الشهيد المجاهد: محمد جميل النجار
كان يعانق الموت ليدافع عن طهارة وقداسة فلسطين فيما غيره يذهب ليعانق القاتل ويصافحه ويتبسم له.. ففرق بين عناق وعناق، فرق بين من يعانق الرصاص والقنبلة ليصنع نصراً لدينه وأمته ويكتب تاريخه بأحرف من ذهب… وبين من يعانق القاتل بشرعية قتله لنا واحتلاله لأرضنا ويقدم له المزيد من التنازلات. الشهداء.. عيون آبائهم “محمد شاب مطيع.. بار.. مهذب.. صادق.. قليل الكلام.. ملتزم في صلاته وعلاقاته مع الآخرين، لم تغب الابتسامة الرقيقة عن ثغره الباسم حتى وهو محمول على أكتاف الرجال وهم يزفونه إلى حيث يرقد في مثواه الأخير…”
ما قاله والده : “لقد صدق الله قولاً وفعلاً، فصدقه الله بشهادة كانت أمنية طالما طلبها وعمل من أجلها بإخلاص، فهنيئاً له الاصطفاء الرباني”، معرباً عن رضاه الكامل لما كان يقوم به نجله من عمل جهادي ضد أعداء الله والإنسانية الذين لا يتوانون عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق العزل من أبناء شعبنا. وأشار إلى أنه لا يمكن احتواء جميع المحطات في حياة نجله الشهيد المفعمة بالنشاط والعطاء في حوار أو عدة لقاءات، مؤكداً أن ابنه أحب الفكر والنهج الجهادي الذي يدعو دائما إلى مقاتلة العدو الصهيوني ومقاومتهم بكل الوسائل المتاحة. : “كنت كما كل أب حريص على حياة أبنائه، لكنني استسلمت أمام إلحاحه الشديد، وإصراره منقطع النظير على المضي في طريق ذات الشوكة لأجل نيل شرف الشهادة في سبيل الله”، مشيراً إلى أنه كان حريصا على متابعته وإسداء النصيحة له إذا لزم الأمر، لاسيما بعد تلقيه عدة تهديدات عبر هاتفه الجوال من المخابرات الصهيونية. الأم.. صبر جميل في حين ذلك، قالت والدة الشهيد بصوت حمل في نبراته كل معاني الأمومة: “كنت كما كل أم تخاف على أبنائها وتخشى من لحظة فراقهم عنها، وكثيراً ما كنت أعرض عليه فكرة الزواج، لكنه كان دائماً يطلب مني الدعاء له بنيل الشهادة في سبيل الله”، مؤكدةً أنها كما كل أم تتمنى أن تفرح بزواج أبنائها وتسعد برؤية أطفالهم يلهون ويلعبون حولها.
وتحدثت والدة الشهيد عن عمق العلاقة التي كانت تربطها بالشهيد وعن مدى حرصها الدائم على رؤيته والاطمئنان عليه بين الفترة والأخرى؛ نظراً لغيابه المتواصل عن البيت بسبب تفرغه الكامل للعمل الجهادي وقلقها عليه، مؤكدةً أنها استقبلت نبأ استشهاده بالزغاريد كما تمنى، مرددةً كلمات الحمد والرضا على اصطفاء نجلها شهيداً إن شاء الله.
محطاته الجهادية
“تميز الشهيد محمد منذ الصغر بالرجولة والشجاعة، فتقدم للتضحية بنفسه مجاهداً في الله حق جهاده”، “كان الشهيد محمد إنسانا في غاية البساطة.. يعامل الناس بأخلاق الإسلام.. يحترم الكبير ويوقره ويعطف على الصغير ويرحمه.. يحب الجميع ويحبه الجميع.. وإذا تعرض للإساءة كان يصفح ويغفر ما لم تنتهك حرمات الله” أن الشهيد كان يتميز بالتفاعل مع من يحيط به في المجتمع، فكان كثير من الأصدقاء ومن كل الأعمار يحبه، حيث كان مثالاً للرجل القادر على تحمل المسئولية.
مشواره العسكري
التحق الشهيد محمد النجار بحركة الجهاد الإسلامي منذ نعومة أظفاره بعد عام من انطلاق انتفاضة الأقصى المباركة عام 2001 م، ثم التحق بصفوف سرايا القدس في عام 2003 م، حيث تلقى عدة دورات عسكرية كان منها دورة استشهادي في أواخر عام 2004م. ويسجل للشهيد تنفيذ عدة مهمات عسكرية، منها عمليتا قنص في مستوطنة “موراج” أعلن العدو وقتها عن إصابة أحد جنوده داخل برج عسكري. وقنص جندي آخر في منطقة الفراحين ببلدة خزاعة شرق محافظة خان يونس، وشارك الشهيد في إطلاق عدة صواريخ وقذائف وهاون على مستوطنات الاحتلال، والمواقع العسكرية المتاخمة لقطاع غزة. وتعرض الشهيد “محمد” لعدة محاولات اغتيال نجا من معظمها، وأصيب في واحدة منها بإصابة بالغة في الرأس تماثل بعدها للشفاء، حتى جاء موعده مع الشهادة.
استشهاده في عصر يوم الثلاثاء الموافق 11/1/2011م كان الشهيد محمد جميل النجار على موعد مع الشهادة التي تمناها وسعى إليها سعيها، عندما استهدفته طائرات الاستطلاع الصهيونية بصاروخين أثناء قيادته لدراجة نارية في طريق الشهيد أسامة النجار جنوبي محافظة خان يونس، أسفرت عن استشهاده على الفور وإصابة أربعة مواطنين آخرين بجراح مختلفة.