شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد هاني عابد.. مهندس الإعلام المقاوم

شهداؤنا راياتنا ، شهداؤنا مآثرنا ، شهداؤنا أمجادنا ، شهداؤنا نبض قلوبنا ، شهداؤنا عز تاريخنا ، شهداؤنا النور والأمل ،465576102

شهداؤنا هم البسمة المرسومة في وجوه كل الأحرار ، شهداؤنا هم وجه ثورتنا الشامخة وهم قناديل السماء المسرجة بالدماء الطاهرة شهداؤنا هم الأنفس الزكية ، شهداؤنا هم عبق النصر ومسك الحياة .

أنتم الذين تصنعون من الموت أناشيد الحياة ، أنتم النصر كل النصر ، لأن النصر شجرة لا تروى إلا بالدماء ، ولا نامت أعين الجبناء

توقفت نبضات القلوب وتحجرت الدمعات في العيون وهي تراقب سحب الدخان الأسود يتصاعد من سيارة “بيجو” تم تفجيرها من قبل عملاء الموساد (الإسرائيلي) أمام مبنى كلية العلوم التكنولوجيا في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ما زاد من حجم الصدمة أن هذه العملية الجبانة كانت الأولى بعد قدوم السلطة الفلسطينية حسب اتفاقية “أوسلو” وكان المستهدف هو المطارد هاني عابد كإثبات عاجل وبدليل قاطع على ضعف العدو الصهيوني عن مواجهة الرجال ولجوئه للغدر، ولتحمل في طياتها تأكيد على عبثية المفاوضات والاتفاقيات مع عدو لا يفهم سوى لغة الدم والشهادة .

في عرس جديد من أعراس الشهادة تلتقون، على حب الشهيد وعلى دربه تجتمعون، لتؤكدوا أن الشهيد لا يذهب إلى الموت، بل يذهب إلى الاشتباك المستمر، لا ينهي الانفجار أو الرصاصة دوره في المقاومة.
كل ما يحدث أن الروح القلقة الخوافة تتحرر من القلق والخوف، ومن أي شيء وعلى أي شيء، وتبدأ في نقر الأرواح الميتة والنائمة والمتقاعسة لتوقظها وتحررها وتطلقها لتصطف في المعركة.
الشهداء يُعيدون تشكيل الحياة بزخم اكبر وبإبداع أعظم لتبقى الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة، فلا حياة ولا تاريخ لنا بدون الشهداء، لا ماضي ولا مجد ولا عبرة، هم الذين يصنعون لنا المستقبل وليس المرجفون أو المعاهدون على الصمت والنكوص

الشهيد في سطور

ولد الشهيد هاني عابد في مخيم جباليا شمال قطاع غزة لأسرة ملتزمة دينيا وميسورة الحال ماديا في العام 1962م،

وتلقى تعليمه الأساسي والثانوي في المدارس التابعة لوكالة الغوث بمخيم جباليا، قبل أن يلتحق بكلية العلوم في الجامعة الإسلامي ويحصل منها على شهادة البكالوريوس في الكيمياء عام 1985،

وخلال سنوات دراسته في الجامعة أشتعل فتيل الجهاد في نفس الشهيد من خلال انضمامه لحركة الجهاد الإسلامي

وترأسه للإطار الطلابي للحركة ، ومن ثم واصل مسيرته التعليمية في جامعة النجاح ليحصل على شهادة الماجستير عام 1988م قبل أن ينهي مسيرته الجهادية الحافلة بالارتقاء إلى ربه يوم الثاني من تشرين الثاني 1994 بعملية اغتيال جبانة نفذها الموساد الإسرائيلي

الشهيد وفلسطين

التحق شهيدنا البطل بالجامعة الإسلامية بغزة في العام 1980م وهناك بدأت مرحلة جديدة من حياته.. تعرف هناك على نمط مغاير من الثوار..

فمن بين جميع الطلاب.. كانت هناك مجموعة أصغر حجماً ولكنها تميزت عن باقي التجمعات.. اقترب منها شهيدنا

وعرف من خلالها أن فلسطين والإسلام توأمان لا ينفصلان وأن مرحلة جديدة سوف يحمل فيها أبناء الإسلام راية الدفاع عن فلسطين آتية لا محالة.

ليلتقي بعدها بالمعلم الفارس فتحي الشقاقي رحمه الله ولينضم إلى تلك المسيرة التي بدأت من بعض أفراد في الجامعات المصرية

لتمتد نحو فلسطين ولتزهر مشروع ثورة لا تنتهي.

بدأ الشهيد نشاطاته الطلابية التي استمرت إلى أن تخرج من الجامعة في العام 1984م، من كلية العلوم قسم الكيمياء وليواصل بعدها دراسة الماجستير من جامعة النجاح بنابلس وذلك في العام 1988.

الاعتقال

كانت محطته الأولى في الاعتقال سنة 1991م، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي بتهمة إيواء أحد أقربائه وليحكم عليه بستة أشهر ويرحل إلى معتقل النقب الصحراوي، وليخرج شهيدنا من القيد ليواصل رحلة عطائه الدائم لهذه الأرض الطيبة

وليتولى بعد ذلك مسؤولية الجماعة الإسلامية ـ الإطار النقابي الطلابي للجهاد الإسلامي ـ حيث كان الشهيد مؤمناً بأهمية دور الطلاب في الصراع الدائر على أرض فلسطين.

ومع تأسيس صحيفة الاستقلال يتولى الشهيد إدارتها العامة ليتواصل مع رحلة الوعي والثورة التي بدأها.

المطاردة

قبل عملية إعادة الانتشار التي قامت بها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة بأسبوع واحد حاصرت هذه القوات منزل الشهيد في غزة وحاولت اعتقال الشهيد الذي كان حريصاً على عدم الوقوع في أيديهم مرة أخرى حيث كان يخرج كل مساء ويختفي بعيداً عن عيونهم..

وليصبح الشهيد أبو معاذ مطلوباً لهذه القوات.

أول معتقل سياسي

وفي أعقاب قيام أعضاء الجناح العسكري للجهاد الإسلامي بتنفيذ عملية عسكرية شمالي قطاع غزة قتل خلالها ثلاثة من  الجنود الصهاينة قام الكيان الصهيوني باتهام الشهيد بالمسؤولية عن العملية والتخطيط لها وليتعرض بعدها لمحنة القيد على أيدي السلطة الفلسطينية وليكون أول معتقل سياسي في سجون السلطة الفلسطينية بعد فشل قوات الاحتلال في اعتقاله ، ليكون أول معتقل سياسي في سجونها ، وهو ما فجر ردة فعل عنيفة في أوساط الشعب الفلسطيني وحركة الجهاد الإسلامي،

الشهادة

في الثاني من تشرين الثاني عام 1994م وفي أحد الأيام المشمسة خرج شهيدنا كأجمل ما يكون الشهداء متوجهاً إلى كلية العلوم والتكنولوجيا حيث يعمل محاضراً هناك، ويمضي يومه يعلم تلامذته الكيمياء.

وفي الساعة الثالثة عصراً يخرج مرة أخرى ليعود إلى مكتبه في الصحيفة حيث كان الشهيد دائم العمل من أجل نشر الوعي بين أبناء شعبه..

وما أن يدير شهيدنا مقود سيارته حتى تنفجر به وليصاب إصابات خطيرة وينقل إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس ليقلى الله شهيداً في زمن السلام المزعوم.. ومع إعلان نبأ الاستشهاد.. تحول قطاع غزة إلى عواصف ورياح وكأنما السماء تعلن غضبها من هذه الجريمة البشعة.

ردود الفعل

تقول والدته إنها منذ الصباح شعرت بانقباض في قلبها وشعرت أن هناك أمراً يخفيه القدر لها، وأخذت ترقب هاني وهو خارج من البيت وتدعو الله أن يحفظه وما أن جاءت ساعة المساء حتى سمعت نعيه من مآذن المساجد فبكت قليلاً ثم صمتت لأنها أدركت أن هذه هو قدر الله عز وجل.

أما زوجته فكانت دائمة الترديد لكلمة «الحمد لله.. الحمد لله..».

أما شقيقه عماد فيقول: سمعنا في البداية أن حادث طريق وقع للشهيد ولكن ما أن وصلنا المستشفى حتى وجدنا المئات على بوابة المستشفى حيث حضر الشباب من كل أرجاء القطاع للاطمئنان على أبي معاذ ولكن روحه صعدت إلى الله عزر وجل، وعدت إلى البيت وأنا أخشى أن أواجه أمي وزوجته بالخبر ولكن الحمد الله وجدتهما صابرتين وراضيتين بقضاء الله وقدره.

رد مباشر

913914759

أما اخوة الشهيد في حركة الجهاد الإسلامي

فلم يتأخر ردهم كثيراً.. فمع حفل التأبين الذي أقيم للشهيد بعد أيام قليلة ينطلق أحد تلامذته الشهيد هشام حمد في عملية استشهادية عبر دراجته الهوائية ليفجر نفسه ويقتل أربعة ضباط من قوات الاحتلال انتقاماً لدم هاني ولتعلن الحركة أن هذه العملية هي حلقة من حلقات الانتقام للشهيد وبعدها بأشهر جاءت الملحمة الكبرى بيت ليد والتي نفذها الاستشهاديان صلاح شاكر وأنور سكر الصاروخ المزدوج وليقتل فيها 26 ضابط وجندي إسرائيلي ويصاب أكثر من 126 جندي ، وبعدها بأشهر جاءت عملية كفار داروم الاستشهادية ليفجر الشهيد خالد الخطيب سيارته في حافلة عسكرية ويقتل عشرة جنود ويصيب عشرات الجنود .

الشهيد خالد الحطيب

وهكذا أزهر دم الشهيد عشرات الشهداء وخرجت غزة بأكملها تودع الشهيد في حزن كبير

وتمتد المسيرة  من بيته في غزة حتى مقبرة الشهداء في جباليا سيراً على الأقدام رغم شدة الأمطار التي هطلت في ذلك اليوم. وهكذا رحل هاني نحو وعد الله بالجنة بعد أن حصل على الشهادة.

الشهيد هشام حمد

كان الشهيد هاني مثالا يحتذى به في الأخلاق والالتزام الديني وعشق العمل الجهادي من

أجل تحرير أرض فلسطين ، تجسيداً للجهود التي قام بها الشهيد في تفجير ذروة الإعلام المقاوم عبر تأسيس صحيفة “الاستقلال”، وبذل جهود حثيثة من أجل تطويرها وخروجها في أبهى حللها وتذليل كافة الصعاب والعقبات التي تواجهها.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى