تقارير

العمل الفلسطيني بعد لقاء العلمين.. لِمَ تأخر تشكيل لجنة المتابعة الفصائلية؟

يرى مختصون بالشأن الفلسطيني أن غياب العمل الفلسطيني الجمعي المشترك والشراكة السياسية المبنية على

الأسس الديمقراطية والإصرار على التفرد؛ يُعمِّق من جراح الشعب الفلسطيني ويساهم في إضعاف التصدي لحالة

التغول والتطرف “الإسرائيلي”.

وعلى الرغم من تكرار لقاءات الفصائل، والتي كان آخرها اجتماع الأمناء العامين قبل أسبوعين شمال مصر؛ إلا أن أي من

مخرجات هذه الاجتماعات واللقاءات لم يتحقق الحد الأدنى منها حتى الآن.

وتساءل هؤلاء المختصون، حول تأخر تشكيل لجان المتابعة الفصائلية التي تم التوافق عليها خلال الاجتماع المذكور؛

لمتابعة الملفات الفلسطينية وكيفية التصدي لحكومة الاحتلال، في ظل الحديث عن ضرورة توحيد الجهود والطاقات.

هل الشراكة مستحيلة؟

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، يرى أن غياب الشراكة السياسية نابع من أزمة

سياسية متراكمة ناتجة عن فشل “مشروع أوسلو”، واستمرار الانقسام، وإلغاء الانتخابات وحل المجلس التشريعي، لصالح

تفرد المتنفذين.

بالإضافة لذلك لفت البرغوثي خلال حديثه لمصادر إعلامية إلى أن المخرج الوحيد من هذا الوضع يكون عبر تحقيق

الشراكة السياسية وفق الأسس الديمقراطية، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات للمجلسين الوطني والتشريعي وللانتخابات

الرئيسية، خاصة في ظل محاولة أطراف عربية تهميش القضية الفلسطينية.

كما يوضح أن السبيل الأمثل لتقوية الصف الفلسطيني يتمثل بالإسراع في تحقيق الوحدة الوطنية والشراكة

الديمقراطية التي ستقوي البنيان الفلسطيني.

لكن القيادي البرغوثي يرى أن توفر النية والإرادة الصادقة لتوحيد الصف وتقوية البنيان مع إدراك طبيعة الهجمة على

شعبنا وأرضنا ومقدساتنا كفيل بإنجاح المساعي نحو الشراكة الحقيقية.

ويشير الكاتب والمحلل ذو الفقار سويرجو، خلال حديثه لوكالة أنباء، إلى أن النظام السياسي الفلسطيني يعاني علة

مزمنة؛ حيث ساد الاستقواء في كافة مفاصله وغاب العمل المؤسساتي لحساب تفرد الشخص الواحد سواء في عمل

الفصائل أو المؤسسات الرسمية.

كما يضيف: “خلال اجتماع العلمين، كانت اللغة السائدة للفصائل من الرئيس عباس – أنا رئيسكم وهذا برنامجي- ورفض

حتى بياناً مشتركاً لإخراج موقف فلسطيني جامع؛ لأنه يعتقد أنه الأقدر على قيادة الشعب واتخاذ القرارات”.

هذا ويلفت سويرجو إلى أن غياب العمل الجماعي والمشهد غير الوحدوي تسبب في حالة إحباط للجمهور الفلسطيني.

لمَ تأخر تشكيل اللجنة؟

وحول تأخر تشكيل لجنة المتابعة الفصائلية والتي ستناقش جميع الملفات الفلسطينية التي عقد من أجلها مؤتمر

العلمين، يقول الكاتب والمحلل السياسي سويرجو: “كان علينا أن قراءة المكتوب من عنوانه بعد فشل اللقاء الذي كان

يعقد البعض عليه آمالاَ بأن يحرك المياه الراكدة داخل المؤسسة الفلسطينية”.

ويضيف: “عندما يفشل الاجتماع في إخراج بيان مشترك يعبر عن الكل الوطني الفلسطيني حتى ولو بالحد الأدنى؛ فمن

الطبيعي أن كل ما ينتج عنه سيكون على نفس الشاكلة، بمعنى أن تشكيل اللجان ستكون وهمية، وحتى لو تم تشكيله

ستكون يافطة لإخفاء من قرروا تشكيلها”.

ويكمل: “كان من المطلوب اتخاذ قرارات مصيرية فيما يتعلق بمستقبل شعبنا وليس تشكيل اللجان فحسب؛ لأن تشكيل

اللجان يعني العودة لطريق المتاهات والنقاشات والخلافات التي ستنتج صفراً كبيراً وفقاً لتجارب سابقة كما حصل خلال

لقاءات المصالحة فيما يتعلق بلجان الحريات والمصالحة المجتمعية، وكلها تبخرت لعدم وجود نية حقيقية لانتشال

النظام الفلسطيني للمأسسة وإنهاء مرحلة تفرد الشخوص”.

كما يبين سويرجو أن المأسسة تعني تخطيط وتنظيم ومتابعة ورقابة ومحاسبة، “وعندما تغيب هذه العوامل، فبالتأكيد

ستكون اللجان لمجرد إضاعة الوقت وإعطاء الفرصة للمتنفذين ليحكموا قبضتهم على النظام السياسي”.

أما الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، فيرى أن لقاء العلمين لم يسر كما يريد رئيس السلطة محمود عباس؛ حيث كان

الهدف منه وضع استراتيجية وطنية لمواجهة حكومة المستوطنين المتطرفة وتغولها.

ويوضح أنه كان من المفترض متابعة تشكيل اللجان التي تم التوافق عليها والمتعلقة بالشراكة والعمل الفلسطيني

المشترك، “لكن لم يتم ذلك حتى الآن”.

بالإضافة لذلك يشير إلى وجود مطالبات من الفصائل التي شاركت في اللقاء وخاصة حركة “حماس” بضرورة ترجمة تلك القرارات.

وفي هذا السياق، يلفت القرا إلى الاتصال الذي أجراه مؤخراً رئيس حركة “حماس” إسماعيل هنية برئيس السلطة عباس،

وتمحور باتجاه متابعة لقاء العلمين وعدم الاكتفاء بما تم خلاله.

ويقدّر الكاتب أنه لا توجد نية حقيقية لدى السلطة وقيادة حركة فتح في تفعيل موضوع الشراكة ووضع استراتيجية

وطنية لمواجهة الاحتلال.

ويرى القرا أنه “غير متفائل بأن يتم ذلك في المرحلة القادمة؛ إلى أن تتعزز الضغوط الفلسطينية لتحقيق مشروع وطني

يواجه التحديات التي يفرضها وجود حكومة إسرائيلية متطرفة استباحت كل شيء، وفي ظل سعار الاستيطان والتهويد”.

زر الذهاب إلى الأعلى