شهداء فلسطينعمليات جهاديةقصص الشهداء

نمر الجمل: العامل الفلسطيني مقاتلاً

ثوانٍ معدودة كانت كفيلة بقلب المشهد رأساً على عقب؛ من روتين يومي خانق إلى ساحةٍ دموية لم تهدأ تداعياتها بعد.

مستوطنة “هار أدار”

هذه المستوطنة التي شهدت بصمة الجمل، يدخلها يومياً أكثر من 300 عامل فلسطيني للعمل في قطاعات مختلفة؛ أهمها قطاع البناء والخدمات. يفتح الحاجز بوابته الساعة السابعة صباحاً، ويصدّها ريثما يَفرُغ العمال من أعمالهم وينطلقون نحو بيوتهم في القرى المحيطة. يتضمن العمل هناك شروطاً متعددة؛ أهمها موافقة جهاز المخابرات، وتصريح عمل خاص. غير أن هذه الشروط لا تخوّل العامل للتجوّل في المستوطنة أو التعامل مع سكانها بحرية، كما أن التصريح لا يسمح للعامل سوى بدخول هذه المستوطنة، فلا يسمح له مثلاً بدخول مختلف الأراضي المحتلة عام 1948 أو القدس.

عقد الشهيد نمر الجمل العزم على أن يكون اصطفافه الصباحي المعتاد قُبيل الدخول إلى مستوطنة “هار أدار”، المقامة على أراضي قطنة وبيت سوريك وبدو شمال غرب القدس، مختلفاً هذه المرة. ثوانٍ معدودة كانت كفيلة بقلب المشهد رأساً على عقب؛ من روتين يومي خانق إلى ساحةٍ دموية لم تهدأ تداعياتها بعد. بقتله ثلاثة من الجنود وحراس المستوطنات

الأختيار الموفق و الأمثل

ليست مستوطنة “هار أدار” بالمستوطنة العادية، إذ إنها من أكثر المستوطنات ثراءً، بل تقطن فيها العديد من الشخصيات العسكرية والأكاديمية والسياسية، من بينهم الجنرال يسرائيل زيف، ورئيس معهد السياسات والاستراتيجيات-هرتسليا الجنرال داني روتشيلد، والمستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية آلان بيكر، إضافةً إلى ثلة من صناع القرار والمتنفذين في عوالم الأعمال والسياسة. كما يصوّت سكانها للأحزاب المحسوبة على اليسار الصهيوني، مثل “يش عتيد” وحزب “العمل”، و”ميرتس”

انطلق الشهيد الجمل بشكل فجائي بعد أن شك أحد الجنود في نواياه، مطلقاً رصاصاته بخفة وحزم من سلاحه المهترئ، ومُردياً ثلاثةً من الجنود أرضاً. ذاك الشك هو في حقيقته ملازم للصهيونية في بلادنا؛ الشك من كل شيء حتى من الأفق الهادئ والشارع الخاوي على عرشه. هذا الشك هو ذاته الذي دفع الصهاينة للارتباك من وجوه “أبناء جلدتهم”، وقتل بعضهم البعض في بداية الهبة الفلسطينية الحالية، ظناً منهم أن الذي أمامهم مقاومٌ فلسطينيٌ، ليتضح لاحقا أنه صهيوني من خلفية عربية، في إشارةٍ إلى أن الصهيوني يرى الفلسطيني في مرآته وأركان بيته، ويُقدم على “اصطياد شبحه” في كلّ مكان.

حمل الجمل مسدسه المسروق من الجيش الصهيوني في العام ٢٠٠٣، وأطلق نيرانه بدقة عالية وحرفية لتصيب رصاصته القليلة أجساد أربعة من حراس المستوطنة، ثلاثةٌ منهم قضوا على إثر الهجوم

إنّ تلك الدوافع المختلفة وانتقاء اللحظة المناسبة للعملية ورمزيتها هي عوامل مركبة ومتعددة؛ منها ما هو ذاتي-نفسي، ومنها ما هو بنيوي-نفسي، ومنها ما هو نابع من العداء الفطري لمستوطنة بنيت على أرضنا التي هي أغلى ما نملك

تم احتجاز جثمان الشهيد الطاهر  5 أشهر.. وتشيع جثمانه  في مسقط رأسه بلدة بيت سوريك، شمال غرب مدينة القدس المحتلة

تغادرون بلون القوافي العاشقة حُلُم من حُلُم وأحلامُكم بيضاء كسماء نصرنا الآتي

زر الذهاب إلى الأعلى