المقاومة ووعيد الاحتلال ما بين جنين و”نور شمس”
وسط مخيم “نور شمس” قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة تبدو الحياة طبيعية، غير أن السكان يترقبون
من تنفيذ جيش الاحتلال عملية عسكرية واسعة تشبه ما جرى بمدينة جنين ومخيمها.
وبدعوى ملاحقة مقاومين، أطلق الاحتلال في 3 يوليو/ تموز المنصرم عملية عسكرية في جنين ومخيمها هي الأكبر منذ
عشرين عاماً، استمرت نحو 48 ساعة واستخدمت فيها مروحيات وطائرات مسيرة وقوات برية، ما أسفر عن استشهاد 12
فلسطينياً وإصابة نحو 140 آخرين.
ومن حين إلى آخر، تقوم قوات الاحتلال بعمليات عسكرية قصيرة في مخيم “نـور شمس”، بدعوى أنها تلاحق من
تسميهم “مطلوبين”.
ونفذ الاحتلال في 24 يوليو عملية عسكرية في “نور شمس” استمرت نحو 6 ساعات، وخلفت دمارا كبيرا في البنية
التحتية والمنازل، بالإضافة إلى اعتقال عدد من سكانه، لكنها واجهت مقاومة كبيرة استُخدم فيها الرصاص والعبوات المتفجرة.
وفي مقهى على مدخل المخيم، قال مواطنون: إن الحال أصبح صعباً، وقوات الاحتلال تفسد سكينتهم بعملياتها
العسكرية، ولم يستبعدوا أن يستنسخ الجيش تجربة مخيم جنين في مخيمهم.
وينشط في مخيم “نور شمس” مقاومون من مختلف فصائل المقاومة.
دمار:
طه الإيراني – رئيس اللجنة الشعبية لمخيم “نور شمس” يواصل أعمال ترميم شوارع المخيم الذي دمرته آليات الاحتلال
في 24 تموز/ يوليو.
وقال الإيراني: إن “جيش الاحتلال دمر نحو 3 كيلو مترات من شوارع المخيم، وخلّف دماراً في منازل ومحالٍ تجارية ومركز
شباب ومسجد، في محاولة لاستنساخ تجربة مخيم جنين”.
كما أضاف “الجميع هنا يخشى من استنساخ تجربة مخيم جنين، الاحتلال لا يريد وجود حالة وطنية في مخيم نور شمس
ويسعى لتدميرها”.
بالإضافة لذلك أوضح أن “السكان يعيشون حياة صعبة وسط ارتفاع نسبة البطالة، وباتوا يبحثون عن كرامة سلبها
الاحتلال بفعل عربدة مستوطنيه وقواته”.
وعدد سكان المخيم يبلغ نحو 11 ألف نسمة، يعيشون في مساحة لا تتعدى 232 دونماً.
تكامل مع جنين:
“الاحتلال يعيد تجربة مخيم جنين هنا في نور شمس”.. بتلك الكلمات بدأ سليمان الزهيري، أحد سكان “نور شمس” القائم
بأعمال رئيس مجلس أمناء جامعة خضوري، حديثه.
وقال الزهيري (65 عاماً): إن “لدى السكان مخاوف حقيقية من قيام جيش الاحتلال بعملية عسكرية واسعة في مخيم نور
شمس، وفي الأشهر الأخير ينفذ الجيش عمليات عسكرية في المخيم، ويعتقل ويصيب ويقتل”.
ومتحدثاً عن “الحالة الوطنية” في المخيم، شدد على أن “هناك تشابها وتكاملا بين مخيمي جنين ونور شمس”.
كما أوضح أن “أصل السكان في المخيمين من منطقة حيفا بالداخل (أراضي 1948)، وعقب النكبة سكن أهالي المخيم
منطقة جنزور قرب جنين حتى عام 1951، ثم انقسموا بين جنين ونور شمس، لذلك هناك قرابة بين العائلات وعلاقات
نسب، حتى أننا نرى هناك تكاملا في المقاومة بين جنين ونور شمس”.
انتشار للمقاومين:
وليلاً، تُغلق كافة مداخل مخيم “نور شمس” بحواجز حديدية، وينصب مقاومون الكمائن، وفي النهار، ينتشرون في شوارع
المخيم وأزقته.
وغالبية المسلحين من “كتيبة نور شمس” التابعة لسرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، لكن مسلحين
من فصائل أخرى يشاركون في التصدي لأي اقتحام “إسرائيلي”.
وبينما كان مقنعا، قال أحد عناصر كتيبة “نور شمس” إنهم مجموعة من الشباب اتخذوا من السلاح طريقة للدفاع عن
مخيمهم “في ظل جرائم الاحتلال المتواصلة، وفي ظل عربدة المستوطنين في كل مكان”.
وأردف أن “جيش الاحتلال يريد اقتحام المخيم ويفعل ما يشاء دون مقاومة.. ينتهك الحرمات ويقتل ويعتقل، لكن اليوم
الأمر مختلف نحن لهم بالمرصاد”.
ومشدداً على استعداد المقاومة في المخيم لصد أي عدوان، قال: “نحن موحدون لمواجهة الاحتلال.. نحب الحياة وما
يدفعنا لحمل السلاح مجبرين هو الاحتلال.. في كل بيت معتقل أو جريح أو شهيد”.
وبشأن عملية جيش الاحتلال الأخيرة في المخيم، قال المقاوم: المجاهدون استطاعوا أن يلقنوا جيش الاحتلال درسا لن
ينساه، ونتحداهم بالكشف عن الحقيقة”.
وعن سلاحهم، قال: “نملك بنادقنا، إلى جانب العبوات الناسفة والقنابل اليدوية محلية الصنع”.
وفي يوليو/ تموز الماضي، فجّر مقاومون عبوة ناسفة بآلية عسكرية للاحتلال في مخيم “نور شمس”.
وتقول “كتائب القسام” التابعة لحركة “حماس” إن مقاتليها ينشطون في المخيم، ويتصدون لاقتحام جيش الاحتلال
مستخدمين عبوات من نوع “شواظ”.
وفي 3 أغسطس/ آب الجاري، نشرت الكتائب على تيليغرام مقطعاً مصوراً يظهر مجموعة من مقاتليها في أزقة “نور
شمس”، وعنونته بـ “أبطال كتائبنا المظفرة في كل مكان ينتظرون الإشارة”.
وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها “كتائب القسام” رسمياً عن مقاتليها في مخيم عين شمس.