شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد محمد ياسين نايف علي نصار

خبير التصنيع الذي لفت أنظار القادة

عندما يرتقي الشهيد،، ويسير في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد، وتختلط الدموع بالزغاريد،، عندها لا يبقى لدينا شيئاً لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته، فيقوم الوطن لينحني إجلالاً لأرواح أبطاله، وتغيب الشمس خجلاً من تلك الشموس.

فهم نجوم الليل التي ترشد من تاه عن الطريق، وتبقى الكلمات تحاول أن تصفهم ولكن هيهات، أعلمتم من هم هؤلاء، ببساطة هم ” الشهداء”.

بذرة خير في أسرة مجاهدة

الأسرةُ المسلمةُ هي نواةُ المجتمع المسلمُ، فيها يتربى الجيل على الهدى، ويرتعُ الفتيةُ على كلمات التوحيدِ والاخلاص والإيثار، وهكذا كانت أسرةُ الشهيد محمد ياسين نايف على نصار، الذي ولدَ في التاسع من يونيو للعام ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين ميلادية، في مدينة غزة، وهو النجل الأكبر للشهيد القائد ياسين نصّار.

كان محمد منذ طفولته متميزاً بالاتزان وبالأخلاق الإسلامية، وبالعلاقة الطيبة مع أبناء جيله، باراً بوالديه، ولم يحتج والده إلى تعنيفه أبداً لأنه خير ابن لخير أبٍ. فقد كان حنوناً على إخوانه وعلى أهل بيته ويحل محل والدِه الذي كان يغيب عن البيت خلال فترة عمله داخل الخط الأخضر. وبالمثل كانت علاقته مع الجيران والأقارب لا يشوبها شائبة، مراعياً لحقوقِهم ومحسناً إليهم.

سجن ودراسة

درس الشهيد المرحلةَ الابتدائية في مدرسة الشجاعيّة، ونبغ في دراسته وكان ذا جدٍ واجتهاد، ليواصل دراسته في مدرسة الفلاح الاعداديّة، ومدرسة الكرمل الثانوية، محافظاً على علاقة وطيدةٍ مع زملائه ومدرسيه الذين كان يحترمهم ويقدرهم، ويعلي قدرهم.

وأنهى شهيدنا دراسةَ إدارة الأعمال في الجامعة، ليسجن خلال ذلكَ في سجون المخابرات العامّة، بسببِ انتمائه للنادي الطلابي في الجامعة. وقد عمل الشهيد مندوبَ مبيعات لدى الشركة العربية لتجارة المركبات.

شاركَ الشهيد في مراحل بناء مسجد الصديقين، وذلكَ منذ كانَ المسجدُ عريشَ نخيلٍ قبلَ بنائه، ليشاركَ في جولات جمع التبرعات، وكذلكَ في مراحل البناء، ليلتزمَ ويحرص بعدَ ذلكَ على جلسات المسجد الدعوية والتعليمية والنشاطات الاجتماعيّة، ويقوم بلصق الملصقات وتوزيع المنشورات الخاصّة بحركة المقاومة الإسلامية حماس.

وحدة التصنيع

في عام 1996، كانَ الشهيدُ برفقة والدِه يقدّم المساعدةَ للمجاهدين، ومع بداية انتفاضة الأقصى وبعد الضربات التي تعرض لها الجهاز العسكري في الشهور الأولى للانتفاضة شاركَ الشهيدُ في الجهاز العسكري للحركة، وتحديداً في وحدة التصنيع.

كان انتماؤه كبيراً لوحدة التصنيع، فعمل بداية من العبوات الناسفة، والقنابل اليدوية، يربطَ الليل بالنهار، وكان في تلك الفترة الساعدَ الأيمن لوالدِه في تجهيز العبوات، حيث كان جزءً من نواة التصنيع الأولى في القسام، ولأن متميز في ذلك فقد نال إعجاب الشهيد الشيخ صلاح شحادة، رحمه الله.

من الأشياء التي تذكرُ أن والده ذهبَ في أحدِ الأيام إلى القائد صلاح شحادة، ومعه قنبلةً صغيرةً، فمازحه الشيخ، وقال له: “هذه صغيرة يا أبا حماس” فما كان من محمدٍ إلا أن أحضر للشيخ قنبلةً كبيرةً، فقال الشيخ حينها: “هذه كبيرةٌ مثلَ حجمها، وتفش الغل” رحمهم الله جميعاً.

نشاطه الجهادي

خلال عمله في تجهيز القنابل والعبوات، التي كم تمنى أن تدكَّ حصون أعداء الله، وبينما كان يعبئ قنبلةً بالمادةِ المتفجرة، استنشقَ غبارَها، فأصابته حساسية في صدرِه استمرت لأكثر من أسبوع، وكان الشهيد يعتبر ذلك غبارَ جهادٍ في سبيل الله.

موعد مع الشهادة

عصر السبت الموافق الرابع عشر من أبريل للعام ألفين وواحد، كان الشهيد محمد برفقة والدِه ومعهما الشهيد زاهر نصار، وتعرّض المنزل يومها إلى قصفٍ أتى على الطابق العلوي منه، حيث استشهد محمدٌ على الفور، وأصيبَ يومها والده والشهيد زاهر نصّار بجروح متفاوتة.

زر الذهاب إلى الأعلى