شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد المجاهد “عثمان صدقة”

ميلاد فارس

ولد الشهيد المجاهد عثمان صدقة في عنزا قضاء جنين في العام 1980. درس حتى المرحلة الثانوية في مدارس البلدة وكان من ناشطي الجماعة الإسلامية في المدرسة قبل ان يصبح ناشطا وعضوا فاعلا فيها بعد التحاقه بجامعة القدس المفتوحة في برنامج الإدارة .تاركا بصمة البذل واضحة في نفوس كل عرفوه .. من الأهل والأقارب والجيران والزملاء وحتى إخوة السلاح والمطاردة والهجمات.. أصبح عثمان من نشطاء حركة الجهاد الإسلامي في جنين فتم اعتقاله في 1/9/2002 وقبع خلف القضبان الصهيونية عامين .. خرج بعدها مصرا على تحقيق حلمه وبلوغ أمنيته .. حلم واحد يسيطر عليه .. سار لتحقيقه بكل طاقته انه حلم الشهادة الذي تأصل في نفسه عميقا حتى بات ينازعه على قيامه بدوره كمعيل وحيد لأسرته المكونة من والدته و أخوات ثلاث واخوين بعد رحيل والده منذ عامين.

رغبته تنتصر

انتصرت رغبته في الآخرة على دوامه في زخرف الدنيا الزائل فالتحق بسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وتعمقت علاقته بقادة الجناح من طولكرم من أمثال لؤي السعدي ونضال ابو سعدة ومعتز ابو خليل ومصطفى عبد الغني الذي أصبح ملازما له في كل تحركاته .

 

بحجة البحث عن عمل كما اخبر أهله توجه عثمان الى رام الله وظل على اتصال بأهله ينقل لهم دوما انه على خير ما يرام وانه جاد في البحث عن عمل يعيل الأسرة ويساعده على إتمام دراسته .

 

المطاردة

عندما قام الجنود الصهاينة وعلى احد الحواجز الطيارة بمعاينة هويته طلب الجنود منه التوقف وشرعوا بالانقضاض عليه لاعتقاله .. لكن صدقة تمكن من الافلات منهم وفر هاربا تاركا هويته معهم ومن وقتها أصبح اسم صدقة يتصدر قوائم المطلوبين للتصفية من حركة الجهاد الاسلامي في الضفة .. لتجمعه الأقدار بصحبة مميزة.. اخوان في الدنيا والآخرة فكان بصحبة المجاهد مصطفى عبد الغني .

 

كانت تحركاته وزميله تتم تحت ستار الظلام لذا قرر عثمان صدقة تغيير عدساته اللاصقة بأخرى مكبرة وتساعد على الرؤية الواضحة في الليل . زيارته لطبيب العيون في المشفى نقلته الى لعب دور نبيل ندر ان يلعبه احد فقد تناهى الى مسامعه قصة أشخاص محرومون من نعمة البصر وبانتظار عملية زرع قرنيات لتمكنوا من الإبصار لاول مرة في حياتهم فيتحرك في شخصه الكريم نموذج نادر للعطاء عندما يوقع على تعهد بتقديم قرنيتي عينيه لاثنين من هؤلاء المرضى بعد استشهاده.

ليلة الاستشهاد

قبل الرحيل بيومين يصر عثمان على سماع صوت والدته فلا يكون منه الا طلب واحد تقول والدته والألم يعتصر قلبها والدموع تمور في عينيها قال لي : “اسمعيني رضاكي يا امي فانا بحاجة اليه .. فرحت أرضى عليه والهج له بالدعاء فاستحثني قائلا:” ولا تنسي أن ترضي على رفاقي ايضا” فرحت ادعو له ولهم فاستوقفني قائلا:” امي اعيدي ذلك اريد تسجيله على الجوال” وبالفعل كررت ما قلته عندها تنهد وقال :” الآن لا تسعني الدنيا من السعادة يا والدتي الغالية”.لم تكن ام عثمان تدرك ان هذه كلماتها تلك هي آخر ما ستتبادله مع ابنا البكر . لم تتصور انها آخر مكالمة قبل الرحيل .

 

الاستشهاد

المكان: بناية محاطة ببستان في شارع 15 في رفيديا في مدينة نابلس . الزمان : الحادية عشرة ليلا .. تعالت في تلك المنطقة أصوات الدبابات والآليات التي حاصرت المبني لم يدرك السكان في تنلك المنطقة أن عثمان الذي يصعد منذ اقل من نصف ساعة حاملا عشاءه ورفيقيه ايمن عامر من علار ومصطفى عبد الغني من صيدا وتسللت خلفه سيارة إسعاف لم تكن الا كمين منصوب للمجاهدين الثلاث وان سيارة الإسعاف لم تكن تقل المسعفين كالعادة بل تزخر بعناصر قوة صهيونية خاصة. دقائق قليلة مرت بعد ان وطأت قدم عثمان الشقة وبدأ اطلاق النار صوبها من كل حدب وصوب. وبسرعة البرق تناول المجاهدون سلاحهم واخذوا يطلقون نيرانهم نحو الآليات التي تحاصرهم .تمكن أيمن من النزل إلى مدخل البناية ليستعد لتفجير نفسه قبل ان تنهال عليه الرصاصات وتصيبه إصابة بالغة تلقي به بلا حراك . وتحصن عثمان خلف خزان المياه وباشر بإطلاق النار قبل أن يصاب وعلى جدار البناء يخط صدقة بدمه الزكي عبارة ” الله اكبر” ثم يلتقط أنفاسه ويعلو هتافه بالتكبير وهو يواصل إطلاق النار قبل أن يلقى الله شهيدا مقبلا غير مدبر، يجثو على ركبته اليمنى ويضم الأخرى نحو صدره وقد تسمر إصبعه حول زناد بندقيته .

 

أما رفيقه مصطفى عبد الغني فيواصل إطلاق النار ويصيب بنيرانه عددا من الجنود الذين تثور ثائرتهم ويهدمون بقايا البيت بالجرافات على رؤوس المجاهدين ويلقى الله شهيدا في ليلة دامية .

 

زر الذهاب إلى الأعلى