الشهيد المجاهد بشير الدبش
إن دور المجاهدين اليوم في فلسطين ولبنان أن يمنعوا استقرار اسرائيل بأي ثمن ، لأن استقراراها يعني زلزلة المنطقة ، إن دور المجاهدين اليوم أن تبقى فلسطين مجال الفكر والممارسة ومجال شحذ الهمم والعزائم ومركز الاستقطاب لنهوض فالشهداء هم أصل الجهاد ونبراسه فكان بشير الدبش هو نبراس للمجاهدين وقائدهم رغم ألمنا لفراقه ورغم خسارتنا بفقدانه وفقدان الشهداء باختلاف أطيافهم فهم فخرنا وعزنا… هم شموعنا وقدوتنا يضيئون لنا الطريق كي لا نتوه في زحمة الأحداث الجارية والمتسارعة.
قائد جديد يترجل في الميدان يلحق بإخوانه الشهداء القادة فتحي الشقاقي… محمود الخواجا… هاني عابد… محمود طوالبة… مقلد حميد… محمود جودة… عبد العزيز الشامي وكل شهداء شعبنا المجاهد.
ميلاد قائدنا الشهيد
ولد شهيدنا القائد المجاهد/ “بشير عبد الكريم محمود الدبش” “أبا جهاد” في مخيم الشاطئ بتاريخ 4/8/1965م.
ونشأ شهيدنا أبا جهاد في أسرة بسيطة مؤمنة بالله تعرف واجبها نحو دينها ووطنها، وكباقي العائلات الفلسطينية هُجِّرت عائلته من قرية “القبيبة” قضاء الرملة في العام 1948م، ليستقر بها المقام في قطاع غزة.
ودرس شهيدنا القائد بمدرسة في مخيم الشاطئ التابعة لوكالة الغوث للاجئين كما درس الإعدادية في مدرسة غزة الجديدة للاجئين أيضاً، وبعدها التحق بمدرسة الصناعة فأنهى “دورة في العمل المهني” وعمل في هذه المهنة فترة طويلة من حياته، وكان ماهراً في صنعته، واستمر فيها إلى أن أصبح مطلوباً لقوات الاحتلال الصهيوني وذلك مع اندلاع انتفاضة الأقصى.
صفاته وعلاقته بالآخرين
اتصف شهيدنا القائد/ “بشير الدبش” بالشجاعة وعدم الخوف، فكان لا يهاب مواجهة الأعداء وعُرف بصلابته في التحقيقات ومواقفه الشجاعة في سجن النقب، فكان يرفض بشدة الانصياع لأوامر الضباط والجنود الصهاينة والتي تهدف إلى إذلال المعتقلين.
والخجل والحياء كانتا سمتان اتصف بهما شهيدنا القائد/ “بشير”، فكان محباً للآخرين ترتسم على وجهه ابتسامة بريئة تتواصل معه وتُظهر طيب معدنه، وكانت صفة العناد تلازمه وإصراره على الحق الذي يعتقد، وثباته على الموقف الحق..
كانت علاقته بأصدقائه علاقة ود واحترام ووفاء، وكان حريصاً على مجاملتهم ومساعدتهم وعدم التقصير معهم، وكان وفياً لقائده الشهيد “محمود الخواجا” “أبا عرفات” يبر بأصدقائه ويحفظ وصيته تجاههم، وكان محباً لحركته متفانياً في خدمتها، يبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق أهدافها، وذات يوم باع مصاغ زوجته لينفق منه على نشاطات للحركة إذ كانت في ضائقة مالية في حينه.
ربطت الشهيد علاقات الأخوة والتعاون مع كافة الفصائل الفلسطينية المقاومة، فشارك في عدة عمليات مشتركة مع الإخوة في كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى وارتبط شهيدنا بعلاقات حميمة بالشهداء الأبطال: (عزيز الشامي، مقلد حميد، محمود جودة، رامي عيسى، محمود الزطمة، إياد الراعي).
المشوار الجهادي
منذ نعومة أظفاره تعرف شهيدنا القائد بشير على حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، فكان من أبنائها المخلصين، وتفتحت عيناه على فكرها وختم حياته شهيداً وقائداً مؤسساً ورئيساً في سراياها المجاهدة.
تعرف شهيدنا منذ كان شاباً يافعاً على الشهيد القائد “محمود الخواجا” وكان ذلك مع بداية الثمانينات لدى بروز حركة الجهاد الإسلامي في الساحة الفلسطينية، فكان القائد “بشير” من أوائل الملتحقين في صفوفها فعرفته المساجد مصلياً ملتزماً في صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وناشطاً فاعلاً في جلساتها في المساجد ومدافعاً صلباً عن أفكاره، وشارك الشهيد في معظم نشاطات حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في مرحلة الثمانينات (جلسات المساجد- ندوات في البيوت – مهرجانات – الإحياء السنوي لليلة القدر في المسجد الأقصى الشريف – حضور خُطب الجمعة في مسجد عنان ومسجد القسام)، ومارس شهيدنا القائد الدعوة إلى الله في المساجد فكان يخطب الجمعة في عدد من المساجد في فترة سابقة على عمله في الجهاز العسكري للحركة.
كان الشهيد القائد حاضراً للعديد من الندوات للدكتور “فتحي الشقاقي” رحمه الله، والتي كان يعقدها الشهيد فتحي الشقاقي في البيوت في بداية الثمانينات ويشرح فيها أفكاره ويدعو فيها للجهاد في سبيل الله ويؤكد من خلالها على مركزية القضية الفلسطينية ووجوب مقاتلة العدو دون انتظار.
جهاد واعتقال
اعتقل شهيدنا القائد بشير الدبش مع بداية الانتفاضة الأولى (ديسمبر 1987م) لمدة ستة أشهر، فكان من أوائل المعتقلين في الانتفاضة وذلك في سجن عتليت الصهيوني، وتنقل منه إلى سجن النقب الصحراوي “كيلي شيفع”، واعتقل شهيدنا القائد بتاريخ 19/1/1989م ليمضي في السجن عشرة أشهر بتهمة الانتماء لتنظيم الجهاد الإسلامي والقيام بفعاليات لصالح حركة الجهاد الإسلامي، وأيضاً اعتقل شهيدنا القائد/ “بشير” في شهر مايو 1994م لمدة ثلاثة شهور “إداري”، في سجن النقب الصحراوي، واصل شهيدنا انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي بعد خروجه من المعتقل وعمل في الجناح السياسي للحركة كمسئول مجموعات وكضابط اتصال بين المناطق.
التحق الشهيد القائد/ “بشير” في العام 1994م بالجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي والذي عُرف في حينه بالقوى الإسلامية المجاهدة “قَسم” والذي تأسس في العام 1992م على يد الشهيد القائد/ “محمود الخواجا” فكان الشهيد القائد/ “بشير” ممن قدموا خدمات جليلة للجهاز العسكري، وشاركوا بالكثير من العمليات الجهادية في تلك الفترة.
اعتقل شهيدنا القائد/ “بشير” على أيدي أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عدة مرات على خلفية علاقته بحركة الجهاد الإسلامي وجهازها العسكري وباعتباره من كوادرها الرئيسية، فكان الاعتقال الأول في العام 1995م لمدة عشرة أيام لدى المخابرات العامة الفلسطينية، وكان الاعتقال الثاني لمدة خمسة شهور وذلك لدي جهاز الأمن الوقائي في شهر إبريل 1997م، وتكرر اعتقاله ثالثاً لمدة أسبوع في النصف الثاني من العام 2003م تعرض فيه للضرب المبرح بأعقاب البنادق فجُرح في رأسه، وكل ذلك ضمن الحملات الاعتقالية التي كانت تشنها أجهزة السلطة الفلسطينية ضد مجاهدي شعبنا الأبطال.
مع بداية انتفاضة الأقصى (سبتمبر 2000م)، وقبل ذلك بشهور سعى شهيدنا “بشير” لتشكيل مجموعات عسكرية لمقاومة الاحتلال فكان من المؤسسين للجناح العسكري الجديد لحركة الجهاد الإسلامي والمعروف الآن باسم “سرايا القدس” مع رفاق له منهم الشهيد القائد/ “محمود الزطمة” “أبا الحسن” وآخرين.
يعتبر الشهيد القائد “بشير الدبش” قائداً عاماً ومركزياً في سرايا القدس يُشرف على العديد من المجموعات العسكرية عبر مناطق مختلفة في قطاع غزة.
اهتم الشهيد القائد “بشير” بالعمل المشترك بين الفصائل لإيمانه المتواصل بالوحدة الإسلامية والوطنية كما أسلفنا، فكان ينسق ويخطط ويشارك إخوانه من باقي التنظيمات في الكثير من العمليات الجهادية والبطولية المشتركة لاسيما مع إخوانه في كتائب القسام وكتائب الأقصى.
استشهاده
في عصر يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شعبان 1425هـ، الموافق 5/10/2004م، خرج شهيدنا القائد “بشير الدبش” برفقة مساعده الشهيد “ظريف العرعير” لزيارة بعض إخوانهم المصابين والجرحى في مستشفى الشفاء، ولدى عودتهما وبالتحديد في شارع عز الدين القسام مقابل مدارس الوكالة وبمحاذاة وزارة الشباب والرياضة قامت طائرة الاستطلاع الصهيونية بإطلاق صاروخها الحاقد على السيارة التي كانا يستقلانها، الأمر الذي أدى إلى استشهاد الشهيد القائد “بشير الدبش” على الفور، حيث كانت إصابته في الرأس مباشرة، فيما أصيب زميله الشهيد المجاهد “ظريف العرعير” بجراح خطيرة وقد فارق الحياة بعد وصوله المستشفى بقليل.
وفي موكب جنائزي مهيب تم تشييع الشهيد القائد “بشير” إلى مثواه الأخير في مقبرة الشيخ رضوان، فيما وري جثمان زميله الشهيد المجاهد “ظريف العرعير” في مقبرة الشهداء، رحم الله شهيدينا ونسأل الله أن يتقبلهما عنده من الشهداء، وأن يجمعهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنة الرضوان.
هذا وقد عاهدت “سرايا القدس” في بيان لها أبناء شعبنا المعطاء على الانتقام والرد الموجع بإذن الله.
بعضاً من الأعمال الجهادية التي أشرف عليها الشهيد القائد المؤسس/ بشير عبد الكريم الدبش (أبا جهاد)
يعتبر الشهيد القائد/ “بشير عبد الكريم الدبش” “أبا جهاد” من القادة البارزين والمؤسسين في “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وقد شارك وخطط وأشرف على العديد من العمليات الاستشهادية، نذكر منها:
– إرسال المجاهد “مراد أبو معيلق” بتاريخ 17/6/2001م لتنفيذ عملية استشهادية من خلال كارة يجرها حمار ضد موقع عسكري صهيونى بالقرب من منطقة “الدهنية” في رفح.
– عملية الاقتحام الجريئة بتاريخ 20/9/2001م، والتي قادها الشهيد القائد/ “منير أبو موسى” في منطقة الدفيئات الزراعية بالقرب من مستوطنة
“كفارداروم”.
– التخطيط مع الشهيد القائد/ “رامي عيسى” للعملية الجريئة بتاريخ 20/12/2002م، عند مدخل مستوطنة “كيسوفيم” والتي قُتل فيها عميد حاخامات المستوطنين في قطاع غزة.
– تجهيز أحد استشهاديين سرايا القدس، والذي اشترك مع الاستشهادي “سمير فودة” من كتائب القسام، لتنفيذ عملية نتساريم الاستشهادية المشتركة بتاريخ 24/10/2003م، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة آخرين بجراح، وقد استشهد في العملية الاستشهادي “سمير فودة” من كتائب القسام وعاد الاستشهادي من سرايا القدس إلى قاعدته سالماً تحفظه عناية الرحمن.
– تجهيز الاستشهادي “رامي البيك” من سرايا القدس، والذي اشترك مع الاستشهادي “محمد أبو بيض” من كتائب القسام، والاستشهادي “موسى سحويل” من كتائب الأقصى في تنفيذ عملية إيرز المشتركة بتاريخ 8/6/2004م والتي أدت إلى مقتل أربعة جنود صهاينة وإصابة آخرين بجراح.