الشهيد فارس عودة عائد في انتفاضة القدس
على مهل وبخفة كان يتسلل من البيت قبل أن تراه أمه فصوت الشهيد ابن خالته شادي كان لا يبرح يومه. وهما اللذان تعاهدا على أن يكبرا سوية ..استشهاد صديقه شادي دب في قلبه كل تلك القوة التي أذهلت جنرالات العدو. فَقاتلُ الشهيد قال للتلفزيون الصهيوني “أطلقت النار لكثرة ما استفزني”. ولم يكن يعرف الشهيد فارس عودة ابن مخيم الشجاعية أن أقماره ال15 عشر ستضيء سماء فلسطين وهو الذي تصدى بجسده العاري لدبابات المحتل بحجر, والعناكب تعشش في مخازن أسلحة أنظمة تتأمر على فلسطين وشعبها.
لم يخفه حديد دباباتهم وفوهات بنادقهم التي تتصيد أطفال فلسطين, ومشهد الانتفاضة – انتفاضة الاقصى عام 2000 في شهرها الثاني يشعل الأرض تحت أقدام الغزاة.
كان يردد أمام أمه مطلع كل صباح قبل ذهابه الى مدرسته الاعدادية و”الله لأستشهد”. تودعه بالدعاء وترجوه أن ينتبه لدروسه.
قبل استشهاده ب9 أيام ظهرت صورته على التلفزيون وهو يتصدى عن مسافة قصيرة لدبابات المحتل, وانتشرت الصورة في وسائل الاعلام العالمية والعربية- واصابت الدهشة أسرته عندما شاهدت الصورة. وكانت الابتسامة تشرش على وجهه حين قال لأمه “إنهم يخافون من حجري”.
عن شجاعته يقول شقيقه محمد: كنا نلقي الحجارة على سيارات الجيب والجنود لا ينزلون منها خوفاً من الحجارة لذلك احضروا الدبابات لأنها محصنة اكثر ولم نخف وصنعنا زجاجات مولوتوف واحرقنا دبابة. وعند (نتساريم) قذفوا المساكن بالطائرات وابي منع امي من الذهاب هناك بسبب شدة القصف وكان فارس يخلع قميصه ويقف عاري الصدر امام اليهود لكي يستطيع الحركة بحرية وكان يهزأ من الجنود ويدبك ولا يستطيعون الامساك به او اصابته لكنه اصيب اكثر من مرة بالغاز.
شجاعته كانت منقطعة النظير- يقول أحد أصدقائه كان كالريح يرمي الحجارة ولا يتعب- يصرخ اضربوهم والله يا شادي ( الشهيد ابن خالته) ما برجع حتى استشهد.وكعادة الجبناء كانوا يتربصون به وقد أخذ قرار قتله من قبل قائد مجموعة الدبابات في “المنطار” ورغم تعرض الشهيد فارس لإطلاق نار قريب إلا أنه كان أكثر شجاعة ويدعو أقرانه إلى التقدم ورشق دبابات الاحتلال بالحجارة.
يوم 8-11 2000 غافلته الطلقات وهو منحني كي يجمع حجارة أرعبت جنود الاحتلال فسدد القاتل طلقة إلى رقبته وارتقى شهيدا. أكثر من ساعه – (كما يروي أحد أصدقائه) وهو ينزف وجنود الاحتلال يمنعون سيارة الاسعاف الاقتراب من معبر كارني لانتشال جسده الطاهر.
تقول أمه ..إن قلبها ينفطر عندما ترى صورته لكنها تؤكد أنها فخورة به وأنها تعتبره بطلاً لأنه كان يقف متحدياً أمام دبابة و تضيف: أنها عندما ترى أقرانه عائدين من المدرسة تتذكره وتنتظر أن يهمس في أذنها “هيني رجعت يمه”.
عن صفاته تضيف: كان حنوناً اذا اشترى شيئاً لا يأكل منه الا بعد أخوته. وكانت له معزة خاصة في قلبي بسبب حنانه الزائد. ولم يكن طفلاً عادياً بل كان شقياً يقفز من أماكن مرتفعة ولذلك كنت أخاف عليه أكثر من اخوته…وكان جريئاً وشهماً ولم ار في مثل سنه تلك الجرأة .فكان ابوه يرسله بعد منتصف الليل للشراء ويجد فارس يسرع…,ويذهب وحده لإحضار ما نريد ولا يخاف.
سيبقى الشهيد فارس عودة وكل شهداء فلسطين نجوماً فوق الجبين…وسيبقى شعبنا على عهد فلسطين…عهد المقاومة حتى تحرير كامل التراب.
بقلم لينا عمر