شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد خميس سامي مشتهي

 فهم نجوم الليل التي ترشد من تاه عن الطريق، وتبقى الكلمات تحاول أن تصفهم ولكن هيهات، أعلمتم من هم هؤلاء، ببساطة هم “الشهداء”. ميلاد الشهيدالابن البار ولد خميس مشتهى في حي الشجاعية في أسرة ملتزمة محافظة، تتكون من خمسة من الأخوة الأكبر منه سناً، حيث كانت أحوال عائلته متواضعة، وميسورة الحال، فولد لهم شهيدنا خميس بتاريخ 14–10–1972م، ليتربى في أحضان أسرته، على أخلاق الإسلام، والصفات الحميدة، ليكون ابنا باراً بوالديه مطيعاً لهما، تربطه بينهما علاقة صداقة ومحبة.
تميز عن إخوانه في حبه وطاعته لوالديه بشدة، فكان دائم الطلب لرضاهما، وتذكر والدته بأن خميس لا يأكل أي شيء إلا بعد أن تأكل هي ووالده، مما زاد حبها له، وحزنت حزناً شديداً بعد استشهاده، حتى زاد مرضها وضعفت صحتها. عُرف الشهيد خميس بمحبته بين الجميع، فهو محب للجميع من الجيران والأقارب، بجانب مساعدة إخوانه وحبه لهم، وكان يزور أقاربه، ويحرص على زيارتهم، كما ربطته علاقة طيبة بجميع جيرانه، فكان بينهم محبة متبادلة، وتعامل بالأخلاق الحسنة، فكان يساعدهم، ولا يميز بين إنسان وآخر، مما جعل الجميع يعتبره الأخ العزيز والجار الوفي. هو صاحب القلب الطيب، والإنسان المحافظ على الصلاة في وقتها، فكان ملتزماً بشدة في أداء الصلوات الخمس في المسجد، وتميز عن إخوته بعلاقاته الاجتماعية الواسعة والمميزة مع إخوانه في المسجد وفي الحي. الشاب المثابر درس شهيدنا أبو جهاد المرحلة الابتدائية في مدرسة الهاشمية بمدينة غزة، فكان طالباً متميزا وذكيا، حرص على الحصول على الدرجات العالية، كـحرصه على إرضاء مدرسيه واحترامهم، من أجل ذلك أحبوه، وكانوا يفتخرون به في المدرسة، ثم انتقل بعد ذلك إلى مدرسة حطين الإعدادية، لإكمال دراسته وتعليمه، وكان كعادته متفوقاً ومتميزاً. كما كوّن العديد من العلاقات الطيبة مع زملائه وأصدقائه من أهل الحي، ونظراً لما يعيشه شعبنا من ظروف صعبة، لم يقف خميس صامتاً في وجه هذا الاعتداء الصهيوني على أبناء شعبه، فكان وخلال عودته من المدرسة، يقوم مع بعض أصحابه برشق القوات الصهيونية بالحجارة. وفي إحدى المرات قاموا باللحاق به حتى منزله، ولكنه فر منهم، وقفز عن سور المنزل الخلفي، وكان ذلك قبل الانتفاضة الأولى بعامين، واستمر يعيش هذه المعاناة حتى بعد إتمامه المرحلة الثانوية والتحاقه بالجامعة الإسلامية، فدرس فيها عاماً ونصف، لم يكملها بسبب أوضاع الجامعة الصعبة، والإجراءات الشديدة التي تعرضت لها من قبل قوات الاحتلال، فترك الجامعة، واقتصر نشاطه على فعاليات الانتفاضة. ثم تعلم مهنة “القصارة” لتكون مهنته الرئيسية التي عمل بها، إضافة إلى عمله في عدة مجالات مختلفة، حيث عمل في بيع الأجهزة الكهربائية المستخدمة، وتمديد شبكات الكهرباء، إضافة إلى عمله في مهنة البلاط، كل هذا كان من أجل أن يخدم دينه وأبناء شعبه، ويقوم بإعالة أسرته. في بيوت الله بعد انتقال شهيدنا مع أسرته للعيش في منطقة تل الإسلام، التحق بالعمل الدعوي في المنطقة، والتزم في مسجد الهداية، وذلك في العام 1997م، فشارك في نشاطات وفعاليات الحركة في تلك المنطقة، كما عمل محفظاً للقرآن الكريم ومربياً للأجيال، في ذلك المسجد، إلى أن انتقل إلى مسجد المجمع الإسلامي في أواخر العام 1998م.
بدأ نشاطه في مسجد المجمع بهمة عالية، ونشاط ملحوظ، ولصوته العذب، تقدم شهيدنا لإمامة المصلين، وتميز بذلك في قيام ليالي رمضان، إضافة إلى كونه داعياً ومحفظاً في المركز، مما جعله محبوباً من إخوانه الذين أحبوه، وأحبوا السماع لدروسه حين يحدثهم عن الحور العين، وعن الشوق للجنان والشهادة. كما تأثر شهيدنا بالشيخ أحمد ياسين، مما دفعه للزواج من إحدى بنات الشيخ، وأصبح بعدها ملازماً له في كل لحظة من لحظات حياته، ولازمه في حركة حماس، وتعلم على يده الكثير، فأصبح عضواً فعالاً في حركة حماس، وشارك في العديد من النشاطات والفعاليات التي تنظمها الحركة، وكان له الفضل مع مجموعة من إخوانه في بناء وتأسيس مسجد الهداية بمنطقة تل الإسلام، وكان ممن اقترحوا هذا الاسم للمسجد، كما عمل ضمن الأنشطة والفعاليات الحركية والجماهيرية داخل وخارج المسجد. مشواره الجهادي بدأ الشهيد خميس مع كتائب القسام، رغبةً منه في خوض طريق الجهاد، وسبيل الجنان، التي طالما تحدث عنها لإخوانه، ورأى فيه الإخوة في كتائب القسام، الرجل المناسب، لما يتميز به من قوته وشجاعته، والتزامه بالطاعة للجميع، إضافة إلى ذكائه وفطنته، فتم اشتراكه في صفوف كتائب القسام.
بدأ العمل في الكتائب مع بداية تكوين الجيش الشعبي، حيث عمل بكل نشاط وقوة، يشارك في المهمات التي توكل إليه من القيادة العسكرية، ويلتزم ويحرص على ليالي الرباط، فكان يرابط على حدود المغتصبات في قطاع غزة، ويخوض الاشتباكات البطولية هناك، كما رابط أيضاً في محيط منزل الشيخ أحمد ياسين، مع إخوانه المجاهدين. إضافة إلى ذلك شارك في العديد من الاجتياحات التي قام بصدها، ومنها الاجتياح الذي تعرضت له منطقة تل الإسلام، كما شارك في صدّ اجتياح حي الزيتون، وودع والديه، وحمل القاذف على كتفه، وتوقع والديه ألاَّ يرجع إلى المنزل، لكنه عاد بفضل الله سالما.
على موعد شوقه للشهادة لم ينقطع، وفي يوم الاثنين 22-3-2004م، خرج صائمًا لأداء صلاة الفجر، وبعد خروجه من المسجد مع مجموعة من إخوانه، من بينهم الشيخ الشهيد الإمام أحمد ياسين، باغتتهم الطائرات الصهيونية بعدة صواريخ حاقدة، ارتقى على أثرها عدد كبير من الشهداء، وكان من ضمنهم الشهيد خميس، والشيخ أحمد ياسين، رحمهم الله..
زر الذهاب إلى الأعلى