شهداء فلسطين

الشهيد القائد “محمد أنور الراعي” ركع جنود العدو كي يبحثوا عن أشلاء رفاقهم

هم الشهداء… يسكنون كل دقائق حياتنا، فلهم المجد كل المجد ولقاتليهم وملاحقيهم كل الخزي والعار… نقف اليوم معكم أمام مجاهد فذ من مجاهدي الإسلام العظيم.. الذي أبى إلا أن يمرّغ انف جنود بني صهيون في التراب وأن يذيقهم من نفس الكأس الذي يجرعونه يوميا لأبناء هذا الشعب المصابر والمرابط.. إنه الشهيد البطل محمد أنور الراعي الذي استطاع أن يحفر اسمه في سجلات من نور وعزة وإباء بالرغم من صغر سنه الذي لم يتجاوز الواحد والعشرين ربيعا.

نشأته ودراسته

ولد الشهيد المجاهد القائد محمد أنور الراعي ” ابو خميس” في حي البرازيل بمحافظة رفح بتاريخ 29/1/1986، لأسرة فلسطينية هُجرت عنوة من قريتها ” المغار” المحتلة منذ العام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف، ليستقر بها المقام على الحدود المصرية الفلسطينية ليكن بيتهم أول بيت تدمره قوات الاحتلال بمحافظة رفح خلال انتفاضة الأقصى المباركة بحجة ودواعي واهية، لتهاجر الأسرة مرة أخرى وتبدأ رحلة البحث عن مكان آخر ليستقر بها المقام بحي السلطان في المدينة.

عرفت أسرة الشهيد بتدينها وتواضعها وتفانيها في خدمة الإسلام والمسلمين وحب الجهاد والمجاهدين، مقدمة في سبيل ذلك العديد من الشهداء والأسرى، من بينهم الشهيد خميس الراعي الذي ارتقى الى العلا خلال تصديه للقوات الصهيونية التي اجتاحت محافظة رفح بتاريخ 23/12/2003م.

تلقى شهيدنا المجاهد الراعي تعليمه الأساسي والإعدادي بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ثم درس الثانوية صناعي بمدارس الوكالة، حصل على أثرها دبلوم تصليح راديو وتليفزيون من وكالة الغوث الدولية.

صفات وأخلاقه

عرف الشهيد بالتزامه بتعاليم الدين الحنيف، وكان من حفظة كتاب الله وكان حريصا على قراءة القرآن والصلاة في جماعة في أي مسجد تواجد بالقرب منه فلم يعرف للشهيد مسجداً محدداً كان يلتزم فيه من كثرة تحركه وتنقله بين المحافظات.

وذكر والده أبو خميس أن الشهيد حصل على العديد من الجوائز على حفظه وتجويده لكتاب الله، مسترسلاً أن الشهيد كان نِعم الابن الطائع لوالده ووالدته فلم يذكر انه عارضه في أمر قط، حيث كان حريصا على كسب رضا والده ووالدته قبل أي عمل أو خطوة يخطوها.  

عرف الشهيد بوجهه البشوش وابتسامته التي تعلو وجهه، وحسن خلقه وتأدبه وهدوئه، الى جانب الشجاعة و الإقدام التي كان يتمتع بها في مقارعة ومواجهة القوات الصهيونية.

تفجير الدبابة

على الرغم من حداثة سنه وصغره إلا انه استطاع أن ينجز في فترة حياته الصغيرة ما لم تستطع شعوباً بكل قواتها أن تحققه في العدو المتغطرس. انضم الشهيد محمد الراعي إلى حركة الجهاد الإسلامي بعد رحلة ليست بالطويلة دخل فيها العديد من الحركات والتنظيمات الموجودة في الساحة،و سجل فيها العديد من البصمات حيث شارك في عمليتين استشهاديتين تمكن من النجاة، لقد وجد الشهيد في حركة الجهاد الجواب الشافي على الكثير من التساؤلات التي جالت في خاطره.

واستطاع الشهيد محمد الراعي الحافظ لكتاب الله يجذب إليه الأنظار، انضم على أثرها إلى صفوف سرايا القدس وتلقى خلال العديدات من التدريبات على أيدي الشهداء القادة محمد الشيخ خليل و ياسر أبو العيش وزياد غنام.

مع اشتداد الحملة الصهيونية على قطاع غزة، في العام 2004، كثفت المقاومة الفلسطينية وتحديدا سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، من ضرباتها ضد العدو الصهيوني التي تمكن خلال اقل من يومين من تدمير دبابتين صهيونيتين وقتل أحد عشر جنديا صهيونيا وإصابة عدد آخر بجراح، فخلال العدوان الصهيوني الغاشم على حي الزيتون مطلع شهر ابريل من ذلك العام تمكنت سرايا القدس من تدمير ناقلة جند صهيونية عبر استهدافها بعبوة ناسفة تزن نحو 50 كيلوغرام من المتفجرات وفي اليوم التالي كان العدو الصهيوني على موعد مع الهزيمة مرة أخرى وذلك على أيدي رجال سرايا القدس أيضا على الشريط الحدودي في رفح ما أدى إلى تدمير دبابة صهيونية من نوع “ميركفاه” ما أسفر عن مقتل ستة جنود صهاينة وإصابة عدد آخر حيث حظي بشرف ذلك العمل البطولي الشهيد المجاهد محمد الراعي.

وفي تفاصيل تلك العملية، أطلق شهيدنا المجاهد الراعي قذيفة صاروخية باتجاه الدبابة التي كانت محملة بكمية هائلة من المتفجرات، ما احدث سلسة من الانفجارات داخل الدبابة وتطاير أشلاء جميع من كانوا بداخلها على مسافات شاسعة من الحدود مع مصر، حيث شوهد العشرات من جنود الاحتلال وهم يجثون على ركبهم للبحث عن بقايا جنودهم المتفحمة، وما تبقى من أجزاء “الميركفاه”، وقد اعترف العدو في حينه بمقتل ستة من جنوده من بينهم مسؤول الوحدة الهندسية في جيش الاحتلال في ما يعرف بمنطقة جنوب قطاع غزة.

ولم يكتف شهيدنا المجاهد الراعي بذلك العمل البطولي، حيث شارك بعدها في العشرات من العمليات الفدائية. تمكن في إحداها من إصابة جيب عسكري إصابة مباشرة بتفجير عبوتين ناسفتين في محيط مستوطنة ” رفيح يام ” سابقاً، وتفجير أربع عبوات بجيب أخر خلف بركة تل السلطان. كما شارك الشهيد في العديد من عمليات الإسناد للعمليات الاستشهادية.

العمليات الناجحة التي نفذها و شارك في تنفيذها الشهيد محمد أنور الراعي ساهمت في تقدمه في سرايا القدس وكسب ثقة القادة الميدانيين الأمر الذي أهله لينشئ الوحدة الخاصة التابعة لسرايا القدس والتي اشرف على إعدادها و تدريبها، والتي تعبر من أفضل وحدات القنص والتي حققت العديد من العمليات القنص الناجحة.

ويذكر أن الشهيد محمد الراعي قد تعرض للعديد من محاولات الاغتيال مع الشهيد القائد محمد الشيخ خليل والشهيد عطايا أبو سمهدانة والتي باءت بالفشل.

وكان الشهيد أصيب أكثر من ثلاث مرات بثر في احد المرات أصبع يديه، ولم تمنعه إصابته من مواصلة جهاده. 

يوم استشهاده

في عصر يوم 2007/6/30 كان الشهيد محمد الراعي بصحبة القائد الشهيد زياد غنام والشهيد رائد غنام على موعد مع الشهادة، حيث طالتهم يد الغدر والخيانة لتقذفهم طائرات العدو الغادر أثناء ذهابهم لرفح لتأدية مهمة جهادية بحممها الصاروخية ليسقطوا الثلاثة مدرجين بدمائهم الزكية شهداء على ارض فلسطين.

وعقب جريمة الاغتيال عبر والد الشهيد أبو خميس على عظيم امتنانه على نعم الله وفضله بان أكرمه الله بقائد هز الكيان الصهيوني و انتقم لكل الحرائر والثكلى من أبناء شعبه، مؤكداً أن خيار الجهاد و المقاومة خيار الهي لا يجب الحياد عنه.

تعقيب صهيوني

من جهتها ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، في اليوم التالي لعملية الاغتيال، أن عملية اغتيال ثلاثة من عناصر سرايا القدس ومن بينهم القائد محمد الراعي إنما جاءت كتصفية حساب مع الراعي المسئول عن تفجير دبابة الميركافاة على الحدود المصرية في آيار 2004، حيث قتل ستة جنود إسرائيليين ومسحت الميركافاة عن وجه الأرض.

وقالت الصحيفة في تقرير لها حمل عنوان “تصفية الحساب”: صفى الجيش محمد الراعي، المسؤول الكبير في الجهاد الاسلامي الذي أطلق في ايار 2004 قذيفة ار.بي.جي على مجنزرة في محور “فيلادلفيا” صلاح الدين، وقتل في الحدث ستة جنود من الجيش الصهيوني، وقد سجل هذا الحدث في الذاكرة اساسا في أعقاب الصور المثيرة للصدمة لجنود الجيش الصهيوني الذين يبحثون في الرمال عن بقايا جثث رفاقهم الذين قتلوا في الحدث”.

واضافت الصحيفة: “وكان الراعي هو الذي أطلق بنفسه القذيفة على المجنزرة. وكنتيجة للنار الفتاكة شطبت المجنزرة من على وجه الأرض، وكل الجنود الستة الذين كانوا في داخلها قتلوا”.

زر الذهاب إلى الأعلى