شهداء فلسطين

الشهيد ليث أبو سرور.. استدان ثمن السلاح واستشهد ليحمي رفيقه

ليلة الاستشهاد:

تحرك الشهيد ليث أبو سرور مسرعاً صوب السيارة، كان رفاقه يركضون خلفه حاملين أسلحتهم الرشاشة، أنفاسهم كانت

تشتعل غضباً، لم يكن يهمهم قلة عددهم أمام جيش جرار يملك كل وسائل القتال والدمار، حاولوا الالتفاف خلف خطوط

العدو؛ إلا أن إرادة الله أوقفت السيارة فجأة؛ لتلحق بهم نحو ست آليات عسكرية “إسرائيلية”.

في مثل هذه الظروف لا يوجد وقت للتفكير، فقد أحكم المجاهد ليث أبو سرور (25 عاماً) إغلاق المركبة، ووضع الأبطال

الحبة في “بيت النار” واستعدوا لمعركة لن يخرجوا منها؛ إلا بإحدى الحسنيين: إما النصر، أو الشهادة، التفت آليات

الاحتلال حول المركبة، كما حاصرتها من كل الجهات؛ لكن للحظات لم يتمكن الجنود المدججون بالسلاح من إطلاق

رصاصة واحدة صوب المركبة.

أفرغ ليث ورفاقه الأبطال (براء لحلوح ويوسف صلاح) كل ما يمتلكونه من رصاصات صوب آليات الاحتلال، واستغل جنود

الاحتلال توقف الرصاص؛ فانتشروا كالجراد حول المركبة، مصوبين أسلحتهم الرشاشة إلى صدور الأبطال.

استشهد بعدما ألقى بنفسه أمام الرصاص ليحمي رفيقه:

أصيب الشهيد ليث أبو سرور في كتفه فتناثرت دمائه فوق أصدقائه، التفت إليهم فوجد أحدهم على قيد الحياة، ولم

يصب بطلقة واحدة، فخطف ليث نفسه بسرعة كالبرق، وارتمى فوق صديقه لحمايته، ونجا الشاب من موت محقق؛

ليكون شاهداً على معركة بطولية أثبت فيها أقمار “كتيبة جنين” أنهم على قدرٍ من المسؤولية لمواصلة درب الشهداء

حتى التحرير.

استشهد ليث ورفيقاه “براء ويوسف” بعد معركة بطولية في مواجهة جنود الاحتلال، وزَفَ أبناء جنين الشهداء بمواكب

مهيبة جداً، مؤكدين مواصلة الطريق على خطى الشهداء للانتقام لدمائهم وتحرير الأرض والمقدسات من دنس المحتل.

حكاية ليث أبو سرور كانت مليئة بالإثارة، فهو أكبر أشقائه، تزوج في سنٍ مبكرة بداية العشرينيات من عمره، وأنجب ثلاثة

أبناء وهم “صلاح وجوان ونور” كان حنوناً جداً، وبارتقائه فقدت والدته سنداً مهماً في البيت.

يقول أخوه:

قُصي الذي حظي بسماع صوت شقيقه ليث قبل استشهاده بدقائق معدودة، يقول: “الحمد لله ليث لا يخرج من البيت إلا

وهو متوضئ، يجاهد نفسه على عمل الخير، يحاول إدخال الفرحة والسرور على قلب والدته وشقيقاته، وزوجته، وأبنائه”.

كان يدفع نصف يوميته إلى شقيقه الصغير “عبد” وإلى والدته، وما يتبقى معه يصرفه على أبنائه وزوجته، يشير قُصي

إلى أن شقيقه ليث يحب أن يدلل جميع أفراد العائلة على حسابه الخاص.

فجأة توقف قُصي عن السرد، ليقول “قبل بضعة من الوقت طلب مني مبلغ كبير من المال، فسألته عن سببه، فأجاب

بأنه يريد شراء السلاح لمواجهة جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، رفضت ذلك، وطلبت منه أن ينسى الأمر؛ لأن خلفه زوجة

وأطفال، لكنه كان دائماً يقول: الله يرعاهم”.

استدان المال لشراء السلاح:

يكره ليث رؤية جنود الاحتلال يسيرون على الأراضي الفلسطينية لا سيما مدينة جنين؛ فهو كغيره من الشباب الثائر كانوا

ينتفضون كلما سمعوا عن عملية اجتياح أو نية لهدم منزل لأحد الشهداء، في محاولة منهم لمواجهة جيش الاحتلال

ووقف جرائمه ضد أبناء شعبنا.

لكن ليث لم يستمع لشقيقه قصي؛ فمضى في طريقه، واشترى السلاح، وتبين أنه استدان بعضاً من المال لشرائه، كان

يطمح أن يعيش بكرامة وحرية، وأن يصنع لأطفاله نصراً وعزاً، يتفاخرون به أينما حطت أقدامهم.

زر الذهاب إلى الأعلى