طارد الشهادة بلا توقف حتى نالها.. الشهيد عبد الله أبو حسن
“كان دائماً يطلب الشهادة، وفي كل مرّة حين كان يعود من المواجهات دون أن ينالها كنت أرى الحزن في وجهه”.. بهذه
الكلمات اختصر عماد أبو حسن حياة نجله الشهيد عبد الله في سنواته الأخيرة.
وكان ارتقى الفتى عبد الله (18 عاماً) شهيداً فجر الجمعة 22 أيلول 2023م خلال مواجهات اندلعت في بلدة كفردان قرب
بلدته اليامون غرب جنين، محققاً أمنيته التي سعى لتحقيقها لسنوات.
طلبها بصدق.. فنالها:
ويقول الدكتور عماد والد الشهيد عبد الله لوكالة أنباء: “عندما كان يعود عبد الله من المواجهات، كنت أُداري حزنه،
وأخفف عنه ببشرى أنه لعل موعد الشهادة سيكون في المرة المقبلة، وكنت أقول له أصدق الله يَصدقك، فيقول لي لم
أجاهد إلا رغبة بما عند الله”.
وعن حبه للشهادة يشير والده إلى أن نجله كان دائم القول “لا أرى الدنيا سوى سجن يخنقني”، فكان يُصّبره بالقول “من
أحب لقاء الله فإن الله يحب لقاءَه.
كما يضيف والد الشهيد “والله ما رأيت مجاهداً مخلصاً مثل إخلاصه، ولا حريصاً على الشهادة كحرصه”.
ووثقت عدسات الكاميرات اللحظات الأخيرة لحياة عبد الله؛ حيث كان والده من أوائل من عرفوا بإصابته فحاول إنعاشه،
لكن قدر الله غالب فتلقى الحدث رابط الجأش صابراً وهو يخاطب نجله الشهيد: “لقد سبقتنا إلى الشهادة التي طالما
طاردناها وحلمنا بها، وأنا على يقين أنك تنظر إلينا في فرح، تنتظر قدومنا إليك، ولا أظن أننا سنتأخر عنك”.
رفع رؤوسنا:
عمة الشهيد عبد الله أبو حسن، تحدثت عن سنواته الأخيرة: “لقد أحضر له والده دراجة نارية ليعمل عليها، لكنه كان
يستخدمها للمسارعة بالوصول إلى الأماكن التي يقتحمها الاحتلال”.
بالإضافة لذلك تقول: “دائماً وأبداً، أينما سمع بوجود اقتحام لجيش الاحتلال، يسارع للمواجهة والتصدي.. كان دائم الحركة
إذا سمع باقتحام الاحتلال للمخيم يكون هناك بعد دقائق ملتحقاً بالمقاومين”.
وعن معرفتها بالخبر تشير عمة الشهيد إلى أنها استيقظت على خبر استشهاده عبر إحدى مجموعات “التلغرام”.
كما تضيف وهي تستقبل المهنئين في بلدته اليامون “الله يرضى عليه، عبد الله رفع رؤوسنا.. الحمد لله رب العالمين،
صحيح أن الخبر أوجع قلوبنا كثيراً، لكن كان حلمه دائماً الشهادة”.
هذا اليوم يومي:
وعن ساعاته الأخيرة يقول شقيقه الأكبر حسن: “قبل أن يخرج عبد الله من المنزل، قدّم لنا الحلوى، وقال لنا -هذا اليوم
يومي- وبصراحه لم ندرِ على وجه الدقة، ماذا يعني بهذا القول”.
ويستدرك الشقيق الأكبر “لكن بعد نصف ساعة تقريباً من خروجه، جاءنا خبر إصابة عبد الله برصاص الاحتلال في بلدة
كفردان المجاورة لبلدتنا”، مكملاً “توجهنا مباشرة إلى المستشفى، فوجدناهم قد أعلنوا عن استشهاده”.
وعن مناقبه يوضح حسن أن شقيقه عبد الله “إنسان طيب محبوب معروف لكافة الشبان بأخلاقه في بلدتنا، وحتى على
مستوى جنين ومخيمها”.
مما يتابع بقوله: “وهذه صفات كل المجاهدين المقاومين”، مؤكداً أن شقيقه الشهيد كان منخرطاً في صفوف (كتيبة جنين).
وعن حبه للشهادة يختم حسن: “عبد الله ومن مدة طويلة جداً، ومن بداية الأحداث تقريباً ليلاً نهاراً وهو مع الشباب، وهو
يقاوم مع المقاومين، والحمد لله، ما سعى إليه ناله.. نال أن يكون شهيداً عند الله سبحانه وتعالى، فهنيئاً له الشهادة
وهنيئاً لنا شفاعته يوم القيامة”.
اقرأ أيضاً: جنين: شهيد في كفردان برصاص الاحتلال الصهيوني