شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد المجاهد : قيس فارس أحمد بركة

نشأة الفارس:

قيس فارس أحمد بركة ” أبو شهاب ” , المولود في 26/8/1988  , لأسرة متواضعة ذاقت مرارة الظلم الواقع على أبناء شعب فلسطين, وعاشت أزماناً وأزماناً من الأذى والنصب, الذي وقع على الشعب الفلسطيني كله جراء الاحتلال الصهيوني الغاشم, كان شهيدنا أبو شهاب أول فرحتها ومبتدأ بهجتها , فهو بكر أبنائها السبعة .

تنحدر هذه العائلة الكريمة من مدينة دير البلح , والتي طالما خرجت الأبطال والمجاهدين من أبناء هذا الشعب الأبي الصامد .

درس شهيدنا الابتدائية والإعدادية في مدارس دير البلح , وقد كان متميزاً دوماً في دراسته , لينتقل بعدها إلى مدرسة المنفلوطي الثانوية ليحصل على شهادة الثانوية العامة قبل استشهاده بأشهر قليلة , ليلتحق بعدها بكلية العلوم والتكنولوجيا والتي لم يمض على التحاقه بها عند استشهاده سوى أيام معدودة .

الأخلاق الحميدة وحب الآخرين:

ليس غريباً على من تخرج من رحاب أسرة طاهرة مؤمنة , ومن مساجد الرحمن المتألقة , أن يكون ذا خلق عظيم , وسمت كريم , ونفس وادعة حنونة تنشر عبق حبها لكل من حولها .

هذا هو حال فارسنا المقدام أبا شهاب , فقد كان حنوناً على إخوانه , يلاعبهم ويلاطفهم ولا يبخل عليهم بالنصح والإرشاد والمساعدة , يقول شقيقه قيصر ” كان حنوناً , كثيراً ما كان يساعدني في حل المشاكل التي تواجهني وعلي وجه الخصوص تلك التي تتعلق بعلاقتي برفاق المسجد” , إضافة لذلك فقد كان طيباً محبوباً ينشر الحب أينما حل وارتحل ,يحبه أصدقاؤه وأقرانه , كيف لا وهو الذي طالما صنع الحلويات لهم بنفسه ليوصلها لهم إلى بيوتهم , تقول الأم المكلومة وعيونها ترنو للمجهول ” كان قيس ماهراً في صناعة العديد من أصناف الحلويات التي كان يعدها دوماً لأصدقائه وأحبابه ورفاقه في القسام الذين كان يحبهم كثيراً ” .

امتاز شهيدنا بمحافظته على الأمانة وقوله الحق والصدق ولو على نفسه , كان صادقاً لا يخشى في الله لومة لائم , يفوق سنه كما أصرت أن تصفه والدته الحنون التي تفتقده كثيراً حيث قالت ” كنت أشعر أن قيس أكبر من سنه بكثير , فهو شجاع لا يعبأ بالمخاطر التي قد تحيط به ”

إلى جانب ذلك كله كان شهيدنا شديد البر بوالديه , لا يرفض لهم طلباً , على الدوام يساعد أمه في أعمال المنزل دون كلل أو ملل,  تقول والدته عن ذلك  ” كان رحمه الله في فترة حملي ينجز كافة أعمال المنزل بمبادرة منه , دون أن يكلفه أحد بذلك ”

في ركب العز والفخار

هذا النشاط المتوقد , والانتماء الفريد لدعوة السماء , والحب العظيم للجهاد والمجاهدين , والأخلاق العالية الرفيعة , كل ذلك أهل شهيدنا أبا قيس للانضمام إلى ركب العزة والفخار , إلى ركب كتائب الشهيد عز الدين القسام .

كان ذلك في العام 2006م , ليتلقى شهيدنا العديد من الدورات العسكرية , ليكون بعدها أحد المرابطين على حدود الوطن الغالي الحبيب فلسطين , وحارساً أميناً, وحافظاً مؤتمناً على ثغر من ثغور الوطن .

كان شهيدنا لا يتأخر إذا ما دعي لأي عمل جهادي , ولا يتغيب أو يتأخر عن موعد رباطه مهما كانت ظروفه , يقول في هذا السياق أحد إخوانه المجاهدين ” كان قيس يحب الرباط , بل يعشق ليالي الرباط ,حتى أنه لا يتغيب عن رباطه مهما كانت الظروف , ففي  ليلة من ليالي رباطه تجهز أبو شهاب للخروج لموعد رباطه , وحينما هم بالخروج وجد أن الوقت ما زال مبكراً فاستلقي ينتظر أن يحين موعد رباطه , فنام  حتى استيقظ في الثانية ما بعد منتصف الليل , فأبى أن يبقى في المنزل  ,وجاءنا في مكان رباطنا رغم أن موعد رباطه قد قارب على الانتهاء رحمه الله ”

كان شهيدنا متيقظاً لدرجة أنه كان يستيقظ من نومه لأي حركة يشعر بها في المنطقة ويمشط المنطقة ويعود .

كان الفارس المقدام حريصاً علي سلاحه والعهدة العسكرية التي بحوزته ,يقول والده ” كان قيس محافظاً علي سلاحه , أميناً على عهدته,  فقد كان يضع سلاحه معه وهو نائم من شدة الحرص عليه ”

شارك شهيدنا في عمليات التطهير لمواقع الفلتان والفساد والزندقة التي قامت بها كتائب القسام , فهو أول من رفع راية التوحيد لترفرف خفاقة فوق موقع القوة 17 في المنطقة الوسطى .

حبه للشهادة وعشقه للشهداء

” إذا كانت الحياة مصدراً للسعادة فاكتبوا عل قبري ميت قبل الولادة .”

هذه العبارة التي وجدت مخطوطة علي أحد كراساته المدرسية تدل دلالة واضحة على حب هذا الرجل الفذ لما عند الله وعشقه للشهادة , كثيراً ما تحدث أبو شهاب عن الشهادة وجزاء الشهداء ونزلتهم العظيمة عند الله عز وجل , وطالما تمنى الفارس أن يترجل إلى الله شهيداً , تقول والدته ” كان كثيراً ما يجلس ويكتب الوصية أمامي ويقول لي غداً تقرأي هذه الكلمات وتتذكرينني بها فكنت لا آخد كلامه على محمل الجد فلم يكن يخطر ببالي أني سأفقده في يوم من الأيام”

تأثر شهيدنا تأثراً شديداً باستشهاد رفيق دربه وحبيبه الشهيد المجاهد “أبو أنس” إيهاب نصار , فقد غضب غضباً شديداَ عند سماع نبأ استشهاده على يد العملاء المرتزقة من الأجهزة الأمنية العميلة , وأقسم على الثأر والانتقام من هؤلاء المنفلتين , فأبو أنس من أحب إخوانه إلى قلبه , وتربطه به علاقة أخوية قوية جداً , وها هما يجتمعان معاً في جنان الخلد إن شاء الله.

يوم الشهادة

كانت ليلة الاستشهاد وهي ليلة الجمعة , ليلة من ليالي الرباط والجهاد المقدس لأبي شهاب , فقد كان مرابطاً مع إخوانه المجاهدين, كذلك ففى ختامها صلى بإخوانه المرابطين صلاة الفجر إماماً , لينطلق صباح الجمعة إلى موقع التدريب , وساحة الإعداد , ويرتقي إلي جنان الخلد بإذن الله شهيداً في مهمة جهادية مقبلاً غير مدبر صباح يوم الجمعة الموافق التاسع عشر من أكتوبر للعام السابع بعد الألفين للميلاد بعد جهاد طويل وثبات علي الحق والدين .

 

زر الذهاب إلى الأعلى