شهداء فلسطين

«نبيل العرعير» منفذ أول عملية استشهادية في انتفاضة الأقصى

عصية تلك الكلمات على إيفائكم حقكم علينا.. وعاجزة تبقي في مدحكم أيها الأحباب.. نذكرك اليوم يا نبيل حزناً وفخراً.. يا من رحلت مسرعاً قبل أن ترى فرحة الدم الذي هزم السيف.. يا من حلّقت في سماء الوطن بعد أن كتبت أحرف اسمك من نور في قلوب المحبين.. يا أخوتي في الجهاد.. سيروا على درب الشقاقي الشهيد اقبضوا على سلاحكم بقوة.. في كل يوم عرس ووداع أحبّه .. لا تهدءوا.. تألقوا.. ثوروا كما ثار نبيل وأعلن بدمه أن لا مكان لهذا الغاصب على أرضنا المباركة.

مضيتم.. مرابطين فوق ارض الرباط حين عز الرباط.. وخضتم القتال واعنف القتال حين عز القتال.. وحملتم السلاح في زمن عز فيه السلاح.. قبضتم على جمرة الدين وجمرة الوطن.. وصعدتم والدنيا من حولكم في هبوط وانحطاط.. واشتعلتم بالفرح والأمل والدم حين انطفأ الآخرون.. وانتم ذاهبون إلى الشهادة فداءً للدين والأمة والوطن فيما قادة الأمة ماضون في غيهم.. فكان موعدكم مع التاريخ، وكانت الأمة على موعد مع ثورتكم الباسلة، التي ولدت عملاقة، وشمخت بسواعدكم.

ميلاد فارس

أبصر شهدينا المجاهد “نبيل فرج العرعير” النور في الثالث من أكتوبر للعام 1976م، وسط أسرة محافظة ملتزمة، تلقى شهدينا تعليمه في مدارس وكالة الغوث للآجئين ، وتميز منذ نعومة أظفاره  بمقارعه الاحتلال وكان له شرف المشاركة في الفاء الحجارة على جنود الاحتلال والكتابة على الجدران مما اجبر قوات الإحتلال على إعتقاله لمده 7 شهور.

علاقاته الاجتماعية

كان ما يميز الشهيد الفارس نبيل صدقه وصفاته الحسنة ، مما جعل له الأثر الأكبر على حياته الإجتماعية ،حيث  كان شهيدنا القائد يتحلى بصفات طيبة، طيب القلب مرضياً ومطيعاً وباراً بوالديه وحنوناً عطوفاً على إخوانه ويذكر احد إخوة الشهيد انه كان يقبل قدمي أمه وأباه حتى يرضيا عنه في الدنيا ، وكان يحب إخوانه حباً كثيراً، أما على إخوانه الصغار فكان الأب و الأخ الكل يحترمه ويحبه.

كان نبيل رحمه الله محب دوماً لمساعدة الفقراء والمحتاجين، فيقول لوالدته انه يحب أن يعيش عيشة الفقراء والمساكين، وكان يردد دوماً ‘ اللهم احشرني مع زمرة المساكين’، يذكر أن شهيدنا عندما كان ينفق في سبيل الله لا يحب ان يخبر أحدا بأي شيء يقوم بعمله من أعمال الخير  ، حيث أن عجوزاً كان يسكن بجوار منزله أدلى بتلك الشهادة.

وعن مساعدة ” المعاقين ” كان الشهيد يجيد حلاقة الشعر، كان شهرياً يقوم بحلاقة الشعر لكافة المعاقين بالمركز الخاص بهم ولمدة تزيد عن الـ5 أعوام .

رغم أن الاستشهادي الفارس “نبيل العرعير” ليس بالابن الكبير إلا أن والده الحاج “أبو نبيل” كان مصراً على زواجه قبل أخيه الأكبر ، إلا أن الفارس ” نبيل” رفض رفضاً جازماً أن يتزوج مع أخيه وطلب من شقيقه أن يتزوج في شقته التي أعدت من اجله، ليصبح بعدها فرسنا إنموذجاً يتحتذى به في الإيثار على النفس وحب الخير للغير.

كان الشهيد” نبيل العرعير” محافظاً على أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد، وما كان يميز الشهيد في عباداته “قيام الليل” حيث كان حريصاً على أداءها بشكل يومي ، لما لها من أجر وثواب عظيمين . وكما ذكر أخ الشهيد “أبي بلال” للإعلام الحربي”، أن صلاة قيام الليل قبل استشهاده بيوم جمعته بـ “نبيل” ويتابع ان الشهيد نبيل كان يجهر بصوته العذب.

كان لشهيدنا “أبا فرج” عدة مواقف حيث أنه على الرغم من الانقطاع عن التعليم والانشغال بمركز المعاقين إلا أنه وفي آخر فترات حياته أصر على تقديم امتحان شهادة الدراسة الثانوية “توجيهي”  وعند صدور النتائج كان الأهل بإنتظار أن تخرج الإذاعات والصحف باسم الشهيد على بند الناجحين ، وجاء مبتسماً وقال لهم سأجلب لكم شهادة أفضل من كل الشهادات “سلامة تسلمكم” !؟  حيث استقبل الأهل كلماته بالضحك الشديد وكأن الله أحب أن يضع الفرحة في قلوبهم بإستشهاده سلفاً.

كان عندما تصلي والدته الفجر يأتي إليها عائداً من المسجد لينشد على مسامعها كلمات وصفتها بـ “العذبة الجميلة ” حيث كان يقول “صليت الفجر يايما صليت، وطلعت على بساط الحرم صليت ، صليت الفجر يا يما صليت “.

إرهاصات الشهادة

كل من رأى الشهيد في الأيام الأخيرة من حياته شعر بأنه على وشك الرحيل، حيث إنه قال لأحد إخوانه ” أنا على موعد مع الجنة ، فقد رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وهو في الجنة يبسط لي بساطاً أخضراً وقال ” ، فأدركنا إن أيام “نبيل” معنا أصبحت معدودة . ويتابع كان يتمنى أن يرزقه الله الشهادة في عملية استشهادية ، فنال ما كان يتمنى .

أول عملية استشهادية في انتفاضة الأقصى

بدى وجه شهدينا “نبيل العرعير” في اللحظات الأخيرة من حياته وكأنه بدر يوزع النور أمام كل من يراه، وفي السويعات القليلة المتبقية لتنفيذ العملية الاستشهادية بتاريخ 26 – 10 – 2000م، توجه فارسنا إلى ربه قائماً ليله متهجداً في العبادة ، حيث أن الشهيد كان قد استحتضر نية الصيام، حتى جاء الخبر اليقين، استقل شهيدنا المجاهد دراجة نارية “مفخخة ” قرب موقع “كيسوفيم” العسكري شرق خانيونس، ليخضب تراب غزة وفلسطين بدمائه الطاهرة وليكون المنتقم الأول والاستشهادي الأول في انتفاضة الأقصى موقعاً ثلاثة قتلى من جنود الاحتلال، إضافة إلى العديد من الإصابات.

زر الذهاب إلى الأعلى