شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد القائد عبد القادر الحسيني

 

سأموت في القسطل و لن أستسلم

 

كأن التاريخ اليوم يعيد مقولة الشهيد القائد البطل عبد القادر الحسيني- قائد وشهيد معركة القسطل-مقولة تواطؤ أنظمة عربية على قضية فلسطين وكلماته لم تزل  بصداها المدوي “سأموت في القسطل قبل أرى تقصيركم وتواطؤكم”. هذه الكلمات وجهها لجامعة الدول العربية التي لم تحرك ساكناً حين طالبها بدعمه بالسلاح.

في بيت علم وجهاد تربى القائد الشهيد, حيث والده كان من الشخصيات البارزة التي تعرفت على شخصيات عربية وسياسية. الشهيد  القائد عبد القادر بن موسى بن كاظم الحسيني ولد في القدس عام 1908 واتم تعليمه الابتدائي بمدرسة روضة المعارف.

تابع تعليمه الثانوي ومن ثم الجامعي في بيروت الجامعة الاميركية – كلية الآداب- لكن بسبب نشاطه ومواجهته لأساليب التبشير – طرد من الجامعة…لكنه التحق  بجامعة أخرى ليتمكن في ساحاتها من ممارسة حريته  السياسية فكان توجهه الى القاهرة ودرس الكيمياء في الجامعة الاميركية.

تجربة الشهيد في جامعة القاهرة غنية في  فضح دور الجامعة الأميركية وسياساتها.

عمل على التحريض لشباب الجامعة ضد سياساتها, ما دفع حكومة اسماعيل صدقي لطرده من مصر عام 1932.عاد الى فلسطين وعمل محرراً في جريدة “الجامعة الاسلامية” ثم مأموراً في دائرة تسوية الأراضي في فلسطين. ليطلع على تآمر الانتداب البريطاني  في الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية ومنحها للعصابات الصهيونية.

رحلة الجهاد للشهيد القائد بدأت في العام 1935 وما قبلها بأعوام  حتى استشهاده في معركة القسطل قرب القدس . مسيرة حياة وجهاد حملت  صفحات مضيئة وثرية في الكشف عن طبيعة المخطط الصهيوني ودور البريطاني في دعمه.

 منذ بواكير العام 1936 بدأ الشهيد يعمل على تدريب الشباب الفلسطيني على السلاح وتنظيم وحدات مسلحة لمواجهة العصابات الصهيونية. وكان الشهيد يقود بنفسه العمليات وهو من ألقى قنبلة على منزل سكرتير عام حكومة بريطانيا.., وأخرى على المندوب السامي البريطاني. وكان  لصدى اغتيال الميجور “سيكرست”  مدير شرطة القدس ومساعده وقعا كبيراً في أوساط  الحركة الفلسطينية المقاومة – العملية التي افزعت البريطانيين. وبدأ تنظيم الوحدات القتالية يشتد ومعها أخذ مهاجمة القطارات ليصل ذلك الى معركة ” الخضر” الشهيرة التي أصيب  فيها الشهيد عبد القادر الحسيني اصابة بالغة.

في القاهرة التي عاد اليها عام 1946 للعلاج  – بدأ تنظيم الخطط للمقاومة المسلحة وأنشأ معسكراً سرياً بالتعاون مع قوى وطنية مصرية- ليبية مشتركة بالقرب من الحدود المصرية- الليبية- وتواصل مع قائد الهيئة العربية العليا ومفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني.

تابع الحسيني مشوار  الجهاد داخل فلسطين بإمكانيات متواضعة – لكنه كان يزداد قناعة أن تحشيد الطاقات والمواجهة لا يمكن الحياد عنها  في معركة مصيرية- مواجهة البريطاني والصهيوني.

قرار تقسيم فلسطين وبوادر انتهاء الانتداب البريطاني – وتسليمها  للعصابات الصهيونية في أكبر مشروع تآمري عالمي  زادت من العمل العسكري للشهيد والوحدات التي نظمها- ليتولى قيادة قطاع القدس- والقيام بعمليات هجومية ضد الصهاينة المتواجدين في محيط المدينة المقدسة من العمليات  : – حي   سانهدريا – هجوم على مراكز صهيونية كمقر” ميقور حاييم ” وصولاً الى استبساله في معركة – صوريف التي قتل فيها 50 صهيونياً . معركة  بيت سوريك – ورام الله- واللطرون ومعركة النبي صموئيل – .

في أواخر آذار 1948 غادر الشهيد الحسيني فلسطين للاجتماع بقادة اللجنة العسكرية لفلسطين التابعة لجامعة الدول العربية للحصول على سلاح. اللجنة طالبته بعدم افتعال تصرفات فردية – وعدم الذهاب للقسطل فقال لهم ما سجله التاريخ : ” إني ذاهب الى القسطل وسأقتحمها ولو أدى ذلك الى موتي. والله سئمت الحياة, وأصبح الموت أحب الي من نفسي  ومن  هذه المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة.

 إني أصبحت أتمنى الموت قبل أن أرى اليهود يحتلون فلسطين ,إن رجال الجامعة والقيادة يخنون فلسطين”.

نصف كيس رصاص كان بحوزة الشهيد القائد وتوجه الى القسطل. اقتحم القائد القسطل  لفك الحصار عنها مع عدد من المجاهدين في معركة غير متكافئة ..ووقع في طوق تحت مرمى نيران الصهاينة .

ظل يطلق واخوته الرصاص حتى الشهادة. ولم يسجل التاريخ أن ترك أرض الرسالات وهي تئن من ضربات المحتل. استشهد القائد عبد القادر الحسيني  في 8- 4- 1948.

سيبقى اسم الشهيد عبد القادر عالياً وملهماً للشباب الفلسطيني المنتفض – والمدافع عن أرضه حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.

 

لينا عمر

زر الذهاب إلى الأعلى