وصايا الشهداء

وصية الشهيد عصام براهمة

                                                                                  بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أمام المجاهدين وعلى اله وصحبه أجمعين ومن سار على دربه وجاهد بجهاده بصبر وثبات إلى يوم الدين.

أمي، أبي، أخوتي، أصدقائي، أهل قريتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه رسالة موجهة إليكم تحمل آخر كلماتي وأنا راحل إلى الله وأنا ماض في سبيل الله، أريد أن أسمعكم أواخر كلماتي وأنا أعيش أواخر لحظات حياتي في هذه الدنيا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا علية حقا في التوراة والإنجيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا بيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم”…صدق الله العظيم.

أيها الأهل أيها المجاهدين في سبيل الله في كل مكان: إن الله سبحانه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم فما مقياس هذا الشراء وما هو دفع المؤمن في هذه التجارة مع الله سبحانه وتعالى، يشتري الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بثمن وهذا الثمن هو الجنة، وأي شيء أعظم من هذا الشراء ومن هذا الأجر؟ وشرط الشراء أن يقاتل المؤمن في سبيل الله وليس في سبيل الملك أو المال. القران الكريم يقول بأن يقاتل لا بد أن يقتل أو يقتل في سبيل الله فقد وعده الله بكافة كتبة بأن يمنحه الجنة جزاء على ما قدمه من تضحية في سبيل الله وفي سبيل إعلاء كلمة الله ودحر كلمة الطاغوت والشيطان، إن الله يتعهد للذين باعوا أنفسهم بأنه يبشرهم بالفوز العظيم، فما أجملها من تجارة وما أربحه من بيع.

أيها الأخوة المجاهدون في أكناف بيت المقدس وفي كل مكان من أرض الله: أدعوكم في البداية إلى قراءة القران والتمسك بالإسلام لأن الإسلام يعطيك الدفع الدائم نحو النصر ولأنه يخلق الثقة التامة بوعد الله، وأدعوكم إلى الجهاد في سبيل الله لتحرير فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. ففي الجهاد أيها الأخوة ميتنا شهيد تشهد له الملائكة أمام الله وعائدنا من قلب المعركة سعيد. فالله سبحانه ينصر من ينصره والله يطمئن المؤمنين المجاهدين الذين باعوا أرواحهم بتجارة مع الله بتجارة لا رجعة فيها بأنهم هم الرابحون وبنفس الوقت إن الله يبشر المجاهدين بأن العاقبة ستكون لهم في النهاية وأن الخير سوف يسيطر وسيطرد الشر وأن الحق سيزهق الباطل ، سيزهقه لا محالة فلنقاتل في سبيل الله ولا نخشى الأعداء ولا نخشى اليهود ولا نخشى كل من يناصرهم ولا نخشى الموت ، لا خشية من الموت في سبيل الله ، لأن تجارتنا مع الله والله لا يحيف علينا فلم ولن نخسر تجارتنا ، فلنبذل أرواحنا في سبيل الله لدحر اليهود من أرض فلسطين . فاستبشروا بيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم.

الأهل المجاهدون…أيها الأهل الصابرون: إن إحاطة القلوب بسياج الأيمان وإخراج الوهن منها هو أمانة في أعناقنا وسيسألنا الله عز وجل عن ذلك يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون. وان كراهية الدنيا الفانية وحب الآخرة والعمل لها والأقدام على الشهادة من أجل تحرير الوطن المحتل وإقامة سلطان الله المغتصب وإرجاع الأمور إلى جادة الصواب. كل ذلك يجب أن نعلمه للناس بجراحنا ونكتبه للأجيال بدمائنا. فوالله أيها الأخوة لموت في سبيل الله في عزة وكرامة خير من دنيا فيها ذل ومعصية وهوان ” ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم أو قتلتم لألى الله تحشرون” صدق الله العظيم.

فإلى المجاهدين في سبيل الله الذين يخوضون معمعان المعارك بكل عظمتها وفواجعها، بكل بطولاتها ومآسيها ليتفوقوا على أعدائهم بقوة النور الباهر الذي يضيء ضمير الحياة. إن في مواقع الجهاد الكثير من مواطن العظمة والعبرة. وأول ما يلقانا في هذا السبيل هو أن جذوة الحق التي تضاء بدماء الشهداء لا تنطفئ باستشهادهم، بل تزداد تألقا واندفاعا على نحو يبهر العقول والألباب. إن التضحية هي شرف الإنسان وهي شرف الحياة، فما دامت التضحية شرف فيجب أن يصرف النظر عن الشكل الفاجع والمؤلم الذي يفرضه عليها الظلم والطغيان، فمهما لقي المجاهد من عناء وتعب ونصب فإن ذلك كأنه لم يكن عندما يلقى الله شهيدا. فإن كرامة وتكريم الله له يكون بمثابة النسمات الباردة التي تطفئ حرارة التعب. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال ” والذي نفسي بيده وددت أني أقاتل في سبيل الله، فأقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل ” صحيح البخاري

وذلك لما يرى المجاهد عندما يستشهد من روعه وتكريم ومكانة عالية ودرجة رفيعة عند الله. فإن هذه الدماء ما هي إلا مسك وعطر وما هذه الجراح إلا أوراق دخول إلى جنّات النعيم بأذن الله. فالشهادة زهوا وفخارا. والشهادة أسمى وثيقة وأنصع بصمه في سجل التاريخ، وأن دم الشهيد درع يقي الأجيال القادمة ويعبّد لها الطريق إلى النصر.
وها أنا يا أمي ماض إلى الجهاد فهللي وكبري استبشارا بالنصر والشهادة ، وها أنا يا أمي ماض إلى الجهاد فقفي وارفعي رأسك ، فقد كنت خجولة بي أمام النساء حينما كن يعاتبنك لأنني أنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي . فليفهمن جميعا وليفهم الجميع بأن الجهاد والإسلام ليس كلمات تقال ولا شعارات تسطر على الجدران بل عمل يعمد الدماء والجراح وليفهم كل من كان يمد يده لمسح شعار الإسلام عن الجدران أن الأيمان لا يمحى من القلوب ، وأدعوهم إلى ترك كل ما هم عليه من جهل والسير على طريق الله على طريق الأنبياء ، طريق الإسلام طريق الجهاد في سبيل الله والابتعاد عن عبادة الأشياء والأشخاص.
وها أنا يا أمي أخرج عنزا من السجلات الباهتة لتحتل سجل الخلود ، وها أنا يا أمي أعيد رسم خريطة قريتنا عنزا من جديد التي لم تكن تسلم من عبث العابثين وعبث الأيام . أرسمها، وبماذا أرسمها؟ أرسمها بالدم والأيمان، أرسمها بالشمس والنور، أرسمها على ألحان الرصاص في سماء الوطن أرسمها بنور يتكامل مع نور أخوتي الذين سبقوني من أبناء هذه القرية: أبو فريد وفايز وراجح وعلاّم وخيري. وها أنا لاحق بهم لكي أنصب تاجا حباته من اللؤلؤ والأيمان لكي نضعه على رأس قريتنا عنزا ولكي نبعثه إلى القدس هديه، فيا أمي لا تبكي ألما بل كبري فرحا، فنحن أحياء عند الله ونحن أحياء في عيون المجاهدين.

وصيتي لكم جميعا أن تحملوا من بعدنا الأمانة، وصيتي لكم جميعا أن تحملوا من بعدنا الأمانة وأن تسيروا على طريق الشهادة والأيمان، أمانة الجهاد لتحرير أرض الإسراء أرض الأقصى أرض الأنبياء، وأنا آسف يا أمي آسف يا أمي وأستميحك عذرا لأنني لم أودعك فأنا يا أمي ماض في سبيل الله وكنت لا أطيق أن أراك تذرفين دمعا وتبكين وأنا ماض إلى الشهادة ونسأل الله أن نلتقي في جنّات النعيم على سرر متقابلين بأذن الله.
صبرا يا أبي.. صبرا يا والدي فأنا لاحق يا أبي بشهداء الإسلام لأمهد الطريق أمامكم إلى جنّات النعيم إلى جنّات الخلد إلى جنّات الله، فالشهيد يا أبي يغفر (يشفع) عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة لسبعين من أقاربه وهذه كرامة من الله يمنحها للشهيد.

فصبرا يا أبي صبرا يا أخوتي لا تبكين بل هللن وكبرن فرحا واستبشارا.
وأخوتي إليكم ، إليكم يا أخوتي هشام وجهاد وباسل أقول لكم سيروا على طريق الله سيروا على طريق الجهاد ، جاهدوا في سبيل الله لتنالوا الفوز العظيم ، لتحظوا بأجر كبير من الله لتحفظوا بمغفرة من الله ولتفوزوا بجنات يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، هذه هي طريقنا ، هذه هي عقيدتنا وهذا هو دربنا ، درب الإسلام طريق الله درب الشهادة في سبيل الله لإعلاء كلمة الله لرفع راية الإسلام خفّاقة في كل مكان وإنزال كل رايات الظلم والطغيان والشرك والكفر بالله.

 

 هذه وصية، فوصيتي لكم يا شباب الأمة أن تتقوا الله في أنفسكم وفي أهلكم وأن تتركوا كل مغريات الدنيا وأن تسيروا على طريق الجهاد في سبيل الله لتحرير فلسطين عربية إسلامية من النهر إلى البحر، بسم الله الرحمن الرحيم ” قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين”

فوصيتي لكم يا أبناء هذا الشعب المجاهد يا أبناء شعب فلسطين أن تتركوا الخلافات جانبا وأن تسيروا على خط واحد وان تسيروا على طريق الله فلا تنازعوا ولا تنافروا ولا تتناحروا فقفوا صفا واحدا في وجه اليهود، فقفوا صفا واحدا أمام أعداء الله.

 يا أهلنا في غزة يا مغاويرنا يا أبطالنا في غزة نناشدكم باسم الشهداء وباسم الجرحى وباسم المعتقلين وباسم كل المجاهدين أن تقفوا صفا واحدا وأن تتركوا كل خلاف وأن توحدوا صفوفكم فلا أحد يستفيد مما وقع بينكم غير بني صهيون ولا مثير للفتن غير مخابرات يهود فكونوا على قدر تحمّل المسؤولية وكونوا على يقين وكونوا على ثقة تامة بأنه لا نصر لنا إلا بالقرآن بأنه لا قوة لنا في وسط الخلافات والمنازعات.

بسم الله الرحمن الرحيم ” يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين”

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم الشهيد بإذن الله

 

عصام موسى براهمة

زر الذهاب إلى الأعلى