الشهيد القائد المبدع / عوض القيق
إن الكتابة عن الشهداء ليست سهلة، فنحن نكتب عن الذين يساهمون على مر العصور في صناعة التاريخ والأمجاد. فالشهيد جوهر التاريخ. وعوض القيق احد هولاء العظام الذين صنعوا وسطروا بدمائهم أروع وأسمى صور البطولة، مضيئاً ظلمة الطريق للسائرين على نفس الدرب والنهج من الأجيال الصغيرة في السن.
مولده
عوض عبد الفتاح القيق المولود بمخيم جباليا في 10 آذار 1975 بعد إنجاب والديه خمس بنات وشقيقين هما محمد واحمد اللذين توفيا الأول غرقاً والأخر مرضاً ليكون عوض هو الابن الذكر الأوحد لوالديه. تقول أم باسل شقيقة الشهيد عوض: “لقد كانت ولادة عوض قصة بحد ذاتها حيث في اليوم الذي ولد فيه عوض توفي أخوه احمد بعمر 3 سنوات”.
حياته
انتقل عوض بصحبة أسرته للعيش بمخيم رفح جنوب قطاع غزة عام 1989 حيث درس المرحلة الابتدائية والإعدادية بمدارس الانروا والثانوية بمدرسة كمال عدوان حاصلاً على المرتبة الثانية في الفرع العلمي. وتزوج في سن مبكرة حيث قرر والداه تزوجيه وهو في سن 18 سنة لينجب خمسة أبناء.
التحق الشهيد بجامعة الأزهر في غزة ودرس تخصص ” الفيزياء والكيمياء”. يقول والد الشهيد الحاج عوض: ” لقد كان ابني متفوقاً دائماً منذ الصغر حتى الجامعة حيث تخرج الأول على الدفعة بدرجة ممتاز”. وقد حصل الشهيد عوض عام 1996 على درجة البكالوريوس وعمل مدرسا لمادة العلوم والتكنولوجيا بإحدى مدارس وكالة الغوث ثم أصبح بعد ذلك مدير مدرسة ليكون اصغر مدير في تاريخ وكالة الغوث حيث كان عمره آنذاك 33 سنة.
العمل الطلابي
التحق القيق بصفوف حركة الجهاد الاسلامى ابان الانتفاضة الأولى وبالتحديد عام 1990 . يقول الأستاذ سامي عبد الرحمن صديق الشهيد: “لقد كانت بداية التحاق عوض بالحركة وهو في الصف الأول الثانوي”. وكانت بداية مشاركته في اللجان الشعبية لحركة الجهاد الاسلامي في الكتابة على الحائط وتوزيع البيانات وإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال والمشاركة بجنازات الشهداء. وكان الشهيد مسؤول الإطار الطلابي للحركة بجامعة الأزهر وقت دراسته فيها.
انتفاضة الأقصى
مع انطلاقة انتفاضة الأقصى عام 2000 التحق عوض بسرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في دائرة الوحدة والتصنيع حيث وصفه بعض وكالات الأنباء بأنه “الخبير الفيزيائي” بسرايا القدس.
وعرف عن عوض خلال عمله في سرايا القدس انه خبير فني وهندسي ومن العاكفين على تطوير منظومة المقاومة والقدرات العسكرية. وقد أصبح قائداً لوحدة التصنيع والهندسة في السرايا.
اعتقل الشهيد من قبل السلطات المصرية مدة 20 يوماً عام 2006 أثناء عودته من الصين لحضور مؤتمر علمي وتربوي بصفته مديراً في وكالة الغوث.
وتعرض عوض للعديد من محاولات الاغتيال الفاشلة على يد العدو الصهيوني كانت أولاها في بداية عام 2007 والثانية في شهر أكتوبر من نفس العام بإطلاق طائرات الاستطلاع الصهيونية صواريخها على سيارته أثناء عودته إلى منزله.
رسالته إلى صديق
قبل استشهاد عوض القيق تلقى احد رفاقه رسالة على هاتفه من الشهيد نصها ” إن خدعتك الدنيا فانظر في عيون أبناء الشهداء سترى في عيونهم من رحلوا الى السماء واسأل أكتافك عمن بالأمس حملتهم أشلاء أم غابو وبقوا مجرد أسماء، فاضرب ولا تأبه فالدنيا مجرد أشياء، وقف على القبور ونادِ عليهم فلقد أكل التراب أكفانهم وتحجرت حبات الرمل من دمائهم واحمل ذكرياتهم والى الإمام سر بكل كبرياء”.
يوم استشهاده
استشهد عوض القيق ورفيقه أسامة الهوبي يوم الأربعاء بتاريخ 30 نيسان 2008 جراء استهداف الطائرات الصهيونية مكان تواجدهما في محددة لتصنيع المواد المتفجرة والصواريخ في مدينة رفح ليرحل عوض ويشيع جثمانه في جنازة مهيبة حضرها آلاف المشيعين. يقول احمد نجل الشهيد الأصغر: “عرفنا خبر استشهاد والدي وكنا بعد العصر جالسين في الدار. دخل اخي الكبير محمد وهو يبكي ويقول افتحوا التلفاز أبي استشهد”، ليرحل عوض القيق جسداً عن أحبائه وتبقى أفكاره حية في قلوب الأهل والمجاهدين.