شهداء فلسطين

الشهيد الطفل محمد الدرة

” خذني إلى بيتنا يا أبي”

 

لم يكن إطلاق النار من قبل قوات الاغتصاب الصهيوني يوم 30-9 – 2000 على الطفل  الفلسطيني محمد الدرة في غزة  مشهداً من فيلم سينمائي..و كل ذلك على مرأى من عدسات الكاميرات والطفل يحتمي بوالده..ويستمر إطلاق النار عليهما 45 دقيقة.لم تشفع لمحمد صرخات والده جمال وتلويحه أننا عزل …لم يتوقف القاتل عن إطلاق رصاص حقده ليقتل الطفل محمد في إصابات مباشرة ويصيب الأب بعدة طلقات.

دم محمد أشعل الانتفاضة التي هب شبابها قبل يوم من استشهاده رداً على تدنيس الإرهابي شارون لباحات المسجد الأقصى..وأصبح محمد رمزاً واسماً تردده صرخات الأبطال في ساحات المواجهة على امتداد كل فلسطين.

محمد جمال الدرة كان يحلم كغيره من أطفال غزة أن يكبر ويبني مستقبلاً في وطن بلا احتلال وقتلة..لكن رصاص الغدر لم يمهل سنواته الإحدى عشر كي يشكل حديقة طفولته…وحمل موكب تشييعه ملفوفاً بالعلم الفلسطيني اشتداد الانتفاضة التي فجرها دمه لتصل صورة الشهيد إلى كل العالم رغم محاولات التزوير الإعلامي أن قوات الاحتلال لم تقتل محمد.

عائلة محمد التي تنتمي للمقاومة اليومية وتاريخها وأصالتها ازدادت صلابة وعنفواناً.. فوالده جمال من الذين زرعوا ثقافتها مؤمناً أن المقاومة وحدها هي التي تستعيد الحقوق…وعلى طريق مواجهة المغتصب ولد محمد من جديد .يقول والد الشهيد محمد:”طلبت من الله عز وجل بأن يرزقني بطفل وأن يكون نفس  الشخصية ورزقني الله بمحمد “.لم يكل والد محمد عن متابعة قضية ابنه وتواصل مع محامين كثر وقال: “أدفع حياتي ثمناً لذلكرغم التهديدات الصهيونية”…مع معرفته أن المحتل يملك كل الإمكانيات لمنع وصول القضية إلى المحاكم الدولية في ظل عالم ظالم.

الشهيد محمد الدرة لا يفارق أحبته ..لا يفارق أسرته…بعد مرور 16 عاماً..هنا كان يلعب أخي …وهناك كان يكتب وظائفه…وبالقرب من بيتنا زرع شجرة صغيره كي يستلقي تحت ظلالها..ولم يزل يتذكره أصدقاؤه بروحه المفعمة بالحياة.

كان طفلاً أكبر من  عمره كما يقول والده.وظل محمد حاضراً  لا يغيب وهو الذي زين قصيدة للراحل محمود درويش.التي يقول فيها:

مُحمَّدْ،يُعَشِّشُ في حِضنِ والدهِ طائراً خائفاً مِنْ جحيمِ السماءِ: احمني يا أبي مِنْ الطَيرانِ إلى فوق! إنَّ جناحي صغيرٌ على الريحِ… والضوءُ أسْوَدْ.

مُحمَّدْ،يريدُ الرجوعَ إلى البيتِ، مِنْ دونِ دَرَّاجة… أو قميصٍ جديدْ…يريدُ الذهابَ إلى المقعد المدرسيِّ إلى دَفترِ الصَرْفِ والنَحْوِ: خُذني إلى بَيْتنا، يا أبي، كي أُعدَّ دُرُوسي…وأكملَ عمري رُوَيْداً رويدا.

والد الشهيد محمد الدرة ابن فلسطين وثقافتها تعرض منزله للتدمير مرتين في 2008 – 2014. .. وهو لم  يزل يردد سنبقى أوفياء لدم محمد ولكل شهداء فلسطين.

محمد الدرة أيها النجم  العالي في سماء الحق ستبقى صيحات والدك تتردد ” مات الولد” وستبقى شاهداً على أن الدم وحده يصنع الانتصار…الدم وحده يصنع الانتصار.

بقلم ل.ع

زر الذهاب إلى الأعلى