليها ورأى في موقعه الجديد بُعداً عن الشهادة فقرر الخروج في يوم 23-8-1995م وهو يحمل في حقيبته القرار

عازماً من خلال وصيةٍ صورها لنفسه يودّع فيها أهله ويبقي لهم فيها شيئاً من ذكراه.

وصل خبره لقائد أركان كتائب عز الدين القسام – محمد ضيف الذي أقسم عليه بالله أن يعود إلى قواعده ليحمل الأمانة، فعاد وفي

عيونه الدموع.

بعد ذلك حمل محيي الراية وأخذ يبني ويجند ويطور ويبعد حتى كان أول فعله استهداف المحطة المركزية في (تل أبيب) التي أوقعت

حسب زعم العدو أكثر من 63 جريحاً، ليبدأ بعد ذلك حرباً طاحنة ضد العدو الصهيوني.

حصاده الجهادي:

زلزلت عملياته أركان العدو، ووزعت الرعب في الشوارع، فأضحى شهيدنا الرجل الأول على المستويات الأمنية الصهيونية،

وكان من أبرز العمليات التي شارك فيها:

1- بتاريخ 26-2-1996م قام الاستشهادي “مجدي أبو وردة” بتفجير نفسه بحافلة في القدس خط رقم (18) المؤدي لمقر القيادة

العامة للشاباك والشرطة الصهيونية مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات.

2- عملية الاستشهادي إبراهيم السراحنة والتي نفذت من خلال تفجير حقيبة مفخخة وسط تجمع لجنود الاحتلال عند مفترق عسقلان؛

حيث سقط (32) صهيونياً بين قتيل وجريح.

3- فجر الاستشهادي رائد شغنوبي عبوته الناسفة في شارع يافا بالقدس وذلك في 3-3-1996م، لتعلن الشرطة الصهيونية مقتل العشرات.

4- وفي منتصف شهر أيار/مايو 1996م حاولت مجموعة فدائية بأمر من الشهيد محيي الدين الشريف أسر جندي صهيوني في القدس

إلا أنه استطاع الفرار من السيارة.

5- نظم الشهيد مجموعة من المجاهدين في ضواحي القدس الشرقية حيث قامت بوضع عبوتين ناسفتين في حاوية قرب موقف للحافلات

بمدينة (تل أبيب) انفجرتا بفارق نحو عشرة دقائق بتاريخ 15-1-1997م مما أدى لإصابة نحو (16) صهيونياً.

6- جهز الشهيد عبوات ناسفة قام المجاهد موسى عبد القادر غنيمات من صوريف بتفجيرها في مقهى (ابروبوس) في شارع “بن

غوريون” نحو الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر الجمعة 21 آذار/ مارس 1997م مما أدى إلى مقتل (3) صهاينة وإصابة (46) آخرين.

7- عملية “سوق محناه يهودا” بتاريخ 30-7-1997م حيث قام الاستشهاديان معاوية جرارعة، وتوفيق ياسي بتفجير العبوات التي يحملانها

بفارق عدة ثوان عند مدخلي السوق الذي يعد أكبر مجمع تجاري في الجزء الغربي المحتل من مدينة القدس منذ عام 1948م وهو من

معاقل “حركة كاخ” الإرهابية وأسفرت العملية عن مقتل (17) صهيونياً وجرح أكثر من (160) آخرين.

8- العملية الاستشهادية المزدوجة في “سوق محناه يهودا” حيث دوت ثلاثة انفجارات متتالية عند الساعة الثالثة مساء الخميس

4-9-1997م في شارع “بن يهودا” بمدينة القدس والتي نفذها الاستشهاديون بشار صوالحة، ويوسف الشولي، وخليل الشريف

وقد أسفرت العملية عن مقتل وإصابة (196) صهيونياً.

استشهاده:

في 29-3-1998م كانت الدنيا على موعد مع زفاف كبير للشهيد القائد محيي الدين الشريف الذي وصف استشهاده بالزلزال الذي عصف

بصورة السلطة الفلسطينية حينها، والذي أبرز بشكل جلي وللمرة الأولى مدى التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، حيث حملت

حماس مسؤولية الاغتيال للأجهزة الأمنية وللاحتلال، وعلى إثر هذه العملية تعقدت العلاقات الداخلية الفلسطينية ودخلت حينها في

أزمة نبأت بالانفجار الكبير الذي يمكن أن يحصل بين فتح وحماس.

مرت الحادثة في مخزن صغير في بيتونيا قضاء رام الله، ولكن توقفت ساعة الذكريات أمام قائد فذ، أتقن الحياة ورسم الدرب إلى الجنان،

معانقاً في أيامه غبار الجهاد تاركاً بذخ الحياة ونعيمها، كان يوم وداعه كبيراً، ازدحمت مدينة رام الله بالناس الباكين حباً يهتفون الانتقام،

أحبه المسيحي مع المسلم عاش الأطفال في صحبته كأنه والدهم.

ونبقى في تفاعل معه كأنه الحاضر الجميل، محيي سلام لروحك، وسلام لطيف عينيك، يا رجل العزائم.

زر الذهاب إلى الأعلى