شهداء فلسطين

الشهيد رائد محمد عبد العال

 كم هي عظيمةٌ صفاتهم، وكم هي رائعةٌ ثمرةُ جهادهم، عندما تتعرف على سيرِهم، سيرتُهم هي بمثابة علامات على الطريق، وأنوار تضيء طريق السائرين في درب المجاهدين.

الميلاد والنشأة أبصر رائد النور في الثالث والعشرين من يونيو عام 1975م، ونشأ وترعرع وسط أسرة مجاهدة ملتزمة متواضعة لله، حي التفاح في مدينة غزة شهد ميلاد هذا البطل الهمام، ووالد الشهيد أبو رمزي هو أحد مؤسسي المجمع الإسلامي.

تلقي تعليمه أنهى رائد دراسته الابتدائية من مدرسة الهاشمية، والإعدادية من مدرسة الشجاعية، ودرس الثانوية في مدرسة يافا، لكنه لم يكمل دراسته بسبب الظروف المحيطة به في ذلك الوقت، وذلك بالرغم من تفوقه وذكائه وحبه للعلم. المجاهد الصابر أبو رمزي والد الشهيد يصف فلذة كبده فيقول: “كان رائد طيب هادئ، خفيف الروح، لا يغضب أحداً، ويعمل على إرضاء الجميع وإسعادهم، ولا أذكر يوما انه رفض لي طلبا فهو مطيع ويحترم الصغير ويقدر الكبير”. كما أنه اتصف بالذكاء الشديد وكان من شدة ذكاءه يعمل على إصلاح الأجهزة الإلكترونية في البيت ، التزم رائد في الصلاة في مسجد السدرة في حي التفاح منذ الصغر، كما تميز بالأخلاق الحسنة منذ صغره وكان محبوبا من الجميع في مسجده وحارته وعمله وكل مكان يذهب إليه.

حياته الاجتماعية

عمل رائد في مهنة الخياطة لفترة كبيرة، كما عمل في تصليح الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر بشكل مبدع فهو لم يتعلم هذه من أحد وإنما اكتسب ذلك بفضل الله أولاً ومن ثم من كثرة تجاربه مع هذه الأجهزة، وعندما عمل في إحدى المصانع تم تكليفه من قبل صاحب المصنع أن يكون مشرفا على العمل وذلك لإخلاصه وحبه لعمله محفظا للقرآن حرص رائد منذ صغره على الصلاة في المسجد جماعة، كما عمل محفظا لكتاب الله عز وجل لأشبال مسجده عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”؛ فأحبه كل من عرفه من إخوانه وأشباله، كما عين أميرا للكتلة العمالية في مسجده، وشارك في العديد من الأنشطة الدعوية والتربوية والجماهيرية في المسجد.

إصرار على دخول القسام بعد إلحاحه بشكل متكرر وإصرار منه، انضم رائد الى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، فرائد فعل كل ما بوسعه من أجل أن ينضم الى صفوف المجاهدين، وكان رفض إخوانه بسبب مرض القلب الذي يعاني منه منذ ولادته، كما طلبوا منه العمل في أي مجال آخر ولكنه أبى وأصر حتى نال ما تمنى ليكون في صفوف مجاهدي القسام فهو عملٌ عظيم الأجر الذي يناله المرابطون وعظيم الأجر الذي يناله المجاهدون في مقاومة الأعداء.

شارك رائد في العديد من المهمات الجهادية كما شارك في الرباط على الثغور رغم المرض الذي يعاني منه، ذكاء رائد الشديد وحبه وإخلاصه في عمله وسريته لفتت انتباه قادة القسام في منطقته مما أهله ليكون أحد مهندسي وحدة التصنيع العسكري للعبوات الموجهة. أيامه الأخيرة في أيامه الأخيرة علم أهل الشهيد أنه يعمل في صفوف القسام واستغربوا كثيرا لأنه يعاني من مرض خلقي في قلبه وكذلك لأنه شاب هادئ لا يتوقع أحد انه يخرج مع المجاهدين، فكان في أيامه الأخيرة يخبر أهله أنه خارج للرباط، وفي ليلة القدر كان يذهب للثغور ويصلي قيام الليل مع المجاهدين على الثغور شرق غزة، وحزن كثيرا لاستشهاد الدكتور حسين أبو عجوة حيث كان يعتبره مثله الأعلى وقدوته في طريق الدعوة، وكان يردد لأخيه متى يأتي اليوم الذي نلحق بأبي عبد الله، وقبل استشهاده بيوم قال لأخيه رامز أنه يشعر بقرب استشهاده وأنه أخذ موقعا متقدما في الرباط لآليات العدو. موعده مع الشهادة في الخامس من نوفمبر من عام 2006م كان رائد على موعد مع قدر الله عز وجل حيث ودع أولاده وأهله وطلب من أخيه رمزي قائلا له: “ادعوا لي بالخير”، وانطلق للرباط والدفاع عن أرضه المغتصبة، ليشرف ليلتها على زراعة العبوات الموجهة في منطقته ويزرع بعضها في منطقة أخرى حيث كان اجتياح بيت حانون في هذه الليلة، لتطلق طائرات الغدر الصهيوني صاروخا على جسده الطاهر ليلقى الله عز وجل شهيدا مقبلا غير مدبر لسان حاله يقول: “اللهم خذ من دمي حتى ترضى”.

نال رائد الشهادة بعد طول انتظار كما تمنى دائما، ليحزن الجميع كثيرا على فراقه، يحزنوا على فراق الحبيب ولكن عزائهم أن للأحبة معه لقاء في الجنان باذن الله، والده الصابر المحتسب قال عند سماع نبأ استشهاده: “حمدت الله واسترجعت واحتسبته عند الله شهيدا، أعتز بأن ابني شهيد في سبيل الله”.

زر الذهاب إلى الأعلى