قصص الشهداء

خالد ومحمد مخامرة…..شُهد الخليل في عرسكما

على كف الريح كانا يسيران,كأنهما من كروم العنب قطفا شهدها وخبأ في قلبيهما كل أفراح البلاد ليستعيدا صوت أعراس اللقاء ” قولو لأولاد عمو يجولو ..بالخيول المبرقطة  يطاردولو “,وكانا يحثان الخطى إلى موعد اللقاء..أسرع يا فتى فالقرى هيأت لنا كل أعراسها.

محمد وخالد مخامره من سمرة الحقول كانت أولى الكلمات أن هذه الأرض عربية,عربية الملامح عالية الجبين,مشتدة في جذورها لا تعطي أسرارها وزيت أصالتها إلا لعشاقها.وبأم العين شاهدا أرض الأجداد تتوجع أضلاعها من أنفاس المحتل..شاهدا كيف القدس تلتهمها أسنان الجرافات..شاهدا مواكب الشهداء الصاعدة إلى سدرة المنتهى ولا نصير في زمن التهافت على التطبيع مع المحتل ومباركته في سجاد الاستقبالات اليومية..شاهدا أسلحة صدأت في مخازن أنظمة  ظلت تخادع شعب يقاوم منذ مائة عام وتفتح عواصمها للقتلة.

لم يكن محمد مخامرة وابنه عمه خالد يهويان الخطابات ومهرجانات التفرج على جراح ساحات أرض الطهر والقداسة والأقصى وقبة الصخرة يقاومان…والضفة وغزة تضمد جراحها ولا تنكسر.وظلا يعيدان أبجدية المقاومة منذ أن كبرا في يطا- الخليل,يكبران في ساحات مواجهات يومية مع قطعان المستوطنين ليهودوا الأرض ويزوروا التاريخ..,لكن كل ذلك كان أول الحكاية.

حكاية خالد ومحمد مخامرة اشتعلت منذ أن تعلما معنى الحياة..معنى المقاومة,تعلما أن فلسطين كل فلسطين بكل ذرة تراب ..بكل حجارتها وذكريات أهلها عصية على الاحتلال.

وَمضت فكرة اللقاء هناك..لقاء طال انتظاره,بكل أناقة الشهداء ودّعا دعاء أمهاتهن.ومسحا على عتبات يطا- الخليل رفقة الأصدقاء,جالا في حاراتها,صافحا صباحتها,زرعا ابتسامتيهما على أسطحة المنازل التي عرفت تلويحاتهما لمواكب الشهداء…وانطلاقا في موكب الصبح هودجا عابقاً برائحة خبز الطابون.

يا أمنا لا تحزني فهناك ستنبت الرياحين على أكفنا…عاندا جدار الموت وضما قلبيهما ومرا من بين شقوقه طائران يعرفان سماء الحرية.

في شوارع أرض الأجداد سارا- هنا كان “أبو محمد” وهناك نامت عائشة على ذراع أمها,وهنا ترك جدي كلماته للأرض التي تعربش ترابها على أطراف ثيابه يرفض الوداع الأخير.حثا الخطا كأنهما ملفوفان بريح عاتية ودخلا  بكل أناقة العرسان والخيول المطهمة ترافقهما….ومن جرح دير ياسين وقبية كانت الطلقات تعيد حرية البلاد في زغاريد أمهات الشهداء..إضربا..إضربا….يا محمد وخالد هنا ذكرياتنا وأرضنا استعيدا كل الحكايات.

خالد ومحمد مخامرة في قلب “تل الربيع”  كانت حكاية المقاومة التي لن تنتهي لشعب سيظل على عهد الشهداء….عهد المقاومة..سيظل ينبض باسم الأرض مهما حاولوا أن يشطبوا ذاكرة الانتماء..هنا شعب أعلن أن دماء الشهداء أول الحكاية..شعب  سينتصر وإن طال الانتظار بإذن الله.

 

زر الذهاب إلى الأعلى