ميلاد الشهيد ونشأته
الشهيد البطل محمد عزيز رشدي ، من مواليد مخيم العروب قرب الخليل عام (1969م) حيث نشأ في أسرة محافظة نشأة مباركة فارتبط بالمسجد منذ نعومة أظفاره ، وامتاز بذكائه وتفوقه في دراسته ، فدرس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مخيمه ، ثم انتقل الى مدرسة الحسين بالخليل لإكمال دراسته في الفرع العلمي ، ومن ثم أكمل تعليمه في معهد المعلمين في رام الله في الرياضيات ، وترأس العمل الإسلامي ، فكان رئيسا لمجلس الطلبة وأميرا للكتلة الإسلامية ، وعرف بين إخوانه بشجاعة وقوة عزيمته وعلو همته وعزة نفسه لدرجة انه كان يرفض اخذ أية مساعدة من الدعوة رغم شدة حاجته وفقره فقد رهن حياته لدعوته ودافع عنها في كل موقع حيث ترأس قيادة حماس في المخيم لفترة طويلة وتحمل في سبيل ذلك الكثير الكثير ، وعانت معه أسرته ، حيث تعرض ” محمد ” للضرب عدة مرات في المخيم وفي سجن مجدو في سبيل مواقفه الدعوية الصادقة ومع ذلك رفض الانتقام لنفسه عندما أصبح بامكانه أن ينتقم وفي إحدى مشاكله مع احد العملاء في المخيم ، قام العميل بمساعدة الجيش بإحراق محل ملابس لأسرة شهيدنا فكانت الخسارة فظيعة خصوصا ان مبلغا من المال كان في المحل فاحترق مع البضاعة وهكذا عاشت الأسرة حياة فقر شديدة امتدت فترة من الزمن لدرجة ان بيته كان يخلو أحيانا من ثمن الخبز او الشاي وكان قياديا في بيته رغم انه الثاني في الترتيب بين اخوته ، غير أن قوة شخصيته جعلته صاحب القرار بعد والده بالطبع فقد كان بارا بوالديه مطيعا لهم اشد طاعة محبا لإخوانه الذين كان لهم شرف الانتماء للدعوة من طريقه فكان يدرسهم ويعلمهم الأخلاق النبيلة ويغرس فيهم حب الجهاد والتضحية.
معهد المعلمين
سافر محمد بعد التوجيهي إلى الأردن للدراسة هناك ولكن حنينه إلى الوطن وقدره أرجعاه إلى فلسطين، والتحق بمعهد إعداد المعلمين في رام الله قسم الرياضيات، وهناك تعرف على شباب فلسطين من شمالها لجنوبها، فتعرف على أبناء الخليل ونابلس ورام الله وغزة، ثم أصبح أميرا للكتلة الإسلاميةـ ثم رئيسا لمجلس اتحاد الطلبة فيه، وبالتالي أصبح أحد أبرز رموز الحركة الإسلامية في الضفة الغربية بين الشباب. وكان الشهيد يحظى باحترام معظم شباب الكلية والمدرسين لخلقه الحسن وسلوكه القويم.
الانتفاضة الأولى
عندما اشتعلت الأرض الفلسطينية من رفح جنوبا إلى جنين شمالا عام 1987 انخرط محمد في فعالياتها وقاد شباب مخيم العروب، واستخدم وإخوانه أسلحة الانتفاضة السلمية من الكتابة على الجدران.. إلى تنفيذ الفعاليات في مناشير حركة حماس.. إلى إغلاق الشوارع خارج المخيم وداخله حتى قذف سيارات الجنود والمستوطنين المارة بين القدس والخليل على الشارع الرئيسي الذي يمر بجانب المخيم بالحجارة والزجاجات الحارقة والفارغة، وكل أشكال المقاومة السلمية التي عبر عنها الشعب الفلسطيني لدحر الاحتلال والوصول إلى الاستقلال وكان مخيم العروب حينها يستعر يوما بعد يوم بقيادة هذا الأسد.
الاعتقالات والمطاردة
اعتقل الشهيد القائد على أيدي الصهاينة المحتلين 6مرات كانت أولها أثناء عودته من الأردن إلى أرض الوطن حيث تم إلقاء القبض عليه واقتيد إلى معسكر الفارعة قرب نابلس.
وفي جميع الاعتقالات كان يخضع للتحقيق القاسي والتعذيب الشديد بتهم تتعلق بانتمائه لحركة حماس، وكان الشهيد سرعان ما يتأقلم في سجنه مع إخوانه ليصبح من أبرز قيادات الحركة الأسيرة وأكثر نزلاء المعتقلات حبا واحتراما.
دأب العدو على مراقبة أنشطة رجال المقاومة في حلهم وترحالهم حيث كان يجند كل طاقاته للإيقاع بهم، ومن الممارسات الإجرامية التي كان يتبعها اعتقال مقربين من رجال يخالهم على درجة كبيرة من الأهمية والمسؤولية بحيث يسومهم داخل أقبية التحقيق والتعذيب سوء العذاب، وبالتالي يحصل على اعترافات هامة عن الأشخاص أمثال الشهيد محمد عزيز رشدي.
ولما كانت الاعترافات على الشهيد البطل غاية في الخطورة والأهمية قرر الشهيد محمد عزيز رشدي التخفي عن عيون الأعداء والالتحاق بمطاردي كتائب عز الدين القسام في منطقة الخليل وبيت لحم، ليصبح أحد أهم المطلوبين لسلطات الاحتلال من تاريخ 20/5 /1993.
56 عملية!
أصبح الشهيد محمد رشدي متهما بالعديد من القضايا والعمليات أجملها العدو بالمشاركة والتخطيط والتنفيذ والإعداد لأكثر من 56 عملية عسكرية في المنطقة كان من أبزرها: إيواء مطاردي القسام، وحلقة الوصل لخلايا القسام في الضفة الغربية، وتنظيم وتجنيد عناصر، وقتل كولونيل متقاعد في الجيش الصهيوني عام 1993 يدعى موردخاي ليبتن من قرب من مغتصبةإفراتا، وقتل الكابتن كوبي ومرافقه وجرح آخر قرب بلدة دورا قضاء الخليل والعديد العديد من التهم الأخرى التي توجها البطل باختطاف يارون حاييم وقتله ردا على جريمة الجيش الصهيوني بقتل زميله وأخيه مطارد كتائب القسام ماهر أبو سرور والتمثيل بجثته وذلك بعد أسبوع من هذه الحادثة البشعة.
استشهاده
في اليوم الذي وقعت فيه اتفاقات أوسلو (13/9/1993) وبعد ساعات من ذلك كان البطل محمد بمعية مجموعة من كتائب القسام في مهمة جهادية في وادي سعير قرب الخليل، وأثناء اشتباك مسلح مع قوة صهيونية كانت هناك أصيب محمد بجروح فطلب من زملائه محمد طقاطقة وخالد الزير وعبد الرحمن حمدان وإبراهيم سلامة أن ينسحبوا وأن يبقى هو يغطي انسحابهم فقاتل حتى استشهد بعد إصابته بصاروخ فقع عينه وحطم جمجمته فاستشهد البطل واعترف العدو بمقتل ستة من جنوده في المعركة.