الشهيد عبد الحافظ محمد السيلاوي
ميلاد مجاهد
في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر لعامِ ألفٍ وتسعمائةٍ وخمسة وتسعون (28/12/1995م)، ولد عبد الحافظ بمدينة غزة في بيتٍ من البيوت البسيطة، وفي أحضان أسرة ملتزمة مشهود لها بين الناس بالخير والصلاح تربى شهيدنا، فقد سقته من لبن العزَّة والكرامة حتى ارتوى، فكبر قوياً شامخاً يعشق تراب وهواء وطنه.
رحمه الله عاش رجلاً قبل أن يصل إلى سنوات الرجولة، شب منذ طفولته وفق تربية خاصة، فكان عطوفاً، متواضعاً، مطيعاً للجميع، ذو روحٍ مرحة على من حوله، يتمتع بأنقى الصفات وأنبلها.
تلّقى عبد الحافظ -رحمه الله- تعليمه الابتدائي والاعدادي في مدارس الوكالة للاجئين، ثم انتقل إلى مدرسة عوني الحرثاني لدراسة الأول ثانوي، ثم أكمل دراسته في الصف الحادي عشر والثاني عشر ( توجيهي) في مدرسة أحمد الشقيري، ليتفرغ بعدها شهيدنُا للعمل نظراً للوضع المعيشي الصعب.
كان معروفاً بين أصدقائه الطلاب بحسن أدبه وعلو أخلاقه، وطيبة قلبه ونقاء سريرته، فكسب بهذه الأخلاق العالية قلوبهم وأسرها بحبه واحترامه.
وفي الحيِّ الذي كبر فيه، ومع الجيران الذين عاش بجوارهم سنين حياته، كان شهيدنا علي رحمه الله يسير بينهم بالخير والصلاح، ويشاركهم في جميع مناسباتهم، حتى أحبَّه جميع أهل الحي.
تحلى شهيدنا بأجمل الأخلاق وأفضلها، فكان مطيعا ً لوالديه، حنونا على إخوانه، شجاعا ًمقداماً لا يهاب في الله لومة لائم، شديدا ًعلى الأعداء والمنافقين والظالمين، ولحسن أخلاقه أحبه كل من حوله من أهله وأقاربه وأصدقائه وزملائه في المدرسة.
التزامه الدعوي
منذ صغره أحب أن يكون جنديا ً فاعلا ً نصرة للدين والوطن، فقد نشأ الشهيد عبد الحافظ رحمة الله وترعرع في مسجر البشير، فجالس وصاحب الشباب المسلم في المسجد، وكان ملتزم فالصلوات الخمس فيه.
بدأ التزامه في الأسر التنشيطية منذ الصف السادس الابتدائي، ثم انضم إلى الأخوة ليشارك شهيدنا رحمه الله في العديد من النشاطات التي كانت تدعو إليها حركة المقاومة الإسلامية حماس من مسيرات ومهرجانات.
عمل عبد الحافظ وكان نشيطاً في العمل الطلابي في المرحلة الثانوية في جناح الكتلة الاسلامية ضمن اللجنة الاعلامية، وكذلك في مسجده البشير.
بايع عبد الحافظ جماعة الإخوان المسلمين في العام 2010م، حيث أنه دأب على العمل الدعوي فكان المحبوب من قبل الشباب في مسجد البشير.
كان رحمه الله يحب تقديم الخير في كل شيء، وفي أي عمل تطوعي يكون أول المشاركين يتمتع بدرجة عالية من سعة الصدر والصبر، ولسانه دائم الحديث عن فضل الجهاد والرابط في أرض المقدس.
في صفوف القسام
ألح عبد الحافظ على إخوانه من أجل الانضمام إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، وكان له ما أراد، ففي عام 2012م كانت الانطلاقة الحقيقية لعمل الشهيد ضمن صفوف الكتائب.
بدأ شهيدنا جندياً كجندي مستجد في صفوف القسام، ثم التحق في دورة اعداد مقاتل قسامي، لينضم بعدها لوحدة الدروع ليجتاز فيها عدة دورات.
كذلك التحق في دورة لسلاح الهندسة القسامي، ليتم اختياره لمهارته وابداعه في هذا التخصص للعمل بشكر مفرز ومركزي على نطاق اللواء.
انضم شهيدنا لوحدة النخبة القسامية في أول تشكيلها، وتم اختياره كقائد لوحدة المهام الخاصة في سرية النخبة “مجموعة القنص”.
ومنذ التحاقه في صفوف القسام
* كان مخلصاً وبشكل كامل في جهده وجهاده
* كان مثالاً يقتدى به في السمع والطاعة
* الحفاظ وبشكل لاشك فيه على عتاده وسلاحه العسكري الذي كان يحبه
* كان يعرف بشراسته وجراته وإقدامه في أصعب الظروف
* تم اختياره من قبل قيادته للقيام بعملية خلف الخطوط، ولكن ثم تأجيل العملية وقتها
* عمل مع اخوانه في معركة العصف المأكول في إطلاق العديد من الرشقات على المغتصبات الصهيونية
* عمل في حفر الأنفاق القسامية اتجاه الأراضي المحتلة
كان عبد الحافظ رحمه الله متعاوناً مع رفاقه في القسام، مثالاً للأدب وحسن المعاملة مع إخوانه، كثير النصح والإرشاد للخير، دائماً يرفع من معنوياتهم، ويحث إخوانه على الصبر والثبات.
رحيل المجاهد
في أرض المعركة التي يُختبر فيها معادن الرجال، وينكشف فيها الباسل والهمام مما عداه، هناك حيث يجب أن يكون وكيفما يجب أن يكون، فكان الدعاء بأن يرزقه الله الشهادة حاضراً دائماً على لسانه.
وبعد رحلة جهادية طويلة صعدت روحه الطَاهرة إِلى رَبها شاهدةً عَلى ثَباته وصبره واحتِسابه، فما وهن ولا استكان، ولم يعرف للراحة طعم، ليلحق على عجل مبتسماً مرحاً سعيداً بركب الشهداء.
كان علي على موعد الفراق لهذه الدنيا الزائلة والانتقال لجنة الخلود والبقاء شهيداً –بإذن الله تعالى- يوم الثلاثاء الموافق 7 / 8 / 2018م، برقة الشهيد القسامي أحمد عبد الله مرجان إثر قصف صهيوني أثناء تخريج دورة للقسام، ليغادر دنيانا وما غيّر أو بدّل ولا تخاذل أو تقاعس، بل نذر نفسه لله مجاهداً حتى لقي الله على ذلك، نحسبه من الشهداء والله حسيبه ولا نزكيه على الله.