الشهيد القائد محمد قنديل
ميلاد ونشأة
ولد الشهيد القائد محمد قنديل في 30/9/1967 م في مخيم المغازي وسط قطاع غزة،بعد ثلاثة أشهر
من نكبة عام 1967م ، في عائلة مجاهدة تتجذر أصولها في بلدة ( بطاني شرقي ) المحتلة،
والتي هجروا منها عام النكبة إثر اغتصاب العصابات الصهيونية للقرى والبلدات الفلسطينية ، لينزحوا منها قسرا
إلى مخيمات اللاجئين ليستقروا في مخيم المغازي ، وسط معاناة القهر والتشريدوالمعاناة .
سيرة عطرة امتلأت بالمكرماتالشهيد
سنجد في سيرة حياته بصمة خير له في كل ميدان ،ابتداءً بعلاقته الحميمة بوالديه
والتي أسسها على الحب والطاعة ، والبر لهما ، وخلق تتحدر الدمعات على الوجنتين
من عظمته ورفعته ، فعلا قدره في قلب والديه ، وحاز شرف الرضا منهما ماضيا بذلك نحو رضا رب العالمين .
وعن معاملته مع إخوته وأهل بيته، فلن تتحدث الكلمات إلا عن أعظم المواقف وأروعها في حسن التعامل،
فكان يحبهم ويحنو عليهم ، ويرشدهم إلى طريق الجادة والصواب ، يلبي لهم ما يرغبون ، ويدخل عليهم ما
به يسعدون . وإن تحدثنا عن علاقته بأقربائه وجيرانه فنعم الجار لجيرانه ، ونعم القريب لأقربائه ، فما كان
يقطع رحما ، بل كانت صلة الأرحام سمته ، وعظيم الخلق وسمه ،وارتقى بمكارم الأخلاق إلى أعلى مكانة
في قلوب من عرفوه ، فأحبهم وأحبوه ، وتذكروا خصال الخير فيه ، فبكت المآقي على رحيله ، واهتزت الجدران
التي كان يمشي في ظلالها يتلمس حاجة الناس حين ارتحل ، فلم يؤذ أحدا، ولم يغلق الأبواب في وجه أحد،
كان دائم التزاور لهم ، يسأل عنهم ويتفقد أحوالهم ، ويساعد ذا الحاجة منهم ، فحق لعيونهم أن تبكي دما على
فراقه . أنهى شهيدنا تعليمه الأساسي في مدارس وكالة الغوث للاجئين في مخيم المغازي ،وكان معروفا بتفوقه
وتميزه عن زملائه ، فدرس بجد واجتهاد ، حتى حاز مرتبةالشرف في تفوقه وخلقه وحسن تعامله مع مدرسيه وزملائه.
تخرج الشهيد محمد من المرحلة الثانوية ،ليلتحق بالدراسة في الجامعة الإسلامية بكلية العلوم قسم الكيمياء ،
وكانت الجامعة وقتها في بداية نشأتها ، فعمل في صفوف الكتلة الإسلامية ،وامتاز بذلك الأمر في المجال الرياضي
في الدائرة الرياضية بالكتلة الإسلامية ، لتكون منبر دعوة للهداية والصلاح والرشاد .
من الرعيل الأول في القسام
كان محمد قنديل من أوائل المؤسسين لكتائب الشهيد عز الدين القسام ،وكان أول من تلا بياناً عسكرياً يحمل توقيع
كتائب القسام ، ويكون بذلك قد أفنى حياته كلها في سبيل الله ، مضحيابماله ووقته وجهده وروحه في سبيل الله،
غير آبه بأعباء الطريق ، ولا بمنغصات الحياة الدنيوية ، فقد عرف طريق ربه،فجاهد واجتهد لينال الشهادة.
ترك شهيدنا بصمات طيبات في معظم مناطق قطاع غزةأثناء عمله في كتائب القسام ، فقد كان من أكثر الشباب نشاطا ،
فكان له الفضل بعد الله في قتل وطعن العديد من الجنود الصهاينة وقطعان المستوطنين ، وقتل العديد
من الاحتلال وعملائه .عمل في مجال الأمن وكان يتمتع بسرية تامة ، وكتمان شديد أهله لذلك
الأمر الكبير ، فكان من أصحاب البديهة الحاضرة ، والعين اليقظة لما يدور حولها ، فأتقن في عمله.
أول من صنع قاذف هاون محلي
عمل الشهيد محمد في مجال التصنيع العسكري التابع لكتائب القسام ، فكان يصنع القنابل اليدوية التي كان
يقوم إخوانه بتوزيعها على جميع مناطق قطاع غزة ، ليضع بصمته الخيرة في كل مكان ، وكان أول من صنع قاذف
هاون محلي وأسماه مدفع حماس ، وكان إخوانه يلقبونه وقتها بـ(القناع الأخضر).
سيرته الجهادية
ومن أبرز الملامح الجهادية لشهيدنا القائد والتي سطرت بمداد من نور في صفحات العزة والكرامة في تاريخ شعبنا.
قتل ضابط أمن المستوطنات بالقرب من مستوطنة كفار دروم بعدمراقبة دامت ثلاثة أشهر ، كذلك قام بمهاجمة قائد
شرطة الاحتلال في قطاع غزة ، وانقلبت سيارة الصهيونية على جرف هار على شاطئ بحر غزة،كما قام برصد العدو
وتحركاته ، وتحركات عملائه من خلفه ، كما كان يقوم بحرق حقول القمح التابعة للاحتلال شرق قطاع غزة.
رحيل القائد
في يوم 23/5/1992م توجه القائد بشير حماد إلى منزل الشهيد حسن الديري في حي الصبرة في مدينة غزة في سيارة
يقودها العميل رشاد مراد ، وكان الشهيد بشير حماد يجهل بطبيعة السائق ، وكان قد اتخذ كافة الاحتياطات اللازمة ،
فنزل من السيارة على بعد 500م من المنزل ، غير أن سائق السيارة عمل على مراقبته حتى عرف مكان المنزل الذي دخله.
وكان الشهيد محمد قنديل من المتواجدين داخل المنزل بصحبة ثلة من مجاهدي القسام المطلوبين لجيش الاحتلال،
ولم يكن بحوزتهم سوى مسدس وبضعة قنابل كان الشهيد محمد قد صنعها بيده ، وكان من المفترض أن يخرج
محمد في اليوم التالي لعملية استشهادية خطط لها في موقع العباس حيث تواجد الجنود الصهاينة.غير أن قوات الاحتلال
باغتتهم ليلا في منزل الشهيد حسن الديري ، وقامت بمحاصرة المكان لإلقاء القبض عليهم أحياء ، فوقعت بينهم اشتباكات
عنيفة استمرت أكثر من ثلاث ساعات متواصلة ، قاتل فيها مجاهدو القسام بكل شراسة وكبرياء ، محطمين أكذوبة الجيش
الذي لا يقهر ، فاضطر العدو للتدخل عبر طائراته المروحية لحسم المعركة ، بعد أن ضاق ذرعا بهم ، ولم يَعُدْ بمقدوره أسرهم
فارتقى إلى العلى في هذه المعركة البطولية الشهداء الأبطال : محمد قنديل ، وياسر الحسنات، ومروان الزايغ ،
وقتل العديد من الجنود الصهاينة بينهم عقيد مؤهل لرئاسة أركان الجيش الصهيوني في ذلك الوقت