الشهيد حمدي إبراهيم أحمد البنا
ميلاد النور
ولد الفارس حمدي بتاريخ 31–10-1986 م،في غزة وجاء إلى أسرته حاملاً
لهم الفرحة، وراسماً البسمة على وجوههم، فتربى ونشأ على تعاليم الإسلام
وكان طفلاً هادئاً، ومحبوباً من الجميع.
كما تميز بالعلاقة القوية مع والديه، كان باراً بهما، وعطوفاً عليهما كثيراً،
فكان دائم الطلب من أمه بأن تدعو له، وأن ترضى عنه، معتاداً على أن
يقبل يديها، ويودعها كلما أراد الخروج من البيت، حتى أنه قبل يوم من
استشهاده وبعد أن علم بوجود اجتياح وتقدم للقوات الصهيونية، أتى لأمه
مسرعاً وسلم عليها، ولم يخرج إلا بعد أن قبل يديها واستحلفها أن تدعو
له بالشهادة وتسامحه وترضى عنه.
كذلك كان طيب العلاقة مع إخوانه وأخواته، فكانت تربطهم علاقة الأصدقاء،
وكان مرحا معهم، يمازحهم ويحب اللعب معهم، لذلك أحبه إخوته وكانوا
يثقون فيه ويساعدونه ويساعدهم، ويقوم باستشارتهم فيما يحتاج إليه.
كذلك أحب مساعدة الجيران، ولم يكن يتأخر لحظة واحدة عن طلب
لأحد جيرانه، بل يعتبر ذلك بابا لكسب الأجر والثواب من الله، إضافة
إلى صلته للرحم، وزيارته حتى للأصدقاء والجيران، وإخوانه في المسجد
الذي تربى فيه منذ طفولته، واعتاد على ارتياده والصلاة فيه في كل
الصلوات، فشهد له إخوانه في مسجد الصالحين بحرصه على حضور
جلسات التحفيظ، والاستماع إلى الدروس والندوات الدينية التي تقام
في المسجد.
الشاب الخلوق …
في العام 1992م، في مدرسة المعتصم بالله، كانت بداية شهيدنا في
حياته التعليمية حيث درس المرحلة الابتدائية في تلك المدرسة، وكان
من المتفوقين والطلاب المجتهدين والحريصين على أداء الدروس والواجبات،
على الوجه المطلوب، كما حصل دوما على أعلى الدرجات، وعلى
شهادات التفوق الدراسي، لذلك أحبه مدرسوه، وأحبه زملاؤه مرافقته
وصداقته، فهو نعم الطالب النشيط والخلوق.
تحلى شهيدنا بأخلاق الإسلام، والتزم بها، وظهر على سلوكه في تعامله
مع زملائه في المدرسة، ومع أصدقائه في الحي،وكان كذلك خلال دراسة
المرحلة الإعدادية في مدرسة انس بن مالك، ومن ثم التحق بالمرحلة الثانوية
ونجح فيها، ليواصل درب التعليم ومشواره الدراسي بالالتحاق بالجامعة في
كلية التربية قسم الرياضيات،ودرس فيها لمدة سنتين، كان خلالها مثالاً
للشاب المسلم المجتهد في دروسه، والنشيط في أمور دينه ودعوته.
نشط حمدي ضمن صفوف الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية،
وكان فيها مندوبا للمسجد في الكتلة الإسلامية، لكن شهيدنا حمدي
لم يكمل دراسته، فقد أجّل دراسته بعد أن درس سنتين والتحق في
صفوف القوة التنفيذية، وعمل خلالها مدافعا عن وطنه ودينه، ليصون كرامة
شعبه وأمته،وكان يؤدي عمله على أفضل وجه وبكل إخلاص ومسؤولية.
الدعوة إلى الله
سار شهيدنا في درب بيوت الله منذ الصغر، فالتزم مع إخوانه في مسجد
الصالحين بمركز التحفيظ، وداوم على حضور الدروس الدينية، والندوات
التعليمية، وتربى في المسجد حتى كبر، وأصبح يشارك في الفعاليات
والأنشطة الدعوية على اختلافها.
برز عمل شهيدنا في اللجنة الدعوية، فكان يأتي بالوعاظ والدعاة
لإعطاء الدروس في المسجد، كما كان ينظم جدول العبادة في الأوقات
والمناسبات وخاصة شهر رمضان المبارك، إضافة إلى هذا فقد شارك
في فعاليات اللجنة الثقافية واللجنة الاجتماعية، وأيضا في الفعاليات
الجماهيرية وخاصة بعد التحاقه بحركة حماس.
شارك فارسنا في المسيرات والمهرجانات المختلفة للحركة في قطاع
غزة، إضافة إلى المشاركة مع إخوانه في الأعمال الجماهيرية مثل الدعوة
إلى احتفالات الحركة، ومسيراتها، فتميز بالنشاط، وحبه للعمل والمشاركة
بكل إخلاص من أجل خدمة مسيرة الدعوة الإسلامية، ورفع لواء الحق،
إيماناً منه بدور الجانب الدعوي في شحذ الهمم، وتوعية الشباب المسلم،
والمجاهدين بأهمية الجهاد في سبيل الله، وبمكانة الرباط في أرض فلسطين.
عمل حمدي في كل الميادين العسكرية، ولم يقتصر نشاطه على تخصص
معين، كذلك كان له دور بارز في العديد من المهام الجهادية، خاصة المشاركة
في الحسم العسكري الذي قامت به كتائب القسام في قطاع غزة، إضافة
إلى المشاركة في معركة الفرقان، حيث كان له دور بارز فيها، وخرج من
بداية المعركة لصد القوات الغاصبة، باحثا عن الشهادة.
على موعد
قبل استشهاده بيوم رأى في منامه صديقه الشهيد فتحي المزيني،
وهما يمشيان برفقة بعضهما ويتمتعان بنعيم واسع، فصار شهيدنا حمدي
يقول: “أيعقل أنني سأستشهد وألحق بأخي وصديقي فتحي”، وفرح لهذا
كثيرا، حيث اشتاق جداً للحاق بأحبابه السابقين. 2009-1-15م، في يوم
استشهاده واجه الدبابات الصهيونية المجتاحة في منطقة تل الإسلام،
وأثناء قيامهم بأخذ مواقعهم، لمواجهة القوات الصهيونية، قامت إحدى
الطائرات الغاصبة بإطلاق صاروخ غادر تجاههم ليستشهد رحمه الله
بعد ربع ساعة من إصابته، وقد كان آخر كلامه الشهادة، ومات وهو رافعٌ لإصبع السبابة.
اقرأ المزيد:الشهيد المجاهد حسام نشوان