شهداء فلسطين

الشهيد محمد مصطفى شهوان

 منذ نعومة أظفاره تمرس الفتى بالخلق الحسن والانضباط الدائم والمشاركة الفعّالة في كافة الأنشطة الإسلامية على اختلاف أنواعها ، وربما تميز (أبو مصطفى) بنشاطه الرياضي وحيويته ورشاقته ، فكان يمثل في مسجد فلسطين درة الشباب الرياضي والطموح ، وكان يمارس كرة القدم بشكل خاص .

هذا الهدوء تزامن مع استقرار الظروف الاجتماعية والاقتصادية في منزله رغم تزايد عدد أفراد أسرته … وربما هذا الاستقرار كان دافعاً أكيداً ليواصل أبو مصطفى دراسته ليحصل على دبلوم العلوم والرياضيات ، وبعد أن أنهى دراسته انصرف للعمل المهني في مجالات البناء والدهان .

ويخترق هدوء (أبي مصطفى) صدى صوت الانتفاضة الفلسطينية المدوّي وأحاديث الجهاد والاستشهاد التي كان يسمعها ويقرأ عنها تتجسد أمام ناظريه مع اندلاع الشرارة الأولى للانتفاضة لتنطلق كل كوامن (أبي مصطفى) وتثور كل طاقاته ويغدو مع رعيل الملثمين الأوائل من خلال انتمائه إلى لجان حركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” ، ويكتب أبو مصطفى على كل الجدران بخطه الجميل نداءات الجهاد والثبات ويقوم بتوزيع بيانات الانتفاضة الصادرة عن الحركة تباعاً الطموح المقدام الطموح المتزايد للشاب المقدام محمد لم يكن ليسمح له بالوقوف عند حد معين ، فتطور فور تشكيل خلايا الصاعقة الإسلامية في منطقة خانيونس وتم اختيار فارسنا الصنديد مسئولاً ميدانياً عن الصاعقة الإسلامية .

وربما كان للاندفاع الجرىء نحو الجهاد والاستشهاد والعمل الجاد المتزن من قبل (أبي مصطفى) أثر بالغ في تميز وحيوية عمل الصاعقة الإسلامية وعملها في خانيونس خاصة . لم يتردد البطل المقدام كثيراً في اتخاذ قراره الأصعب بالمطاردة ورفض كل الضغوط والعروض بتسليم نفسه ، وأصر على الالتحاق بكتائب الشهيد عز الدين القسام ، ليستمر في العمل الجهادي حتى آخر رمق ضد أعداء دينه ووطنه وشعبه . كان (أبو مصطفى) يدرك تبعات هذا القرار الخطير جيداً ويستعد لتحملها صبراً وثباتاً وصموداً…

وقد كان لها حقاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، فقد امتشق سلاحه القسامي وتخفى عن العيون جيداً ، وغدا يتنقل بشكل سري حذر من خندق إلى موقع ، ومن منزل إلى زقاق في مختلف مواقع عمله الجهادي في خانيونس والمنطقة الشرقية ورفح وغزة ، وكان للفارس المظفر صولات وجولات في رحلة المطاردة العنيفة ، فقد تولى قيادة الوحدة السرية المختارة رقم (7) في كتائب القسام ، كما تولى مسئولية المنطقة الجنوبية بعد استشهاد رفيق دربه الشهيد جميل وادي، وقد شارك في مختلف عمليات اطلاق النار على أبراج المراقبة الصهيونية المنتشرة على حدود مدينة ومخيم خانيونس استشهاده وفي فجر الخامس من شوال من العام 1414ه الموافق السابع عشر من مارس من العام 1994م كانت الحور العين تتزين وملائكة السماء تتأهب في حلل قشيبة وعرس طهور لاستقبال أرواح طاهرة وضيئة خرجت مجاهدة في سبيله ، وصدقت الله ما عاهدت عليه فقضت نحبها ، تذود عن حمى الأقصى وأكنافه وتردد دوماً ” الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ” ، فقد استقل (أبو مصطفى) في فجر هذا اليوم الأغر سيارة الفيات بعد أن أدى صلاة الفجر ، وإلى جواره أخوه المجاهد القسامي السري الأستاذ (طه أبو مسامح) حين صادفهما حاجز جيش صهيوني مفاجىء بالقرب من (مسجد الشهداء) بخانيونس ، أطل ضابط الدورية في السيارة حين عاجلته رصاصة من مسدس (أبي مصطفى) وانهالت أثرها عشرات الرصاصات من الأسلحة الأتوماتيكية إلى أجساد المجاهدين ، وسقط الباران مدرجين بدمائهما العزيزة الغالية ثمن الجنة ، ثمن الحور العين ، ومهر فلسطين ، لتصعد أرواحهما الطاهرة إلى بارئها تحملها ملائكة الرحمة بعد أن أدت رسالتها الخالدة في حفظ الدين والوطن كاملة غير منقوصة .

ويلحق (أبو مصطفى) ركب إخوانه الشهداء الأطهار الذين ودعهم على التوالي، وكم اشتاق إلى رؤياهم واللقاء بهم ، وكم تمنى تلك اللحظة التي يلقى بها وجه الله تعالى وهو عنه راض …

زر الذهاب إلى الأعلى