شهداء فلسطين

الشهيد عدي صلاح

حالة من الحزن والصمت القاتل يسيطر عليهم، الدموع تنهمر كالنهر من عيونهم، يجلسون أمام

ثلاجات الموتى يترقبون أبوابها الموصدة، أجسادهم ترتجف في انتظار لحظة الحقيقة، فعدي لن

يلتقي بهم أو يأتي إليهم على أقدامه ككل يوم؛ إنما محمولًا على الأكتاف.فوالد الشهيد عدي طراد

صلاح، يعيش لحظات قاسية بخطف فلذة كبده في غمضة عين…

والد الشهيد

“ربيت عدي كل شبر بنذر وكان كل شيء جميل في حياتي”.. بهذه الكلمات بدأ والد الشهيد الفتى

عدي طراد صلاح (17 عاماً) من بلدة كفر دان غرب جنين، يتحدث عن نجله البكر الذي استشهد

برصاص قوات الاحتلال خلال عملية اقتحام استهدفت مسقط رأسه. قبل نحو 17 عاماً،

كان صلاح الأب أسيراً في سجون الاحتلال، عندما تلقى أجمل خبر في حياته، وهو أن الله رزقه

بمولوده البكر عدي، فراح يعد الأيام والشهور والسنين حتى يتمكن من احتضانه وضمه إلى صدره.

وبعد نحو ثلاث سنوات من الأسر، كان الهم الأول والأخير بالنسبة للمواطن صلاح أن يحتضن طفله

الأول دون قيود، بعد أن حرمه الاحتلال من ذلك. في ذلك اليوم، شعر الأب أنه لامس عنان السماء،

ونسي لحظة احتضان طفله كل عذابات الأسر والحرمان والتحقيق في زنازين الاحتلال، فسخر

نفسه لتأمين متطلبات عائلته وطفله. ١٥/٩/٢٠٢٢ “كان صاحب أجمل ابتسامة في العالم”..

هكذا وصف صلاح ابنه الذي اختطفه رصاص الاحتلال وحرمه من تحقيق أحلامه المستقبلية.

لحظات الوداع

أمام مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي في مدينة جنين، جلس الأب ومن

حوله أصدقاؤه وأقاربه، وقد خيمت على المكان حالة من الحزن الشديد والصمت القاتل، والدموع

تنهمر من عيون هؤلاء الذين كانوا ينتظرون إخراج جثمان الشهيد الفتى من أجل تشييعه إلى مثواه الأخير.

ولساعات طويلة، لم يصدق صلاح، أن يعيش لحظات قاسية كهذه برحيل ابنه البكر وهو يردد عبارة:

“والله ربيته بدموع العين وكل شبر بنذر لمدة 17 عاماً، وبلحظة قتلوه ودمروا كل أحلامنا”.

يقول أحد أقارب صلاح الأب، إن معاناته بدأت قبل أكثر من 17 عاماً حيث كان معتقلاً في سجون

الاحتلال عندما وضعت زوجته طفله البكر عدي، فحرم الاحتلال والده من احتضانه وهو طفل رضيع ورؤيته

يكبر لحظة بلحظة، وحين أفرج الاحتلال عن والده، كان عدي قد بلغ من العمر ثلاثة أعوام.

في تلك اللحظات تعهد الأب أن لا يترك ابنه عدي مطلقاً، فكان خير الأب الذي بذل الغالي والنفيس،

ليكبر عدي ويوشك أن يصبح شاباً ويحلم بأن يعيش كغيره من شباب العالم، لكن قتلوا أحلامه ودمروا

كل طموحاته، قال الأب الذي بدا منهاراً وهو يضم جثمان نجله الشهيد إلى صدره كما لو كان طفلاً.

وقال الأب: “كلنا عدي، وكل أحلامنا قد تختطف بلحظة برصاصة قاتل إسرائيلي لا يهمه سوى القتل

وتدمير أحلام الشباب وإزهاق أرواحهم، فكيف لك أن تربي ابنك في قلبك، وفي ثانية يأتي الاحتلال

ليقتله وينهي حياته دون أي سبب”. ومضى “ولد ابني عدي وأنا في سجون الاحتلال، وعندما خرجت

من السجن كان عمره ثلاث سنوات، وهو أول أبنائي، الاحتلال قتل كل أحلامه، فهو كان يريد أن يتعلم

ويخطط للقادم ولكن الاحتلال لم يبقِ لنا وله أي حلم”. وأكد والد الشهيد، أن جيش الاحتلال اقتحم

بلدة كفردان بكل وحشية وكان هدفه الأساسي القتل، مضيفاً: “كيف لي أن أتعود على غياب عدي

المرح والمحبوب بين إخوته كونه أكبرهم ويفصل بينه وبين أخيه الثاني تسع سنوات، ومحبوب عند

أقاربه وأهل بلدته، ربنا يصبرنا على غيابه”.

استشهاد عدي صلاح

روى إياد صلاح وهو عم الشهيد، كيف استشهد ابن أخيه فجراً في ساحة البلدة، حيث قال

“إن جيش الاحتلال اقتحم البلدة عند الرابعة فجراً، ودهم عدة منازل، وخرج الشبان إلى الشوارع،

ورأيت عدي وهو يغلق باب المنزل، وعندما سألته إلى أين تذهب، قال لأرى ما يحدث ثم ضحك

وغاب عن ناظري”. وأضاف العم: “بعد دقائق قليلة أطلق أحد القناصة المعتلين أحد المنازل الرصاص

باتجاه عدي فأصابه في البطن، وحين صرخ الشبان لحضور سيارة الإسعاف سمعوا صوت الرصاص

مرة أخرى، وكانت المسافة بحدود 15 متراً فقط، أصابوه في بطنه، وحين طلبنا الإسعاف أصابوه مرة

أخرى في الرأس واستمر إطلاق النار، ولم تتمكن سيارة الإسعاف من الوصول إليه، عندها سحبه

أحد الشبان ليوصله إلى الإسعاف”.

اقرأ المزيد :الشهيدين عبد الرحمن وأحمد عابد

زر الذهاب إلى الأعلى