الشهيد الطفل مروان هشام بربخ
حلم بالشهادة فنالها …. عندما أراد الطفل مروان هشام بربخ(11) أن يلعب مع أخوته، اختار دور الشهيد فاستلقى الطفل مروان من سكان محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، على فرشته التي احتضنت جسده النحيل في منزله، وطلب من أشقائه حمله على أكتافهم، كما يُحمل الشهداء، والسير به داخل المنزل .
ذلك المشهد التمثيلي في منزل الطفل “بربخ”، تُرجم واقعًا، بعدما اخترقت رصاصة من قناص إسرائيلي جسده الضعيف، ليرتقي شهيدًا، بعد أن اجتاز السياج الأمني إلى الأراضي المحتلة شرقي خانيونس.
ولم يكن ذهاب الطفل “بربخ” إلى الحدود، وسيره على الأقدام مسافة أكثر من “5كم”، برفقة عدد من الأطفال، من فراغ، بل كان مشحونًا بغضب كبير على الاحتلال الذي قتل الشبان والأطفال في غزة والضفة الغربية والقدس المحتلتين .
حيث أصر الطفل على مرافقة والده مساء الجُمعة للحدود الشرقية للمشاركة في المواجهات مع الاحتلال على حدود بلدة عبسان الكبيرة شرقي خان يونس، لكن والده رفض ذلك ..
انطلق الطفل مروان بعد صلاة الظهر أمس السبت إلى المنطقة الحدودية دون علم ذويه، برفقة عدد من أقربائه وجيرانه ممن هم دون عمره، مشيًا على الأقدام، وأثناء سيره على الطريق استوقفه عمه وسأله أين تذهب، فما كان منه إلا أن رفع ملابسه، وأشار بيده إلى بطنه، وقال: “أريد أن أنطخ (أُصاب) هنا”
وعندما وصل للشريط الحدودي، ركض مُندفعًا داخله هو يُكبّر ويلقي الحجارة، وحاول رفاقه منعه، لكنه أصر على المضي في طريقه، وما هي سوى لحظات حتى اخترق طلق ناري جسده من الظهر وخرج من خاصرته، بينما كان يلتفت إلى أصدقائه في الخلف .
بقي مروان ينزف في مكانه حتى تمكن عدد من الشبان من الوصول إليه وحمله على دراجة نارية، ومن ثم وصلت سيارة إسعاف ونقلته للمستشفى الأوروبي شرق خان يونس، لتعلن المصادر الطبية عن استشهاده .
وما إن وصل نبأ استشهاده لعائلته، تعالت صرخات والدته حزنًا عليه، ولم تستطع أن تتمالك نفسها . لقد فقدت فلذة كبدها ولدها “المرضي” ابن العشر سنوات الودود المرح، المحبب لقلب كل من عرفه وعاشره كما وصفته بعض النساء اللواتي عرفن الشهيد.
بعدها خرج موكب التشييع مهيب ساده حالةً من الحزن على فراق الشهيد، ولم تستطع والدته التحدث وهي تصرخ على فراق فلذة كبدها، فيما ردد المشاركون بهتافات تطالب بالانتقام من الاحتلال وتعبر عن تضامنهم مع أهل القدس والضفة الغربية ..
ويقول هشام بربخ والد الشهيد : “نجلي أصر على الذهاب، لتلبيةً الحراك الشعبي الشبابي التضامني مع أهل القدس، وإن كان لم يخرج بالإذن، فهو لا يحتاج لإذن، لأن هذه الهبة لا تحتاج لإذن من أحد، فالكل يخرج متدافعًا لنصرة المدينة المُقدسة .”
ويضيف “سنواصل المسير على درب الشهداء حتى تحرير فلسطين، وسنربي أبناءنا على حب فلسطين والقدس. قتْل الاحتلال للأطفال يعبر عن خوفه من هذا الجيل، وبات يدرك أنه لو ترك ذلك الطفل يكبُر سوف ينذر دمائه فداءً لفلسطين .