شهداء فلسطين

الشهيد مصطفى عبد الحي العبادلة

ميلاده ونشأته
ولد مصطفى شهر يناير من العام 1987م، عندما جاءها المخاض ومن ثم البشرى بالمولود الثاني لها في الجمهورية العربية الليبية،عاش مصطفى سنوات طفولته، مع شقيقاه وأختهم الوحيدة في الغربة، لكن قلوبهم كانت معلقة بأرض الوطن، فدرس هناك المرحلة الابتدائية، ثم قررت الأسرة العودة إلى الوطن في عام 95، وأكمل “مصطفى ” دراسته الابتدائية والإعدادية بتفوق، حتى أنهى المرحلة الثانوية بنجاح، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة حالت دون تمكنه من إكمال دراسته الجامعية، رغم انه درس عام في جامعة فلسطين، في كلية الإدارة، لكنه اضطر لتأجيل الدراسة التفرغ للعمل من اجل مساعدة والده على تحمل المسئولية.

ولم يترك شهيدنا المجاهد مصطفى العبادلة غذاء الروح والعقل بل إنه توجه للتفقه في الأمور الشرعية والعقائدية، فأنكب على قراءة الكتب الدينية المختلفة، وخاصة تلك التي كانت تتعلق بسيرة المصطفى محمد صلوات الله عليه وسلم، والصحابة الطيبين الأطهار رضوان الله عليهم، إلى جانب حفظه لكتاب الله، مما انعكس هذا الإقبال على طاعة الله والتفقه في الدين بالأثر الطيب على حياة الشهيد وأهله وأصدقائه، فكان التحول الكبير نحو الله من أهله وأصدقائه بفضل دعوته الصادقة لهم.

مشواره الجهادي
أما عن التحاقه لحركة الجهاد الإسلامي، فكان في سن مبكر، حيث التحق في بداية حياته بالرابطة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي، ثم كان التحاقه بصفوف حركة الجهاد الإسلامي، وبسبب إخلاصه وتفانيه في العمل لله، والتزامه المنقطع النظير بالمسجد، تم انضمامه إلى صفوف سرايا القدس، حيث تلقى العديد من الدورات العسكرية التي أهلته في بداية الأمر لمشاركة إخوانه في الرباط على الثغور، ثم كان التحاقه بوحدة الدروع بعد أن اجتاز دورة تدريبية متخصصة وكان الأفضل فيها بشهادة مدربيه.

ويسجل لشهيدنا الفارس مصطفى العبادلة مشاركته في تنفيذ عدة مهمات جهادية، أهمها المشاركة إطلاق زخات من الصواريخ وقذائف الهاون نحو المغتصبات والمواقع الصهيونية المحاذية لغلاف قطاع غزة.

محط فخر واعتزاز
هذا وبدت ملامح الحزن والألم على وجه والد الشهيد الذي لم يفاجئه استشهاد نجله مصطفى وهو الذي عرفه مجاهداً وداعيةً، ولكنه ألم الفراق كما قال: فالعين تدمع والقلب يحزن وانا على فراق حبيب قلبي مصطفى لمحزنون”.

وأطلق تنهيدة عميقة وهو يتذكر ابنه الذي لم يكسر خاطره يوماً ولا يتذكر له إلا مواقفه الطيبة وسمعه وطاعته الواسعة له، مشيراً إلى أن ابنه من الشباب الملتزمة المهذبة المحبوبة من الجميع، وأنه كان يواظب على الصلاة في المسجد وقراءة القرآن والتفقه في الدين، حيث كان يمضي جل وقته في تعلم أمور دينه والتفقه فيه.

وعادت والدة الشهيد أم محمود للحديث عن ابنها الذي أحبته كما لم تحب أياً من أبنائها، وقالت كان مطيعاً وحنوناً هادئاً يحبه محبوباً من الجميع، لم يتسبب في أي يوم لنا بمشكلة أو خلاف، بل كان دوماً في حياته كما موته مثار فخر واعتزاز لنا.

وأضافت الوالدة الصابرة أن ما يخفف ألمها وحزنها أن نجلها نال الشهادة التي يستحقها من الله وهو ساجد.

وعن لحظة استقبالها نبأ استشهاده أوضحت الأم الصابرة إلى أن ظروف الحرب القاسية دفعتها وأسرتها للانتقال من بلدة القرارة إلى داخل محافظة خان يونس، حيث مكثت طوال أيام الحرب عند أحد أقاربهم، قائلة:” رأيت مصطفى مرتين في الحرب، حيث قام بزيارتنا للاطمئنان علينا، وكنت في كل مرة أراه فيهما، أرى وجهه يشع منه نورا، فأيقنت كأم أن ابني سيستشهد في هذه الحرب، حيث كنت على اطلاع تام على عمله، ولم أشأ منعه، لأنني مؤمنة أن فلسطين بحاجة لمن يدافع عنها “، مستطرداً في القول :” كنت أقول في نفسي لو أنا كأم منعت ابني من الخروج للجهاد، وكل الأمهات منعن أبنائهن من الجهاد، فمن سيدافع عنّا، وسيمنع بطش العدو فينا، وسيمنعه من قتلنا وإذلالنا، أليس من حقنا أن نعيش أحراراً فوق أرضنا التاريخية؟!”.

وتابعت الأم الصابرة حديثها لـ”الاعلام الحربي”:” الحمد لله، جاءني خبر استشهاد نجلي وأنا أصلي العشاء، فأكملت الصلاة ، وبدأت اردد كلمات الصبر والحمد على اصطفاء الله ومنته”، سائلة المولى عز وجل أن يتقبل نجلها في علياء المجد وأن يرزقها وكل محبيه حسن الصبر والثواب.

رحلة الخلود
وختم صديقه حديثه برسالة نشرها الشهيد على صفحته الخاصة على “الفيس بوك” قبل استشهاده بأيام معدودة، يقول فيها “يا محلا الفوز بالجنة، ويا رب لا تقبض روحي إلا وأنت راضٍ عني، فكان استشهاده، وهو ساجد في صلاة المغرب، فصدق فيه قوله تعالى :{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد}.، فنال شرف الشهادة خلال تواجده في أحد المنازل التي كان يتواجد فيها مع إخوانه المجاهدين ، وهو يصلي صلاة المغرب مساء يوم 28/7/2014م، عن عمر يناهز 26عاماً، حيث تم استهداف المنزل بصاروخ أطلقته طائرات الغدر الصهيوني، فهنيئاً لك يا مصطفى شرف الشهادة في سبيل، لأهلك ومحبيك الصبر والسلوان.

 

زر الذهاب إلى الأعلى