قصص الشهداء

الشهيد المجاهد علاء علي الشريف


وحيد ابن وحيد وشهيد حفيد شهيد ونسيب لشهيد

أن تكون ابن وحيد لأب وحيد وتكون حفيد لشهيد ربما يعتبرها الناس حواجز اجتماعية لتمنعه عن الجهاد والمقاومة ..
ولكن الشهيد علاء اعتبرها مبررات واهية لن تمنعه من أن يكون مجاهداً ويتوجها بشهادة إلى العلياء لمرضاة الله عز وجل

لم يضيره كونه الذكر الوحيد في عائلته ولا كون والده الوحيد أيضاً في عائلته من قبله, فبادر بالجهاد حتى نال الشهادة التي تمناها دوماً

المجاهد الرسالي

ولد شهيدنا البطل في الجمهورية الليبية في 9/6/1978م حيث الشتات والبعد عن الأهل و الوطن الأم فلسطين, كما وترعرع في أسرة ربانية حرصت على تغذيته بالفكر الإسلامي الصافي منذ نعومة أظفاره.

رحل الشهيد المجاهد علاء من جمهورية ليبيا بحثا عن العمل والرزق الكريم في مناكب الأرض ولم يمضي أكثر من ثلاث سنوات حتى عاد الوالد بأسرته الصغيرة إلى فلسطين ليرحل من جديد إلى الجمهورية المصرية فيستقر فيها نحو ثلاث سنوات أخرى, وبعدها انتقلت الأسرة إلى المملكة السعودية التي التحق فيها طفل الأسرة الوحيد “علاء”  بالمرحلة الابتدائية وقبل أن يكلمها عادت الأسرة من جديد إلى فلسطين حيث حنين القلوب ودفئ الصدور.

وحيد الأسرة

تنفست العائلة الصعداء بعودتها إلى وطنها عام 1984م  بعد غربة و ترحال لسنوات طويلة بحثاً عن الرزق و العلم بين الأقطار العربية, وإلى ذلك فلم تخلو الرحلة من فوائد أخرى تتعلق بالفهم الحقيقي لمعنى الوطن و الحرمان منه.
يعتبر شهيدنا  علاء هو الذكر الوحيد الذي أنجبه والده إلى جانب ستة من البنات اللاتي أحطنه من كل جانب من الحب والرعاية, كما لذلك الحال الاجتماعي الذي تميز فيه علاء فرض عليه كثير من الظروف التي تتعلق بجهاده فيما بعد.

البحث عن المجهول

تميزت طفولته بالحيوية والحركة المستمرة بحثاً عن الأشياء, كما وعرف عن الشهيد حب الاستفسار والسؤال عن كافة الأشياء من حوله التي كانت تستعصي على عقله، إلى جانب التربية الإيمانية الربانية التي خضع لها في أسرته المجاهدة فإن شهيدنا تلقى أول الدروس السياسية والوطنية من خلال والديه المجاهدين الملتزمين, فمنذ الصغر عرف معنى مصطلحات المجاهد الرباني المخلص والصهيوني المحتل، كما وكثيراً ما حدثته الأسرة عن جده الشهيد عمر الشريف والذي استشهد خلال هجرته من بلدته الأصلية على يد المغتصبين الصهاينة عام 1948م.

الدراسة و الجهاد

التحق شهدينا المجاهد علاء بالمرحلة الثانوية في مرحلة بدأ يتشكل لديه المفهوم الواضح للصراع الفلسطيني الصهيوني على أرض فلسطين, فتميزت تلك المرحلة بانشغال فكري عميق بمجريات الأحداث من حول شهدينا.

تميز شهيدنا في مرحلة الشباب بمهارته الاجتماعية الفريدة من نوعها, حيث علاقاته الاجتماعية الواسعة والممتدة في كافة الاتجاهات, وقدرته الفائقة على تكوين صداقات حميمة في وقت وجيز جداً.

منذ ذلك الحين تمحور حديث المجاهد علاء وعقله وعمله حول فكرة واحدة وهي الشهادة في سبيل الله و الجهاد في سبيل إعلاء راية التوحيد , هكذا تربى شهيدنا منذ الصغر وعلى ذلك نشأ في الشباب خلال المسجد الذي التهم جزء كبيراً من حياته.

ثم التحق الشهيد علاء بالجامعة الإسلامية عام 1994م ليدرس الشريعة فيها لعام واحد ومن ثم لينتقل لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية فيتميز ويتفوق يتخرج منها عام 1998م بتقدير عام جيد جداً.

 

زواج من ابنة شهيد

لم يتخرج من الجامعة بالشهادة فقط بل تخرج ليتزوج من قرينته استطاع أن يتزوج منها قبل التخرج بعام واحد 1997م ابنة الدكتور الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي القيادي في حركة حماس.

بعد الزواج رزق الله الشهيد علاء ابنة وحيدة أسماها “سارة” لينقطع نسل هذه العائلة من الرجال بعد استشهاد علاء ووفاة أبيه بعدها بسنوات قليلة.

وللطفلة سارة عند والدها الشهيد المجاهد قصة طويلة حلقاتها الحب الأصيل والفريد الذي سكن قلبه وعيونه, فملأت سارة بدورها قلب وحياة المجاهد حتى اللحظات الأخيرة من حياته القصيرة.

ومع مطلع عام 1999م اجتمع مع إخوان له على إكمال الدراسة في الخارج العربي حيث الماجستير في الأردن، ثم رحل الشهيد علاء مرة أخرى ليتجرع من جديد آلام الغربة و الحنين إلى الوطن ولكن هذه المرة لطلب العلم و برفقة الأصدقاء.

ولم يمض أكثر من ثلاثة أشهر على وصول المجاهد علاء إلى الأردن حتى قررت المخابرات الأردنية إعادته من حيث أتى من فلسطين, لدواعي أمنية على حد ادعائهم.

وعندما عاد إلى أرض الوطن لم يجد أمامه سوى البحث عن العمل والرزق في المكان الذي كتب له البقاء فيه, فعمل في شركة الكهرباء الفلسطينية .

 

التزام في محراب المسجد

منذ ذلك الحين وهب المجاهد علاء حياته كاملة للجهاد في سبيل الله دون مقابل دنيوي, فتعلق بالمسجد بشكل منقطع النظير جعل منه رجل دائم الهجرة إلى الله تعالى.

تميز بين أقرانه بقدرته الفائقة على الإدارة والتخطيط وحل الأزمات – مهما عظمت – بهدوء أعصاب وروية الحكماء وذكاء المبدعين, وهب موهبته هذه إلى الدعوة في سبيل الله التي كان من أهم أشكالها المسجد، كان يعيش بينهم في الأسرة جسداً على قلباً فقلبه كان دائما معلقاً بالمساجد و الدعوة والجهاد.

 

انتفاضة وجهاد

مع انطلاقة انتفاضة الأقصى المباركة انطلقت في المجاهد علاء براكين الجهاد للذود عن حمى الوطن والدين, فتحركت مشاعره لأحداث الانتفاضة, و انتفضت أطرافه دعماً لثورة شعبه وجهادهم لدحر الاحتلال البغيض عن تراب فلسطين المسلوب.

معيقات واهية

وضعه الاجتماعي سالف الذكر (المتمثل في كونه الذكر الوحيد الذي ينجبه والده في الأسرة إلى جانب كون والده أصلا وحيد والديه) شكل له عقبة صلبة أمام المشاركة المباشرة في الجهاد عبر كتائب الشهيد عز الدين القسام, ولكن ذلك لم يبرر لنفس الشهيد التقاعس عن الجهاد بل جعل منه سلماً صعد به إلى مراتب الشرف والشرفاء من المجاهدين ليكمل مسيرته بشهادة طالما انتظرها.

لم يترك وسيلة ولا حيلة في سبيل إقناع إخوانه في كتائب القسام ليقبلوه عضواً مقاتلا حتى استطاع في نهاية الأمر إقناعهم بأهمية مشاركته.

العقل المدبر

وفي عام 2002م أي بعد عامين تقريباً من انتفاضة الأقصى بات المجاهد البطل أحد مجاهدي القسام المعتد بهم والمعتمد عليهم ولكن في الجانب الذي ادع في علاء سابقا في حياته الإدارة و التخطيط.

مثّل مجاهدنا دور القلم في حياة المجاهدين من كتائب القسام فرسم لهم خطوط سيرهم في أصعب الظروف الأمنية التي عاشوا فيها , وقدم لهم برامج عملية لحياتهم الشخصية في ظل ملاحقة العملاء لهم على الأرض, وطائرات العدو الصهيوني في السماء.

برع المجاهد علاء في تكوين شبكة من العلاقات بين قادة العمل العسكري في المناطق المختلفة على طريق توحيد طرف الاتصال بينهم وتسهيلها.

التهم عمله الجهادي في كتائب القسام منذ ذلك الحين معظم وقته إن لم يكن كله, فبات لا يطأ البيت إلا في أوقات متباعدة جداً وغير منتظمة.

 

زيارة القبور

تميز مجاهدنا علاء بقربه من المجاهدين وذويهم بعد استشهادهم , فزيارة قبور الشهداء والمشاركة في جنازات تشييعهم جزء من حياته, كما وكان حريص على زيارة الجرحى على أَسِرة المستشفيات من عرف منهم ومن لم يعرف.

يعد استشهاد والد زوجته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي نقطة فاصلة في حياة شهيدنا علاء, كيف لا ؟! وقد كان يعتبره المثل الأعلى له في حياته , أضف إلى ذلك فهو والد زوجته وجد طفلته التي عشق.

لحظة علمه باستشهاد الدكتور الرنتيسي تكللت بالصمت الطويل الذي انتهى بالبكاء المر والحزن الدفين في قلبه حتى استشهاده.

 

شهادة مع المجاهدين

وبينما كان في ليلة الثامن عشر من أغسطس من العام 2004م كان شهيدنا المجاهد علاء يعيش أوقاتاً هانئة مع رفاق دربه في الجهاد وإخوانه في الله المجاهد القائد أحمد الجعبري و فلذة كبده القسامي محمد وشقيقيه فتحي وحسين الجعبري وابن أخيه برهام الجعبري وصهره صلاح الحية.

إلا أن طائرات العدو الصهيونية الحاقدة أبت إلا أن تعكر صفو وهناء تلك العائلة المجاهدة، فقصفت صاروخاً محرماً دولياً على مكان تواجدهم بعد أن فرغوا من صلاة العشاء فقضوا شهداء في سبيل الله وقد تناثرت دماؤهم وأشلاؤهم جمعياً على جدران المنازل المجاورة، وبقي منهم فقط القائد أحمد الجعبري ليبقى هو الشاهد الوحيد على جريمة اقترفها الحقد الصهيوني.

زر الذهاب إلى الأعلى