17 عاماً على أسر شاليط في عملية “الوهم المتبدد”
يوافق اليوم الأحد 25 حزيران / يونيو 2023م الذكرى السنوية الـ 17 لتنفيذ عملية “الوهم المبدد” التي استهدفت موقعاً
للجيش “الإسرائيلي” شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وقتل فيها عدد من الضباط والجنود الصهاينة، وأسر حينها
الجندي جلعاد شاليط من داخل دبابته.
وظلت العملية على مدار خمس سنوات مضت كابوساً يلاحق “الإسرائيليين” في أحلامهم فيقض مضاجعهم، شعباً
وحكومةً، ساسةً وعسكر، بل أثرت أكثر من ذلك في كونها أحدثت خلافات وانقسامات داخل المؤسسة الأمنية
“الإسرائيلية”.
ونفَّذت بمهارة وتقنيّة عسكريّة عالية المستوى تخطيطاً وأداءً في أقلّ من 15 دقيقة في معسكر “إسرائيلي”، وانسحب
المهاجمون ومعهم شاليط دون أن يمكن تعقبهم، رغم الإنذارات الساخنة حولها، ونفذتها كل من كتائب الشهيد عز الدين
القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام.
والعملية -وفق الإمكانات الفلسطينية المحدودة- ورغم استشهاد اثنين من منفذيها (المجاهدين حامد الرنتيسي ومحمد
فروانة)، وعدد من المخططين لها لاحقاً، كانت رداً قوياً على التمادي الصهيوني في قتل المدنيين واستمرار الاغتيالات
خصوصاً بعد المجزرة التي ذهبت ضحيتها عائلة الطفلة هدى غالية على شاطئ بحر غزّة حينها.
ويحسب لكتائب القسام الجناح العسكري لحماس على مدار خمس سنوات تمكنها من إخفاء شاليط للمرة الأولى في
تاريخ المقاومة في الإطار الجغرافي لفلسطين، وفشل كافة المحاولات العسكرية والأمنية “الإسرائيلية” للوصول إليه.
تضحيات كبيرة:
ودفع الفلسطينيون ثمن هذه الحملات فاستشهد حتى ديسمبر/ كانون الأول 2006 أكثر من 400 شهيد، فضلاً عن
الجرحى، وبالإضافة لذلك تدمير المنازل وحالة الحصار الاقتصادي الخانق؛ ولكن ظلّت هناك حالة شبه إجماع فلسطينية
على ألا يفرج عن الأسير دونما عملية تبادل أسرى.
وبالطبع لم يفُت الفلسطينيين أن يشعروا بالازدراء من مظاهر نفاق المجتمع الدولي، وانشغاله بإطلاق شاليط بما في
ذلك المواقف الأميركية والأوروبية واتصالات كوفي عنان وحتى بعض “الزعامات” العربية.
وطوال تلك الفترة حاول الكيان الصهيوني الاستفادة من عنصر الزمن في البحث عن الأسير، كما والضغط على حماس،
وفي القيام بحملات القتل والتدمير، وفرض الحصار والسعي لإسقاط حكومة حماس، لكنه فشل في كل ذلك.
لكنَّه في الوقت نفسه ترك المجال للتفاوض بشأن عملية تبادل الأسرى، مراهناً على أن إطالة أمد التفاوض ستخفف من
الشروط الفلسطينية، وخصوصاً بشأن أعداد الأسرى وشخصياتهم ونوعية الأحكام التي يواجهونها.
“إسرائيل” كانت تصرّ على عدم الالتزام بمبدأ التزامن في إطلاق السراح، وفي اختيار من تشاء من الأسرى لإطلاقهم، وهو
ما كانت ترفضه حماس التي تمسكت بالإفراج عن عدد كبير من أصحاب المحكوميات الطويلة.
وفي 11 تشرين الأول / أكتوبر 2011 تحقق هدف عملية “الوهم المتبدد”، وخضع الاحتلال الصهيوني أخيراً لإرادة
المقاومة، كما أُجبر على القبول بأغلب مطالب المقاومة، وتم التوقيع على صفقة تبادل الأسرى برعاية مصرية.
وبموجب الصَّفقة التي أطلق عليها “وفاء الأحرار”، أُفرج عن 1050 أسيراً وأسيرة مقابل شاليط الذي أسر من داخل دبابته
العسكرية التي كانت رابضة على الحدود تنتظر فريسة فلسطينية لاقتناصها.
ضباط وجنود أسرى بغزة:
بالإضافة لذلك أسرت كتائب القسام أربعة ضباط وجنود صهاينة منذ عام 2014 وترفض الإفصاح عن أية معلومة تتعلق
بهم قبل إطلاق الاحتلال سراح محرري صفقة “وفاء الأحرار” الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم بالضفة الغربية المحتلة.
وخلال حرب 2014 الأخيرة على قطاع غزة أسرت القسام الضباط في لواء “جفعاتي” هدار غولدين، والجندي في لواء
“غولاني” أورون شاؤول، إضافة إلى الجنديين إبراهام منغستو، وهشام السيد.
كان من اللافت كشف نائب قائد أركان القسام مروان عيسى قبل أسبوعين عن سعي الكتائب لـ “زيادة غلتها” من الجنود
“الإسرائيليين” الأسرى؛ لعقد صفقات تبادل لتحرير المعتقلين في سجون الاحتلال، على غرار صفقة “وفاء الأحرار”.
وجاء حديث عيسى، المطلوب منذ سنوات طويلة، في أول ظهور إعلامي له خلال حديثه مع برنامج “ما خفي أعظم”
الذي بثته قناة الجزيرة، والذي كشف خلاله مشاهد جديدة للجندي شاليط خلال أسره.
كما جدد نائب الضيف تأكيده أن المقاومة تمتلك أوراق مساومة قوية لإنجاز صفقة تبادل أسرى مشرفة، “وهو الملف
الأهم الآن لدى القسام”.
ويُظهر تصريح عيسى مدى أهمية ملف الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس، منذ نجاح صفقة
شاليط.
بالإضافة لذلك أكد عيسى أن “وحدة الظل القسامية تحافظ على أسرى الاحتلال حتى اللحظة، وأن الكتائب تعمل على
تحرير كل الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون الاحتلال”.
هذا ويقبع في سجون الاحتلال ما يزيد عن 5 آلاف أسير بينهم مئات المرضى والمحكومون بالسجن المؤبد يترقبون
صفقة تبادل تحررهم.