شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد القسامي / حسن نعيم أبو حصيرة ” أبو نعيم”

 

الميلاد والنشأة:

إنها من لطائف القدر أن ينبثق نور الحسن حسن في حي المجاهدين الأبطال حي الدرج بمدينة غزة الصمود بين ربى عائلة مؤمنة متواضعة بسيطة بتاريخ الثاني عشر من سبتمبر عام 1972 م ، هجرت عائلة شهيدنا على أيدي عصابات الإجرام الصهيونية عام 1948 م من بلدتهم الأصلية أبو سعدين ليقطنوا بغزة هاشم ، ولد حسن بكرا لأسرته المكونة من أربعة إخوة وأخوات يستقي لبن العزة والكرامة في أحضانها ويترعرع ملتزما محبا للجهاد مذ خطت أقدامه خطواتها الأولى حي الدرج .

واشتد عوده

عاش حسن شظف الحياة ، ونظرا لما مرت به أسرته من ظروف معيشية صعبة دعاه داعي الحاجة ليترك مدرسة الإمام الشافعي للبنين بعد مرحلة الثاني الإعدادي ليلتحق عاملا بالحدادة يكد لأجل انتزاع لقمة العيش الحلال مغمسها بعرقه وتعبه ، إنها نخوة وشهامة عاشها شهيدنا البطل منذ صباه لتترك في شخصيته بصمات الرجولة إلى أن ترجل فارسا شهيدا على ثرى فلسطين الطاهر ، وتنقل محترفا مهنة إلى العمل خياطا في شبابه معتمدا على نفسه في تكوين مستقبله وإدخال الفرحة على بيته بزواجه ،وقد رزق الله شهيدنا بستة من الأبناء بعد أن استطاع الزواج من زوجة صالحة وصناعة حياته من بين ثنايا الظروف الصعبة .

وكان الأخ الأكبر والأحن والمحب لأخوته ، فكان دائما قريبا منهم يتلمس مشاكلهم ليساعدهم ويخفف عنهم ، ودائما ما كان يصل أخواته ورحمه وفاتحا أمامهم بيته المتواضع والمكون من غرفتين فقط  .

ويمتد طيفه

تميز أبو النعيم بصبره وحلمه وطيبته فطالما يتعهد جيرانه بالسؤال عنهم ويتفقد أحوالهم فهو كالشجرة المثمرة لكل من هوى الظل والثمر ، ويهب لمساعدة من طلبه أيا كان مباشرة دون كلل أو ملل ومحبب ذلك لنفسه ، فلذا أقبلت على حبه قلوب كل من عرفه وجاوره .

ونسج قلبه حبا للجهاد والمجاهدين فكم كان شغفا بالشيخ الشهيد احمد الياسين والشهيد الدكتورعبد العزيز الرنتيسي  وتأثر أبو النعيم باستشهادهما كثيرا ، وراوده حزن على فراقهما ولكنه مضى على ذات الطريق صامدا محتسبا لم يلقي البندقية .

تلميذ القرآن ورفيق البندقية

يشهد مسجد  شهداء الأقصى لأبي النعيم التزامه ومنذ نعومة أظافره كان يرتاد المساجد ويعانق كتاب الله ، كان نعم الأخ لإخوانه ونعم الابن لحركته حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وجعل من بيته المتواضع بغرفتيه ملاذا لإخوانه ومكانا لجلسات التعليم والتربي على كتاب الله ،

مقدمات الرحيل

طالما أراد المحتل الصهيوني قهر إرادة الشعب الفلسطيني وما استطاع لأن خلف الحدود رجال وهبوا أنفسهم لله وما عرفوا الاستكانة بل وصاروا للموت صانعين وعاشقين ، كان أبو نعيم في الأيام الأخيرة يردد الشهادة كثيرا على لسانه بعد أن اتضح أنها تسكن جنانه وتعلو أمانيه ، حتى أنه وفي أرجاء بيته غدا مقسما عليهم يعلو أصواتهم بالزغاريد عند سماع خبر استشهاده فرحا بعرس الشهادة الميمون .

وصباح يوم الشهادة خرج أبو النعيم إلى مستشفى الشفاء وكان ابن أخته مصابا ويريد تحويله إلى الخارج فذهب مع أخته حتى تودع ابنها وكانت الظروف صعبة والقصف الصهيوني متواصل ، ولكنه أصر على الذهاب معها وأوصل ابنها إلى طريق السفر وعاد متأخرا فلم ينم وخرج ليلتها إلى رباطه .

وكأن الله ألهمه بقرب أجله فدعا يوم استشهاده وقبل مغادرة المنزل أهل بيته من أب وأم وزوجة وولد وإخوة وأخوات وجلس معهم طالبا أن يراهم ولبث قليلا ثم خرج ملبيا نداء حي على الجهاد .

لحظات الشهادة الأخيرة

مرت ثلاثة ليال عصيبة على عائلة أبو حصيرة وهي فاقدة الاتصال بابنها المجاهد والذي خرج مساء الأحد مودعا أهله ممتطيا صهوة المجد مجددا العزم ليرين الله ما أصنع ، مرت دقائق يوم الاثنين والثلاثاء وكأنها الجبال على أسرة المجاهد نظرا لعدم وجود طرف لمعلومة تدلي بمصير ابنها ، حتى دقت ساعات مساء يوم الثلاثاء حاملة معها النبأ ومذكرة بالوصية لترف في سماء المنزل زغاريد الفرح باستشهاد الفارس القسامي حسن أبو حصيرة ، والذي قضى نحبه مساء الأحد في مواجهة مباشرة مع قوات العدو الصهيوني المتوغل شرق غزة في الحرب الأخيرة التي شنتها على القطاع .

ومن ساحات الوغى مشهد

شعاره وشعارهم إنه لجهاد جهاد إما نصر أو استشهاد رافضين الانسحاب أو التقهقر ، وكان مع شهيدنا مجاهدين قساميين من رفاق درب جهاده وحينما  أراد الخروج نادى عليهما ليخرجا معه فاخبراه بأنهما لاحقيه ، فأجابهما واثقا ناظرا خلف أحد تعلو وجهه ابتسامة العارف أين الملتقى  : ” فانا سابقكم إلى الجنة ” ، إنها كلمات تعيد أمجاد أنس بن النضر عندما شم ريح الجنة خلف احد فسار متعجل الخطى إلى الموت ” الشهادة” ومن خلفه الجنة كمسير أهل الحب للميعاد .

جنازة وكرامات

كانت جنازة الشهيد تسير سريعة حتى أن كثيرا من الناس لم يستطع اللحاق بها ، وإنه النور الذي تلألأ على وجه أبو النعيم ، ورغم أنه استشهد الأحد ليلا وعثر على جثته بعد يومين لم يمسها أحد بأذى ، وتتجلى كرامات شهيدنا في رائحة المسك التي عبقت مكان استشهاده وطافت أرجاء جنازته وتلك السبابة التي طالما رفعت نصرة للحق وإقرارا بالتوحيد رفعت بعزة حية وبعد الممات .

رحم الله شهيدنا وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ….

زر الذهاب إلى الأعلى