دم الشهيد أبو عين وحكاية الجدار العنصري
خلال الأيام القليلة الأخيرة حظي استشهاد المناضل الفلسطيني زياد أبو عين، عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، ورئيس هيئة
مقاومة الجدار والاستيطان بالاهتمام الواضح من محافل إعلامية وسياسية على الصعيد الإقليمي والدولي، علاوة على الغضب الذي انفجر في الساحة الفلسطينية، والمطالبات بالثأر لدم المناضل أبو عين.
الشهيد أبو عين قضى وهو يواجه جنود الاحتلال رفضاً لبناء الجدار العنصري الذي تم إنشاؤه في عهد حكومة الإرهابي آرئيل شارون في شهر حزيران من عام 2002، وقد بررت حكومة العدو آنذاك أن “السياج الأمني يتم بناؤه بهدف إنقاذ حياة المواطنين الإسرائيليين”.
وهذا الجدار مبني من الإسمنت بارتفاع يتراوح بين (4.5 و9) أمتار في المناطق المأهولة بالسكان الفلسطينيين، وسياج إلكتروني في المناطق غير المأهولة، وبالرغم من أن 15 بالمئة من مقاطع الجدار تمتد على حدود عام 1948 المسماة بالخط الأخضر، إلا أن الباقي يبنى في الضفة الغربية ويدخل فيها بعمق يصل إلى 22 كم في منطقة إصبع آرئيل، ومسار الجدار يمر عبر أراضٍ مأهولة وزراعية في الضفة الغربية، ويمنع وصول الفلسطينيين إلى الشوارع المحلية وحقول المزارعين. ويعزل مسار الجدار في المنطقة الشمالية أكثر من 5 آلاف فلسطيني في مناطق “مغلقة” بين مناطق فلسطين 1948 والجدار، وقامت السلطات الإسرائيلية بتأسيس شبكة من البوابات في الجدار ونظام تصاريح مرور للتحرك خلال الجدار التي أثبتت عدم جدواها في توفير حياة عادية للسكان، وهو ما يؤكد أن الجدار أربك حياة الفلسطينيين.
وبناء على الخطة التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية في 30 نيسان 2006 فإن طول الجدار سيبلغ 703كم عند نهاية البناء، وهذه الخطة تعتبر التعديل من ضمن سلسلة من التعديلات، حيث إنه ومقارنة بالخارطة السابقة كان طول مساره 670كم والمعلنة بتاريخ 20 شباط 2005 والتي كانت أساساً تعديلاً على مسار سابق مقترح للجدار، وقد زاد من الطول المقترح بمقدار 48 كم بحيث أصبح طول الجدار المخطط 670كم بعد أن كان 622كم بحسب المقترح في 30 حزيران 2004.
ويمكن القول إن القسم الأكبر من الجدار قد بني في مناطق شمال الضفة الغربية، وهو يحيط بمدينة قلقيلية ومناطق شمال الضفة الأخرى، وسيضم المخطط كبرى المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة عام 1967 إلى منطقة تكون متصلة بالمناطق المحتلة عام 48 ولا يفصلها جدار عنها.
الشهيد زياد أبو عين والعديد من الشهداء ومئات الجرحى أصروا على الكتابة بالدم رفضاً لهذا الجدار الذي يساهم في تفتيت الضفة الغربية ذاتها، حيث يفصل مدنها عن مدينة القدس، ويفصل شمال الضفة عن جنوبها.
باستشهاد أبو عين يتوجب على القيادة الفلسطينية التوجه الجدي نحو استغلال ما يمرر في الواقع الفلسطيني من إمكانيات انتفاضة ثالثة ضد الاحتلال، وإن لم يتم هذا الأمر راهناً، فسيكون الفلسطينيون، قيادة وأحزاباً ومؤسسات، قد أضاعوا فرصة ملائمة لتصعيد المقاومة ضد الاحتلال، يكون الشهيد أبو عين بدمائه الطاهرة مساهماً أساسياً في تفجيرها.