الــشــهــيــد بــاجــس ابــو عــطـوان
خـمـسـة وأربـعيـن عـامـا عـلـى اسـتـشـهـاده …
ولد الشهيد باجس موسى أبو عطوان في بلدة دورا –قضاء الخليل–عام ١٩٤٨م، وأثر نكبة العام ٤٨ ،وفقدان عائلته لأراضيها،اضطرت العائلة للنزوح إلى خربة الطبقة.قرب بلدة دورا .والتي كانت معقلاً لمقاومة الاحتلال البريطاني
وبعد احتلال ما تبقى من فلسطين عام ١٩٦٧ عمل هو ووالده مع المقاومة الوطنية وانضما إلى حركة “فتح”وكان بيتهم في خربة الطبقة ملتقى لرجال المقاومة للتخطيط والتزود بالمؤن والسلاح ،كما كان المقهى الخاص بهما في دورا مركزاً للرصد وتبادل الرسائل والمعلومات وقد لاحظت المخابرات الصهيونيية ذلك فجعلت البيت والمقهى تحت المراقبة .
وفي العام ١٩٦٨ م وبعد معركة الكرامة ،انضم الى احدى الخلايا العسكرية التابعة لحركة فتح. بقيادة علي أبو مليحة الملقب بـ”ملك الجبل”،وبعد استشهاد ابو مليحة في منطقة”أبو خروبة”،تسلم باجس قيادة هذه المجموعة.
الـعـائـلـة مـسـتـهـدفـة :
اعتقلت سلطات الاحتلال الصهيوني الوالد موسى ابو عطوان، بحجة تجنيده لابنه باجس ورفيقه علي ابو مليحة،والتخطيط لعملياتهم قبل المطاردة،وحكمت عليه بالسجن ثماني سنوات،ولم تكتفي سلطات الاحتلال باعتقال الوالد فقامت بنسف البيت للمرة الاولى عام ١٩٦٨ م.وقامت شقيقتا باجس هيفاء وعبلة.باعادة بنائه من جديد
وفي عام ١٩٧٠ اعتقلت سلطات الاحتلال شقيقة باجس الكبرى “عبلة”وحكمت عليها بالسجن تسعة أشهر، بتهمة مساعدة الفدائيين،وفي عام ١٩٧١ اعتقلت الشقيقة الصغرى”هيفاء”وحكمت عليها بالسجن ستة أشهر بتهمة الانتماء إلى خلية فدائية.
ورغم ما تعرضت له العائلة من تنكيل ومضايقة ،لم يأبه باجس لذلك واستمر في عملياته الفدائية ،فلجأت سلطات الاحتلال الصهيوني الى حرب من نوع اخر .وهي الحرب النفسية ضد العائلة فاخذت تبث الشائعات المغرضة عن العائلة بعدما رأت حجم الالتفاف الجماهيري حول باجس ومجموعته .ومن ضمن تلك الشائعات ما كان يردد على السنة عملاء الاحتلال ،بان باجس ومجموعته ينفذون عملياتهم بعيدا عن بيوتهم وبيوت اقربائهم ،خشية تعرضهم للتنكيل ويفضلون بيوت الغرباء ،فجاء رده في العام ١٩٧١ م حيث شن هجوما على احدى دوريات الاحتلال التي كانت ترابط قرب بيته لمراقبته ،وتمكن من قتل عدد من جنود تلك الدورية .وانسحب بسلام من الموقع .وعلى اثر تلك العملية قامت سلطات الاحتلال بنسف البيت للمرة الثانية.
اثنتان وخمسون عملية مسلحة خاضها ضد الاحتلال،نفذت في الجبل والشارع والقرية والخربة،في ضوء الشمس وعتمة الليل، لم يقدم فلاح واحد شهادة واحدة ضد باجس أبو عطوان، فهو لم يقتل بقرة، ولم تمتد يده إلى تينة،ولا إلى عنقود عنب من دالية.كان يقول دائما لرفاق المجموعة: “لم نأتِ كجراد، والثورة تدفع مخصصاتنا، وما أكثر ما تتأخر، ولكننا لسنا موظفين في بنك، ولم يستأجرنا أحد لحمل البندقية”.
وبعد اعتقال والده رفض باجس توكيل محام للدفاع عنه قائلا:سأترافع عنه بالرصاص،إنني أملك بعض المال، لقد بعت نصيبي في المقهى،وسأدفع ثمن بندقية،سأدفعه كاملا والان. سوف أوفر عليكم ذخيرة التدريب وفوق ذلك فأنا أعرف هذه الجبال كما أعرف وجهي، وأعرف عشرات الفلاحين، أعرفهم بالاسم وأعرف أولادهم وأعرف كيف يحفظ العنب ويؤكل طازجا في عز الشتاء.
على مدار السبعة اعوام التي قضاها مطاردا في الجبال حاولت سلطات الاحتلال الصهيوني أكثر من مره إلايقاع به بمساعدة عملائها إلا أنها فشلت،وفي إحدى المرات نصبوا له كميناً في أراضي دورا المحتلة عام ١٩٤٨م وكاد أن يقبض عليه،لولا أنه أحس بالمكيدة وعرف أن صديقه قد خانه ووجد نفسه مطوقاً بإعداد كبيرة من قوات الاحتلال الصهيوني المزودة بالأنوار الكاشفة وانه من المستحيل عليه أن يهرب وأنقذه الله من المكيدة بأن هداه إلى تجويف ضيق داخل صخر جيري أدخل جسمه فيه بصعوبة وأغلقه بحجر جيري كبير رفيع فلم يعثر الجنود عليه .وبعد مغادرتهم المنطقة استطاع بصعوبة أن يبعد الحجر الذي آذى ساقيه ورجليه وعاد إلى قاعدته وهناك أعلم مجموعته بان قاعدته التي يعرفها زميلهم الذي خانهم لم تعد أمنه فانتقلوا إلى منطقة الجوف.وأخيراً تمكنت المخابرات بما تملكه من مال ووسائل ودهاء من شراء متعاون آخر واستطاعت بواسطته أن تستغل حاجة المجموعة الفدائية إلى السلاح وأن تقدم لهم صندوق ذخيرة ملغماً بالمتفجرات،فانفجر يوم ١٨/٦/١٩٧٤م ،بينما كان باجس يحاول فتحه داخل القاعدة في الجوف فأصابت المتفجرات باجس إصابة مباشرة وأصيب رفيقه علي ربعي الذي كان في القاعدة في يده.وارتمى باجس على كتف علي وظل ينزف إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة ، أما علي فقد نسي جراحه ودمه الذي ينزف ووضع كومه كبيرة من الحجارة المضرخة بدمائه ودماء باجس ،باب الكهف وانتقل إلى القاعدة الجديدة ليختفي بجروحه التي تنزف بعد أن أخبر خليل العواودة عم باجس ووالدته بما حدث لباجس .ابلغ محمد أبو عطوان (عم الشهيد)رئيس بلدية دورا المرحوم محمد موسى عمرو باستشهاد باجس وطلب منه إبلاغ سلطات الاحتلال الصهيوني بذلك، ولكنه قال بأنه لن يدلهم على مكان وجوده إلا بعد أن يأخذ منه وعداً بعدم احتجاز جثته وبعد الاتفاق على ذلك ذهب أهل الشهيد ورئيس البلدية إلى خربة الجوف الأثرية.وكانت الجثة في كهف كنعاني قديم يبدو انه كان يستعمل وقت الحروب والطوارئ وقد تحصنت المجموعة في ذلك الكهف الذي آواهم والذي كان بالنسبة لهم قاعدة حصينة من المستحيل أن تكشفها قوات الاحتلال الصهيوني لولا خيانة العميل الذي باع نفسه للشيطان .
وحضرت قوات الاحتلال للمكان ،ولم يجرؤ الجنود الصهاينة على دخول الكهف الذي كان من يريد دخوله أن يزحف زحفاً على بطنه مسافة تقرب من ٢٠م قبل أن يصل إلى الغرف الحصينة المحفورة في الصخر وتمكن بعض المواطنين من الدخول للكهف وأخرجوا الجثة ملفوفة في (بطانية) لتحتجزها قوات الاحتلال الإسرائيلي وأعادوها ،في اليوم التالي ،حيث نقل الجثمان إلى دورا ولف بالعلم الفلسطيني وسجي في مسجد دورا الكبير حيث أصرت الجماهير على وداعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه وسارت الجموع بالجنازة إلى مقبرة النبي نوح عليه السلام حيث دفن الشهيد بجوار مدرسته التي تعلم فيها .
الصور :
١–الشهيد باجس ابو عطوان.
٢–جثة الشهيد لحظة اخراجها من الكهف.
٣– من جنازة الشهيد