الشهيد هاني وليد خريوش
المجاهد الصوام القوام لله رب العالمين
مولده للفارس…
في 22/11/1978 أبصرت عينا شهيدنا هاني النور في قرية الجفتلك في الاغوار لأسرة فلسطينية تتكون من سبعة عشر نفرا منهم احد عشر شابا واربع بنات اضافة الى الوالد والام , ثم ارتحل مع اسرته للحياة في مخيم طولكرم ولما يتجاوز العاشرة من عمره ، أخذ يشب في المخيم على صحبة الاخيار والصالحين , واضطر لترك الدراسة بعد أن حصل على الشهادة الثانوية لعون والده في البحث عن رزق العائلة الكبيرة وهو ما ترك أثرا كبيرا أخذ يتضح في حياة الفتى الذي بدا عاشقا للقراءة والإطلاع وتميز بثقافة عالية وحسن معرفة بقضايا الناس واهتمام كبير بأمور المسلمين في كل انحاء العالم.
فقد كان شديد التأثر بعذابات الامة الاسلامية يحمر وجهه غضبا لانتهاك حرمات الله عز وجل, وشعاره دوما أن من لم يهتم لأمور المسلمين فليس منهم .
صوام قوام
عرف شهيدنا هاني بحفاظه على صلاة المسجد والجماعة متأسيا بقول الامام الشهيد حسن البنا رحمه الله( احرص على صلاة الجماعة في كل الاوقات ومهما تكن الظروف ) كما كان شديد الحرص على قيام اوقات من الليل والدعاء للمجاهدين المسلمين بالنصر في كل مكان , وصيام النوافل ولم يعرف عنه ترك صيام ايام الاثنين والخميس.
وتتجلى روعة ما في صدر شهيدنا البطل هاني من ايمان بمعرفة أنه كان يحفظ القرآن الكريم ولم يفصح لاحد عن ذلك وقد كشفت المعلومة من خلال بعض اخوانه الذين كانوا يذاكرونه ويسمعون له ما يحفظ بعد أن اشترط عليهم أن يحفظوا عنه هذا السر النبيل ولا يفشوه لأحد .
حفظ القرآن سرا لم يكن المظهر الوحيد الذي كشف عن شخصية شهيدنا كرجل كتوم عالي الهمة شديد الاخلاص في توجهه بأفعاله وعباداته وجهاده لله رب العالمين , فقد كان ورغم اعتباره مخزن معلومات ثقافية وفكرية يحجم عن المشاركة في المسابقات التي تقام في المساجد في هذا المجال علّ تلك المعلومات تكون شاهدا على صدق توجهه واخلاص نيته وبعده عن الرياء وحب الظهور.
هنيئا للفلسطين
لقد حق لفلسطين أن تفخر وترفع الرأس عاليا لأنها تضم ابطالا ومجاهدين مخلصين مثل هاني , ذاك الشهيد الذي التحق بحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في مرحلة مبكرة من حياته بعد انخراطه في العمل المسجدي كأحد عناصر حماس الناشطين في هذا المجال , هاني رجل التصعيدات المميزة , بطل معارك الحجارة والزجاجات الحارقة كان أحد فوارس الحركة المميزين في مخيم طولكرم.
عرف شهداءها منذ الانتفاضة الاولى , وشاركهم عنفوان حماس الذي لا يماري فيه أحد ,كان رفيقا للشهداء ابو زيتون وجبر الضميري وابو هشيم والقافلة الطويلة من شهداء الانتفاضة الاولى حيث يقول من عرفه من اخوانه أنه كان رجل البطولات والجولات السرية , كما عرف بعزة نفسه وانفته التي دفعته أكثر من مرة للقول انه يقبل ان يموت الف ميتة في سبيل الله على ان يستجيب لنداء يدعوه لتسليم نفسه الى الصهاينة، وهذا ما هيّأ اهله وأقاربه وكل من عرفه اليه فعلموا انه قد صار شهيدا بانتظار التنفيذ.
الى حور الجنان
أراد هاني بناء بيت مسلم قائم على التقوى والصلاح فقام بخطبة احدى قريباته من الاردن غر انه اضطر لفسخ الخطوبة بعد ان اصبح مطاردا في كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال انتفاضة الاقصى , لقد كان واضحا في هذا الجانب.
الرجل قد اختار الجنة بما فيها من نعيم مقيم وحور عين وقصور في فردوسها الاعلى واكد اكثر من مرة انه لم يلتحق بكتائب القسام الا للحصول على وسام شرف الشهادة الى جانب اخوانه الشهداء القساميين عامر الحضيري ومؤيد صلاح الدين وعبد الباسط عودة وغيرهم الكثير الكثير من الشهداء، وكأنه يريد بذلك ان يحقق بعد 14 قرنا مقولة ذلك الصحابي الجليل الذي اشار الى عنقه وهو يقول للرسول عليه الصلاة والسلام انما اتبعتك لأرمى بسهم ها هنا.
وفي ليلة الخامس من حزيران وبينما كان الوفدان الفلسطيني والصهيوني يلتقيان ويتصافحان في ما عرف باسم قمة العقبة التي فشلت في استرداد حقوق الشعب الفلسطيني استجداء كان هاني يبحث عن تلك الحقوق بأسلوبه الخاص وعلى طريقة القساميين التي لا يفهم العدو غيرها , تحصن مع رفيق سلاحه الشهيد عادل حدايدة في احدى غرف منزل فلسطيني في قرية عتيل شمال طولكرم , حضر المحتلون وبدأت تفاصيل البطولة تروي عن نفسها بصوت الرصاص والانفجارات التي استمرت قرابة ست ساعات , استخدم الصهاينة في مواجهتهم مع القساميين كل ما لديهم من سلاح , الدباباب والمروحيات العسكرية والقذائف والصواريخ وجهت باتجاه المكان الذي تحصن فيه شهيدانا الذان استبسلا كعادة القساميين في القتال , لم يجبنا ولم يضعفا ولم يهزهما أو يهزمهما صوت الرصاص , حتى فارقت أرواحهما ما سكنت من أجساد لتحلق في سمائنا.
بعد ساعات عثر على جثث الشهداء وما بها من شبر لم يصله الرصاص والشظايا المتفجرة , فيما ارتكب الصهاينة أفعالهم الاجرامية وقاموا بقطع يديهما وتركهما في المكان , المحتلون قالوا أن أيدي الشهداء قطعت من عنف الاشتباك ونتيجة الاصابات بالرصاص والقذائف , لكن من شهد الموقعة يقول ان اليدين الطاهرتين اللتين حملتا السلاح اصرتا على البقاء فوق الارض رغم حرص الجنود الصهاينة على عدم ترك أي من اشلاء الشهداء في المكان. بقيت اليدان بعد رحيل الشهداء لتقول لكل الناس ان اليد التي تحمل السلاح وتتوضأ في انتظار الفجر وتحسن حياكة الكفن وتتقن مجابهة العدو ، قادرة حتما على البقاء والانتصار وقادرة أن تبقى مغروسة في بطن الارض التي يرحل عنها اصحاب الايادي التي لا تتقن غير توقيع التنازلات.
هنيئا لفلسطين بذالك الفارس المناضل