تعرَّف على “مسيرة الأعلام الإسرائيلية”
أنهت سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” وجماعاته الاستيطانية المتطرفة في القدس المحتلة استعداداتها لإقامة “مسيرة
الأعلام الإسرائيلية” السنوية في اليوم الخميس 18 أيار / مايو 2023م، والتي من المقرر أن تمر عبر باب العامود
والبلدة القديمة، في محاولة لفرض “سيادتها الكاملة” على المدينة.
وفكرة “مسيرة الأعلام” كان قد أطلقها الحاخام اليهودي “تسفي يهودا كوك” وتلامذة المدرسة الدينيّة المتطرفة “مركاز
هراب”، والتي تكونت فيها النواة الصلبة للمنظمات الاستيطانية المتطرّفة.
هذا وبدأت المسيرة مع احتلال “إسرائيل” للجزء الشرقي من مدينة القدس، في أعقاب حرب حزيران / يونيو 1967؛ احتفالاً
بما يـسـمى يوم “توحيد القدس”، والذي يعد “عيداً وطنياً” بالنسبة للاحتلال ومستوطنيه.
المسيرة الأولى:
وفي عام 1968، نظم الاحتلال المسيرة الأولى احتفاءً بالذكرى السنوية الأولى لاحتلال مدينة القدس، بمشاركة عشرات
المستوطنين فقط، ومن ثم تطورت لمئات المشاركين، حتى وصلت قبل عدة سنوات إلى نحو 30 ألف مشارك.
ومنذ ذلك الوقت، تـقـام المسيرة الاستفزازية كل عام بمناسبة هذه الذكرى، والتي توافق هذا العام الثامن عشر من أيار / مايو الجاري، وفقاً للتقويم العبري.
وتنظم المسيرة منذ سنوات عديدة، جمعيّة “عام كلبيا” المتطرّفة برئاسة الحاخام “حاييم دروكمان”، وحزب “الصهيونية
الدينية” بقيادة “بتسليئل سموتريتش”، ووزير الأمن القومي المتطرف “إيتمار بن غفير”.
وكانت المسيرة في بداياتها تُنَظَّم على شكل استعراضات عسكرية، وتـقـتـصـر على مشاركة عشرات المستوطنين فقط،
أما اليوم فيشارك فيها آلاف المتطرفين الذين يتوافدون على مدينة القدس من كافة أنحاء فلسطين المحتلة.
طريق “مسيرة الأعلام الإسرائيلية”:
وتنطلق المسيرة من شارع يافا غربي القدس، مروراً بباب الجديد ومن ثم باب العامود إلى داخل البلدة القديمة، وقرب أبواب المسجد الأقصى الغربية، وصولاً إلى حائط البراق.
وفي نفس الوقت، ينطلق قسم آخر من المستوطنين المشاركين في المسيرة من باب العامود، وباب الساهرة، ومن ثم باب الأسباط، وصولاً إلى باب المغاربة وحائط البراق.
ويتخلل المسيرة التي تنطلق عادةً بعد الساعة الخامسة عصراً، رفـع المستوطنين أعلام الاحتلال، وأداء أغاني ورقصات
تلمودية في شوارع القدس والبلدة القديمة، والقيام بأعمال استفزازية، وترديد هتافات عنصرية تُـحـرِّض على “قتل العرب”.
وتمول بلدية الاحتلال في القدس المسيرة الاستفزازية، والتي يقودها اليمين المتطرف، وخاصة الجمعيات الاستيطانية، بما فيها منظمة “لاهافا” المتطرفة.
ما بعد معركة سيف القدس:
وبدأت المسيرة تأخذ طابعاً آخر، بعد معركة سيف القدس، واحتجاج المقدسيين والفلسطينيين عليها، ومحاولة منعها
وإعاقتها، إذ أصبحت محاولة لـ”فرض السيادة والسيطرة الاحتلالية على المدينة أكثر من كونها مجرد استعراض أو احتفال”.
وتهدف المسيرة لفرض وقائع تهويدية وسيطرة “إسرائيلية” كاملة على مدينة القدس؛ لغايات دينية أيدولوجية سياسية،
كما أنها تشكل نوعًا من التحدي من شرطة الاحتلال، واستفزازًا لمشاعر المسلمين والفلسطينيين.
كما يهدف الاحتلال أيضاً من تنظيم المسيرة إلى تهويد الحيز العام في المدينة المقدسة، وحسم هويتها وبلدتها القديمة، لجعلها مدينة يهودية بالكامل.
ويشكل اليمين “الإسرائيلي” المتطرف رأس الحربة في قيادة مسيرة الأعلام، بدعم رسمي كامل من الحكومة
“الإسرائيلية” المتطرفة، والتي تحاول فرض أجندتها على المنطقة برمتها، عبر استخدام الجماعات اليهودية المتطرفة،
وخاصة الإرهابية لتغيير الواقع في القدس عن طريق استعمال العنف.
وحاول المستوطنون خلال السنوات الماضية اقحام المسجد الأقصى في “مسيرة الأعلام”، باعتبار السيطرة والسيادة
عليه للمسلمين فقط، عبر مرور المسيرة من البلدة القديمة وحول أبواب الأقصى.
باب العامود:
ونظراً لأهمية ورمزية باب العامود بالنسبة للمقدسيين، تصر حكومة الاحتلال على مرور المسيرة من هذا الباب الحيوي
الذي يحدد جزءاً من هويتهم المقدسية، في محاولة لتفريغ الإنجازات والانتصارات التي حققها أهل القدس في تلك
المنطقة الاستراتيجية، ولإثبات أنهم “أصحاب السيادة”.
ولتأمين “مسيرة الأعلام”، تتحول مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية، عبر نشر الآلاف من عناصر شرطة الاحتلال
ووحداتها الخاصة وقوات “حرس الحدود” والخيالة، بما يتخللها من نصب للحواجز العسكرية وإغلاق للشوارع والطرقات
وأزقة البلدة القديمة، ما يعيق حركة تنقل المقدسيين.
وبحسب شرطة الاحتلال، فإن نحو 250 ألف مستوطن يتوقع مشاركتهم في المسيرة، بحيث يبدأ التجمع الساعة 4 عصراً
وحتى الساعة 6:30 في ساحة شارع الملك جورج قرب شارع يافا.
وفي الفترة ما بين عامي 2010-2016، منعت شرطة الاحتلال المستوطنين من اقتحام البلدة القديمة من باب الأسباط،
بعد اندلاع مواجهات مع الفلسطينيين، ولأسباب أمنية.
وفي عام 2021، فشلت “مسيرة الأعلام” في تحقيق أهدافها، بعد تنفيذ كتائب القسام الجناح العسكري لحركة (حماس)
تهديدها وقصف أهداف الاحتلال في مدينة القدس برشقة صاروخية؛ رداً على تصاعد انتهاكات الاحتلال بالمدينة.