القدس بعد حصارها.. هكذا بدا المشهد في ما يسمى “عيد الغفران”
هدوء مريب وشلل تام أصاب كافة مناحي الحياة في مدينة القدس المحتلة وبلدتها القديمة؛ بسبب القيود والإغلاقات
المُشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” على حرية الحركة والتنقل داخل المدينة، تزامناً مع ما يسمى “عيد
الغفران” اليهودي.
فمَن يتجول في شوارع القدس الرئيسة الأكثر حيوية، وأسواق البلدة القديمة يجدها “مدينة أشباح” خالية تماماً من
المارة والمتسوقين والباعة المتجولين؛ إثر الإغلاق “الإسرائيلي” الشامل لمداخل أحيائها وبلداتها بالمكعبات الإسمنتية
والسواتر الحديدية.
المدينة المقدسة بشوارعها وطرقاتها الرئيسة تحولت إلى ثكنة عسكرية، تعج بعناصر شرطة الاحتلال ووحداتها الخاصة
ودورياتها الراجلة، وحواجزها، الأمر الذي أدى إلى شل حركة المقدسيين وتعطل مصالحهم ووصولهم إلى أماكن عملهم.
كما تسببت الإجراءات “الإسرائيلية” هذه بإغلاق عشرات المحال التجارية في البلدة القديمة أبوابها، ما يُكبد أصحابها
خسائر فادحة، يدفعون ثمنها كل عام، في “سبيل تهيئة الأجواء للمتطرفين اليهود كي يتطهروا من ذنوبهم في ساحة
البراق غربي المسجد الأقصى”.
ويعاني التجار المقدسيون أوضاعاً اقتصادية سيئة وضغوطاً شديدة، تتمثل في فرض المخالفات والضرائب الباهظة
عليهم، وإغلاق محلاتهم التجارية والتضييق عليهم بشكل متواصل، لدفعهم إلى تركها والتخلي عنها.
وعند أبواب الأقصى، وخاصة باب السلسلة، لم يكن المشهد مغايراً، بل أبعدت شرطة الاحتلال المرابطين والمرابطات عن
المنطقة، وسط تعمد المستوطنين استفزازهم بكلمات “بذيئة”، والاعتداء عليهم.
محطة عدوان:
الخبير في الشأن المقدسي حسن خاطر، يقول: “إن الأعياد اليهودية أصبحت كما كل عام محطة لزيادة العدوان على
القدس والمسجد الأقصى، ولم تعد مجرد احتفالات دينية، بل سياسة إسرائيلية تستهدف المساس بالأقصى”.
كما يوضح خاطر، في حديثه له، أن حالة من الركود الاقتصادي والشلل التام تُخيم على المدينة المقدسة في كل مناحي
الحياة؛ بسبب فرض الحصار والإغلاق الشامل عليها، بمناسبة ما يسمى “عيد الغفران”.
ويضيف أن “الاقتحامات وعمليات الاعتقال والقمع والتنكيل بكل أشكالها، بما فيها إجراءات الاحتلال المشددة كلها
أصبحت مظاهر طاغية على المشهد المقدسي، وكأن أعياد اليهود لا تنجح إلا إذا كانت مصحوبة بهذه العوامل الاستفزازية”.
بالإضافة لذلك تشكل هذه الإجراءات العنصرية -وفقاً للخبير المقدسي- إعلان حرب على القدس والأقصى، والوجود
الفلسطيني العربي فيها، وحتى التجار لم يسلموا أيضاً من تلك الإجراءات.
ويشير إلى أن شرطة الاحتلال منعت الفلسطينيين من الوصول للبلدة القديمة والأقصى، جراء إغلاق مداخلها وأزقتها
وعزلها بشكل كامل عن باقي الأحياء والبلدات المقدسية، بحيث لا تسمح إطلاقاً بدخول أي شخص من خارج البلدة إليها.
بالإضافة لذلك يبين خاطر أن تحويل القدس إلى ثكنة عسكرية تتسبب في عدم وصول المصلين إلى المسجد الأقصى،
وحوّل حياة المقدسيين إلى “سجن كبير”، وقيّد حركة تنقلهم.
كما يتابع “بعد انتهاء الأعياد، لا تعيش القدس في سلام رُغم تراجع إجراءات الاحتلال، لأن الموضوع يحمل بعداً سياسياً
بامتياز وليس دينياً، بهدف إغراق المدينة المقدسة بكل مشاريع التهويد والسيطرة على المسجد الأقصى والأماكن
المقدسة فيها”.
إحكام السيطرة:
ووفقاً للخبير المقدسي، فإن استمرار الأعياد سيؤدي لتصاعد حدة العدوان “الإسرائيلي” على الأقصى، والإغلاق وعزل
المصلين عن مسجدهم المبارك، ومواصلة سياسة القمع والإرهاب بحق أبناء الشعب الفلسطيني في المدينة المحتلة.
ومن وجهة نظر خاطر، فإن ما يجري بالقدس بمثابة سياسات “إسرائيلية” كبيرة مُخطط لها مسبقاً منذ بداية العام الجاري،
ما يثير القلق والخوف ليس فقط على أولي القبلتين، بل المدينة بأكملها، كونه يريد إحكام قبضته وسيادته عليها.
كما يحذر من خطورة الإجراءات “الإسرائيلية” في القدس ومسجدها المبارك، معتبراً ما يحدث ليس عفوياً بل يتم بشكل
منظم، يفرض الاحتلال خلاله أجزاء من سياساته العنصرية ضد الأقصى.
ويضيف خاطر، “هذا أمر خطير، يجب عدم التعامل معه على أنه مجرد مناسبات عابرة، بل هي مخططات منظمة هدفها
التهويد، وقطع الطريق على الفلسطينيين وعلاقتهم بمقدساتهم ومدينتهم المقدسة”.
اقرأ أيضاً: منشورات تهديد تستهدف المقدسيين المدافعين عن الأقصى