وصية الشهيد رائد مسك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين …الذي جعل للمجاهدين الأجر والتمكين وجعل للشهداء منازل الفردوس ومنازل عليين..والصلاة والسلام على شهيدنا وأمامنا وحبيبنا وقرة عين المجاهدين أمام المجاهدين وقائد الغر الميامين وعلى آله وأصحابه والتابعين…وعلى الشهداء والصالحين ومن سار على درب وطريقه وطريقهم إلى يوم الدين.. وبعد؛
فإنني أنا العبد الفقير الى الله.. أحوج العباد إلى مغفرته ومرضاته.
الشهيد الحي رائد عبد الحميد عبد الرزاق مسك “أبو مؤمن”
إنني سأكتب وصيتي هذه أملا من الله تعالى أن تكون خالصة لوجهه الكريم … وأن يجعلها شهادة خالصة في سبيل الله تراق فيها دمائي.. تتبعثر فيها أشلائي.. وتكون حجة لنا يوم اللقاء.. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. وإنني اكتب هذه الوصية في عجالة من أمري ولن أطيل.. لقد سمعت قول الله تعالى يحثني وينادني (من المؤمن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينظر وما بدلوا تبديلاً) وقوله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك وهو الفوز العظيم)، ولقد رغبتني أحاديث الشهادة كحديث (للشهيد عند الله ست خصال.. وحديث أن الشهيد يأتي يوم القيامة لونه لون الدم وريحه ريح المسك.. وبيان منزلة الشهداء عند الله إنني لما سمعت ذلك قررت أن أقدم روحي ونفسي ومالي وبيتي وما أملك في سبيل الله لعل الله يقبلني عنده في الشهداء ويكرمني بكرامة الأولياء … ويكفيني فخراً أن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته فكيف بي إذا أقبلت على الله شهيداً مقراً لعيون المؤمنين وشافياً لصدورهم (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين) أسال الله بشهادتي هذه أن أشفي صدور قوم مؤمنين.
وإنني إذ أقدم وصيتي هذه على شكل رسائل اسأل الله القبول.
زوجتي الحبيبة.. “أم مؤمن”..أيتها الزوجة الغالية الصابرة المحتسبة والله لا أدري ماذا أقول وبأي حديث أتحدث؟ فقد عشت معك أجمل أيام حياتي، أنا أعلم أنك ستعاني وتتعبي من بعدي، حيث تربية الأطفال.. والتعب.. والنصب .
زوجتي الحبيبة .. “أم مؤمن”
أيتها الزوجة الغالية الصابرة المحتسبة ، و الله لا أدري ماذا أقول و بأي حديث أتحدث ؟ فقد عشت معك أجمل أيام حياتي , أنا أعلم أنك ستعاني و تتعبي من بعدي , حيث تربية الأطفال … و التعب … و النصب … و فقد الزوج … و هدم البيت … و ها أنا أرحل عنك إلى حياة أخرى … و إنني هناك بانتظارك … و عذري أنني تركت ورائي امرأة ، هي أنت ، تعدل أكثر من مائة ألف رجل .. أنت نعم الزوج الحنون … كنت سيدة سيدات الدنيا و إن شاء الله ستكونين سيدة حواريات الجنة ، أكثري قول (رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة) ، و مرة أخرى لا أدري ماذا أقول ؟ لكن سامحيني و أكثري من الدعاء لي … و غداً نلقى الأحبة محمداً و صحبه – لقاؤنا في الجنة إن شاء الله .
أولادي الأحبة
فلذات أكبادي … مؤمن و سما .. و من في بطن أمه … من سيكون إن شاء الله على وجه الأرض بعد أربعة أشهر ، و الله إني كتبت كثيراً من الرسائل و ألقيت كثيراً من الخطب ، و لكني لا أدري كيف أبثكم شجوني ، ماذا أقول ؟ لقد تركتكم و ذهبت عنكم … و اخترت طريقاً أحببتها و عشقتها … ما تركتكم وحدكم … فكل الشعب معكم ، و إن لم أستشهد فسأموت (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون) , و لقد تربّى الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ، بأبي و أمي و روحي و عقلي هو ، فقد تربى و نشأ يتيماً ، لكنه قال : (أدبني ربي فأحسن تأديبي) ، لقد استخلفتكم خيراً مني … لقد تركت تربيتكم ليتوكّلها عني ربّ العالمين , و هو نعم المولى و نعم النصير … ستكبرون أيها الأولاد و ستعيشون من غير أب و لكن الله سيكون معكم … فهناك الملايين الذين يعيشون أيتاماً و القليل منهم أبناء الشهداء .
أولادي … لقد كنت حريصاً على تحفيظكم القرآن قبل أن توجدوا … و أنتم في بطن أمكم … و أنتم ترضعون كنت أقرأ لكم على أمل أن تحفظوا ، فقرت عيني حبيبي مؤمن عندما حفظ سورة تبارك ، و سوراً كثيرة غيرها .. ، أمنية الأمنيات عندي كانت حفظ القرآن و أنتم دون السادسة … هكذا نشأ الإمام الشافعي فقد نشأ يتيماً ، لكن خلفه أماً تعدل مئات الآلاف من الرجال … و أمكم هي كذلك تعدل المئات من الرجال … أولادي الأحبة … تركت لكم رسالة تقرؤونها عندما تكبرون … حفظكم الله و رعاكم .
الأهل و الأحباء
إخواني و أخواتي … أبناء عمومتي …في فلسطين ، أرجو منكم مسامحتي … فقد قصّرت في حقّكم كثيراً … و لقد أتعبتكم كثيراً … لقد كنت في الفترة الأخيرة أحاول أن أقضي أكثر وقتي معكم … و لكن أمور الدعوة و الجهاد حالت دون ذلك … لقد كنت حريصاً على جمع شمل العائلة و على أن تكون هذه التجمّعات بالنسبة لي دعوة إلى الله و كشفاً لنفسيات الشباب ، أوصيكم من بعدي أن تتوحّدوا و تكونوا على قلب رجل واحد ، و لا تختلفوا .. إخواني و أخواتي أوصيكم جميعاً بتقوى الله و طاعته … و المحافظة على الصلوات و خاصةً في جماعة و أخص صلاة الفجر ، أريد منكم أن تربّوا أبناءكم و بناتكم على عشق الشهادة و أن تكونوا بناة الأمة إن شاء الله … لقد كنت حريصاً دائماً على تذكيركم بالصلاة و غيرها ، أما الآن فسأترك دمي يخاطبكم و يوصيكم ، و إن كان كلام الدماء غير كلام الشفاه … أظن أنكم الآن ستستيقظون .. لقد أعطيت كل واحدٍ منكم أشرطة لتسمعوها ، فهذه حتى تكون بادرة خير و انتقال من حياة الروتين ، الأكل و الشرب و النوم .. إلى حياة الدعوة و الجهاد… أكثروا من الدعاء لي و لوالديّ و سأوصلهما بإذن الله تحياتكم و أشواقكم … كلما دعوتكم كنت أتذكرهم , و ها أنتم تتذكروني معهم … فأكثروا الدعاء … و سامحوني و لكم مني التحية .
أحبتي الغوالي .. عشاق الشهادة
شباب المساجد في فلسطين و في كل مكان في العالم …الحديث معكم دائماً ذو شجون ، أوصيكم … فأنتم تعلموني … و كنت بينكم أعيش بجواركم و أحس أن حياتي تتغير ببعدي عنكم … و لكن ذهبت قبلكم و أنا مع الشهداء بانتظاركم