أخبارشهداء فلسطينعمليات جهاديةقصص الشهداء

الشهيد / محمد أحمد حسن الهندي (أبو محمد)

شهيد الفداء المقدس

” كان محمد يحمل في خفقات قلبه وفلتات لسانه روح العطــاء والجهاد ،فقد نشأ في أحضان الحجر الفلسطيني الثائر … ودرج خلف الأسلاك الشائكـة … وأقسم ولاء البيعة والاستشهاد في خيام الرباط على أرض النقب الثائر … وسقط شهيداً في ملحمة بطولية عز نظيرها على ثرى بيت المقدس الطهور “.

نشأته وحياته

كان الفتى اليافع الوسيم ابن العشرين ربيعاً يقفز من موقع لآخر لوضع اللمسات الأخيرة لحفل الفتوحات الإسلامية ، الذي تقيمه (الكتلة الإسلامية) في (جامعة الأزهر) إذ كان أحد طلاب قسم الرياضيات في الجامعة . كان محمد شعلة الكتلة الإسلامية التي لا تخبو والمحرك الذي لا يهدأ … لا يصيبه الكلل أو الملل أو التقاعس …

اعتقاله في سجون الاحتلال

وفي محاولة جادة لإعادة صياغة حروف التاريخ مجدداً اعتقل شهيدنا ثلاث مرات كانت الأولى عام 1989م حيث قضى محكوميته البالغة (خمسة عشر شهراً) بتهمة الانتماء لحركة ” حماس ” ، وهناك في جو النقب الثائر وعلى رماله الساخنة المتقدة التهب قلب الفتى ابن السبعة عشرة ربيعاً لينشأ أصلب عوداً وأقوى شكيمة وأعمق أصالة ويرسخ في ذهنه الشعار الذي بايع الله عليه (الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا) .

تنفيذ عمليته الجهادية

فقد انطلق المجاهدون الثلاثة  إلى الأقصى مع مشرق شمس 1/7/1993 وعلى بوابة الباص رقم (25) في (التلة الفرنسية بالقدس) ، استقل الفدائيون الثلاثة الباص – تـزينهـم بزاتهم العسكرية المهيبة وأسلحتهم العزيزة – منذ اللحظة الأولى على الباص بأكمله ، والذي يقلّ ما يزيد على السبعين راكباً ، ويتكون من طابقين وصدرت الأوامر للسائق بالتوجه شمالاً نحو الحدود اللبنانية .. وأصدر المجاهدون بياناً معلنين شروطهم للإفراج عن الركاب والمتمثلة في الإفراج عن (الشيخ أحمد ياسين) ، و(الشيخ عبد الكريم عبيد) ، والإفراج عن خمسين معتقلاً من (كتائب القسام وحماس) ، وعن عشرة معتقلين من (فتح) ، وعشرة من (الجهاد الإسلامي)، وعشرة من (الجبهة الشعبية) ، وعشرة من (القيادة العامة) .

كان هذا الهجوم المباغت في قلب زهرة المدائن التحدي الأكثر جرأة والأخطر لحكومة رابين العسكرية ، ففي عقر دارهم المزعومة تنبت كتائب القسام بأذرعها المهولة تأسر الرهائن وتساوم وهم رهن حدودهم الوهمية وأسلاكهم التي جزأت الوطن السليب كانت تلك إهانة قاسية ولطمة شديدة أصابت (الكيان الصهيوني) وجيشه المتغطرس في قلب ادعاءاته الزائفة بوهم (الجيش الذي لا يقهر) .

الكيان الصهيوني لم تعهد مثل هذا التحدي الكبير ، فلم تقبل بأسر رهائنها في (عنتيبي) بأوغندا وأطلقت سراحهم في عملية عسكرية فهل تقبل اليوم بهذا التحدي المجنون ؟!

وبينما كان الهوس العسكري لجيش رابين وجنرالاته يتفاعل لمواجهة التحدي القسامي المخيف والذي يحمل بصمة عز وفخار جديدة لون متميز ومذاق آخر .. حـدث ما يشبه الارتباك داخل الباص المختطف نتيجة للعدد الكبير المتكدس في الباص وتفرق المقاتلون في جنباته استعداداً لأي طارىء.

وسادت حالة الفوضى وانطلقت رصاصات من أسلحة المجاهدين أصابت رأس البطل القسامي (صلاح عثمان) إصابة بالغة الخطورة رقد على إثرها في المستشفى في حالة موت سريري وينقل إلى غزة بعد اليأس من شفائه ليبدأ بعدها فيما يشبه المعجزة الإلهية مع بقاء إصابته بشلل في أطرافه السفلية .

وتنطلق رصاصات (ماهر ومحمد) لتهدئة الوضع وتصيب بعض الصهاينة ولكن كان قد فلت الزمام ، فغادر الفدائيان (ماهر ومحمد) الباص على عجل واستقلا سيارة تقودها إحدى المغتصبات ..

 

إلى الفردوس الأعلى

1993-07-01  وقرب مفرق (جييلو) العسكري الملاصق للقدس تنطلق قذيفة صيونية باتجاه السيارة لتحرقها تماماً وتقتل قوات الاحتلال المغتصبة الصهيونية ويرقى الشهيدان (محمد وماهر) إلى الفردوس الأعلى في ملحمة بطولية حقيقية خالدة دونت بأحرف من دم ونار ونور في تاريخ المقاومة الفلسطينية الحديثة .

رحل محمد  وبقيت ذكراه خالدة في قلوب الأحرار والشرفاء وبقيت سيرته نموذجا يحتذى بها في مدارس الجهاد والمقاومة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى