شهداء فلسطين

لكل من إسمه نصيب .. فارس عوده

… لكل من اسمه نصيب .. فارس عوده

فارس عودة (1985 – 2000) طفل فلسطيني قتلته نيران الجيش الإسرائيلي قرب معبر كارني في قطاع غزة بينما كان يرمي الحجارة خلال الشهر الثاني من انتفاضة الأقصى ويذكر هذا البطل الصغير بكونه تصدى لدبابة إسرائيلية بحجارته الصغيرةوأثارت هذه الصورة المجتمع الدولي وتصدرت صفحات الصحف والمجلات العالمية حينها.

قال الصبي فارس عودة 15عاما لأصدقائه قبل موته انه يريد ان يصبح شهيدا للقضية الفلسطينية، وكان له ما أراد، فقد قتل برصاصة أطلقها جندي إسرائيلي وترك ينزف حتى الموت.. قتل فارس بعد بضعة أسابيع فقط من عيد ميلاده الـ15، غير ان هناك صورة نادرة ستظل تخلد ذكراه يظهر فارس في هذه الصورة بجسده النحيف وقامته القصيرة يرتدي سترة واسعة وهو ينحني الى الوراء لقذف حجر باتجاه دبابة إسرائيلية لا تبعد عنه سوى حوالي 15 ياردة فقط

تقول انعام عودة 40 عاما، والدة فارس، ان قلبها ينفطر عندما ترى صورته لكنها تؤكد انها فخورة به وانها تعتبره بطلاً لأنه كان يقف متحديا أمام دبابة وتضيف انعام انها عندما ترى أقرانه عائدين من المدرسة لا تتمالك نفسها وتنفجر باكية وتتابع وهي تبكي بصوت منخفض انها قالت لجيرانها انها تخشى ان يكون فارس قد استشهد للا شيء وتخشى ان يعود كل شيء الى سابق عهده ويكون كل ما حدث انها فقدت ابنها.

وتقول والدة فارس انه كان يتمنى الاستشهاد، مؤكدة انه لم يكن يحب الشهرة، بل على العكس من ذلك، إذ انه كان يخشى التصوير والظهور أمام الكاميرات خشية ان يراه والده ويعاقبه على ذلك وتضيف انها أعادته الى البيت يوما من وسط الاشتباكات وقالت له إذا كنت تريد ان تشارك في الرشق بالحجارة فلا مانع لكن من الأفضل ان تتخذ ساترا ثم لماذا انت دائما في المقدمة متقدما حتى على من هم أكبر منك سنا، إلا ان فارس رد بأنه لا يخاف.

وحاول والده، فائق، كل ما في وسعه فلم يضرب فارس فقط، طبقا لما روته أمه، بل ضربه بعنف لإلقاء الحجارة كما ان فائق، وهو طاه في مطعم، حبس فارس في حجرته لكنه تمكن من الهرب عبر النافذة ونزل مستخدما أنبوب المجاري وفي أول نوفمبر تشرين الثاني وبعد شهر من المصادمات قتل شادي، ابن عم فارس الذي التحق بالشرطة الفلسطينية، في مواجهات في غزة وقالت انعام ان فارس عندما سمع بما حدث اقسم على الانتقام لموته وذهب الى جنازة شادي ووضع صورة له في إكليل الزهور وقال ان هذا الإكليل سيكون إكليله أيضا.

وفي ساعات متأخرة من الليل كان والدا فارس يتحدثان بهدوء في حجرتهما وذكر والده انه يشعر بالخوف على فارس وتتذكر انعام انها كانت تقول أخشى من حدوث شيء سيئ وكان الأولاد يتوقفون أمام المنزل لتحذير انعام ان فارس ذهب مرة اخرى الى معبر كارني لقذف الحجارة وازداد قلقها خاصة انه كان يأكل القليل ويقضى يومه يتسلل وسط نيران الأسلحة، واصبح هزيلا للغاية .

وتقول من المؤكد انني ذهبت للبحث عنه اكثر من 50 مرة، ذهبت في أحد الأيام ثلاث مرات وكنت اجلس، أحيانا، لتناول طعام الغداء، وقبل ان ابدأ الأكل يحضر بعض الأولاد ويقولون ان فارس في كارني يلقي الحجارة واترك معلقتي واهرع للبحث عنه وقتل فارس في 9 نوفمبر في معبر كارني بعد عشرة أيام من التقاط الصورة الشهيرة له وهو يقذف دبابة اسرائيلية بحجر فقد أطلق عليه النار وهو ينحني لالتقاط حجر، طبقا لما ذكره أصدقاؤه ـ بالقرب من دبابة إسرائيلية، ولم يتمكنوا من سحب جثته الى سيارة إسعاف لأكثر من ساعة وأعلن المستشفى وفاته لحظة وصوله .

بالنسبة للفلسطينيين فارس بطل، شجاع، ونموذج ولكن ليس بالنسبة لامه التي قالت وهي تبكي فارس كان صبيا يحبني محبة شديدة دمه يساوي الكثير جدا .

يا فارساً في زمن الرداءة انتفضت
وحيداً في وجه الدبابة وقفت
بحجر صغير من أرضك قاتلت . . .
يوم أن عز السلاح .. .كان في يدك الحجر هو السلاح ..
والسلاح بالمليارات. أبناء العروبة ابتاعوه …
وخلف الأبواب الموصدة …وفي مخازنهم وضعوه…
بالمليارات …طائرات …دبابات…صواريخ …رشاشات …
لمن …قالوا للعدو…
ومن هو العدو …العدو هو العدو…
يا فارساً..في عمر الزهور..هزتك النشوة والفخار
وأنت ترى العروض العسكرية والعربية …
“طائراتٌ ..صواريخٌ..دباباتٌ.. جند وخوذاتٌ..
سواعدٌ مفتولة..وقادةٌ عظام.. ”
فداعبتك الأحلام ..طفولة لم تلوثها الأحزاب والتجمعات..
طفولة صدّقت البيانات , والإذاعات , والتنظير والفضائيات..
هزت مشاعرك جموع المصلين ..في الأقصى .. في رمضان الخير وفي كل جمعة..
تحت سنابك الخيل ..تحيط بهم الجند.. والكلاب ..
جندي يصفع شيخاً ..
جندي يضرب امرأة..
جندي يركل شاباً..
يا فارس الأمل ..يا فارس العودة …
انتفضت يوم رأيت الدبابات تجتاح المباني …
انتفضت يوم رأيت الجرافات تقتلع الزيتون… رمز السلام ..
انتفضت يوم رأيت الجرافات تقتلع النخيل … رمز الشموخ …
انتفضت حين رأيت الجرافات تدمر البيوت الزراعية ..
عرق الفلاح …وكده …وتستمر لتهدم المنازل …
تجرف تراب الوطن .. تجتاح الأخضر واليابس .. ولم تسمع إلا شجباً واستنكاراً
أفقت من حلمك …فعلمت أن دبابات الاستعراضات…
وطائرات الاستعراضات ..وصواريخ الاستعراضات
وجند الاستعراضات …ومنصات الاستعراضات …
لم تكن .. لنصرتك.. ولن تهتز لمشاعرك ..ولن تتحرك لتحرير فلسطين ..
وآمنت بأنها لحماية الكراسي …لا لحماية الأوطان أنشئت ..
جند الحكام.. لا جند الأوطان..
أفقت من حلمك ..صحوت ..
امتشقت الحجر .. وتوجهت إلى الميدان ولسان حالك يقول :
هنيئاً للحكام بجيوشهم و هنيئاً للجيوش بأسلحتها ..وهنيئاً للقادة بنياشينهم …
وهنيئاً للجند بشجاعتهم …
بوكاسا مات …
مات بنياشينه التي تدلت على صدره حتى ركبتيه …
نياشين كثيرة ولم يخض أي معركة …هنيئاً لقادة العروبة والإسلام ونياشينهم …
والموت لك يا فارس المجد … يا فارساً في زم الرداءة ..
اسمك فارس ..
يا فارس فلسطين ..يا فارس العرب .. يا فارس الملمين …
ولسان حالك يترنم …بحب الوطن .. بحب القدس …
أنا صامد ..
في وجه الدبابة صامد ..
في وجه الصاروخ صامد..
في وجه اسرائيل صامد …
في وجه أمريكا صامد ..
في وجه عبيد أمريكا صامد ..
أنا إن سقطت على التراب فمن أجل هذا التراب وله فبطن الأرض خير من ظهرها …
فيها أدفن …فيها أنمو .. جذراً يزهر ..يثمر ..
أخوتي الفرسان على الدرب سائرون … اليوم بحجر .وغداً نوعٌ جديد يفتت الحجر ..
وتسابق الكل على تبنيك يوم سقطت … يوم استشهدت …
وأنت تقول بكل نبضة من قلبك …
هذا وطني .. أنا من فلسطين .. وإلى فلسطين ..
أنا لست عبداً لحزب , أنا لست عبداً لطائفة , أنا لست عبداً لزعيم ..
أنا لفلسطين .. كل فلسطين ..
اسمك فارس …
اسم أبيك عودة …حطمت الصور والتماثيل وسرت…
يا رمزاً للعودة ..شامخاً كالطود وقفت
داستك الدبابة ..فقتلت ولكنك لم تمت ..
فأنبتت الأرض ألف فارس …
حقاً كنت رمزاً للعودة … يا فارس العودة
فالعودة لا تحتاج إلى مفاوض ..
العودة تحتاج إلى فارس صلب .. لا يثني له عود ولا تلين له قناه …
سلاحه أمضى من الصواريخ .. إيمانه كإيمان الأنبياء .. لا ينثني عن رسالته ..
وإن داسته الدبابات …
فهو للوطن قربان ..
يا فارس …
يا أشجع الناس في أيام يخيم عليها الجبن و يسيطر عليها الجبناء …ويتحكم فيها الجبناء ويحكمون …
يا أشجع الناس .. بسلاحك من أرضك بدمك , جدت
يا أشجع الناس .. أنت أشجع من بوكاسا …
أنت أشجع من تشمبي …من عيدي أمين …
أنت أشجع من موشيه عنان …ومن ديكويار …
أنت أشجع من كل الغلمان …من كل العظام …يا أعظم الفرسان ..
من الغلمان الذين سطروا على صدورهم النياشين دون حروب…
هم العبيد حقاً … اشتروا أسياداً لهم يدفعون الأتاوات …
يا فارس العودة …يا حلماً لم يكتمل … يا زهرة في ريعانها قطفت .. دفنت
نم واهناً فقد بذرت الحب .. واعلم ..
بأن لك في هذا الوطن اخوة وجند .. جند لله .. إن أرادوا أراد …
فرسان قادمون …والويل يومئذ للمتخاذلين ..للعبيد …
وآيات النصر آتية ل لا ريب فيها ..يا فارس العودة .. آتية .. آتية
ولو بعد حين …

زر الذهاب إلى الأعلى