الشهيد الشيخ القائد / صلاح الدين شحادة “أبو مصطفى ” القائد الشهيد
لم يجف الدم ولم يبرد ..
فما أن خرج من السجن حتى عاد للعمل الجهادي .. واستطاع خلال فترة بسيطة تجميع خلايا الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام .. حتى أصبح كما نراه الآن له تقسيماته وترتيباته .. فلم يتوانى لحظة واحدة عن تطوير وتقديم ما هو جديد للعمل العسكري .. ولذلك يرى محبيه ومن ساروا على نهجه أن فقدانهم للشيخ صلاح كان ثمناً للانتصار ..
الميلاد والنشأة
ولد صلاح الدين مصطفي محمد علي شحادة يوم الثاني من أبريل عام 1953 في مخيم الشاطئ للاجئين من عائلة هاجرت من مدينة يافا بعد احتلالها عام 1948 الى قطاع غزة .
هو مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” والذي عرف باسم “المجاهدون الفلسطينيون”، ووجهت لهم تهم تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية .
مسيرته التعليمية
في عام 1958 دخل صلاح المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث في معسكر الشاطئ وهو في سن الخامسة، درس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق من مدرسة يافا في غزة
التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالإسلام يأخذ طابعاً أوضح .
وحصل على المؤهل الجامعي بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من جمهورية مصر العربية ، و لم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا وكان حصل على قبول للدراسة في جامعات تركيا وروسيا .
بدأ العمل في الدعوة إلى الإسلام فور عودته من مصر إلى قطاع غزة .
وعمل باحثاً اجتماعياً في مدينة العريش في صحراء سيناء، وعيّن لاحقاً مفتشاً للشؤون الاجتماعية في العريش ،
تزوج بتاريخ 10-9- 1976 من زوجته التي استشهدت معه وهو حالياً أب لستة بنات ولدت الأخيرة أثناء اعتقاله .
بعد أن استعادت مصر مدينة العريش من العدو الصهيوني الغاصب في العام 1979 انتقل شحادة للإقامة في بيت حانون واستلم في غزة منصب مفتش الشؤون الاجتماعية لقطاع غزة .
في بداية العام 1982 استقال من عمله في الشؤون الاجتماعية وانتقل للعمل في دائرة شؤون الطلاب في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة .
شخصيته القيادية
تميز الشيخ صلاح بشخصية فذة تمثل حقاً شخصية القائد المسلم الذي لا يعرف النكوص ولا الملل ولا التراجع، يضم الجميع ويجمع المجاهدين بإصرار وعمل دؤوب ، هو شعلة النشاط والعقل المدبر المخطط الذي يلجأ إليه الجميع عند الشدائد ويلوذ به جنوده الأوفياء عند طلب النصح والمشورة والحكمة، كما تميز بالشخصية العسكرية الحكيمة التي تستطيع التدبير والموازنة بين الخيارات واتخاذ القرارات المناسبة.
الشيخ صلاح في ميدان الجهاد
يعتبر الشيخ صلاح شحادة مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” والذي عرف باسم “المجاهدون الفلسطينيون”، ووجهت لهم تهم تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح،
وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية بعد اعتقاله الأول.
وبعد أن خرج من السجن الذي قضى فيه الأحكام الظالمة التي صدرت بحقه والتي تعدت العشر سنوات, كان الشيخ أكثر صلابة وأكثر عزة, وخرج من المعتقل وهو يضع نصب عينيه أن يذيق الصهاينة ويلات المجاهدين, وأن يجعلهم يدفعون ثمن جرائمهم غالياً.
وهكذا لم يضع وقتاً طويلاً بعد الإفراج عنه حتى عاد الشيخ إلى قيادة كتائب القسام ليطور عملياته وإمكانياته ، وليختفي عن الأنظار ويصبح المطلوب الأول لجيش الاحتلال الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى، وليوجع الصهاينة بالعمليات الاستشهادية والعسكرية .
لتلاحقه استخبارات العدو لتصفيته بعد أن أقض مضاجعهم ونكّل بهم ، حتى أن الإرهابي شارون كان يخطط لاجتياح قطاع غزة كما اجتاح الضفة الغربية لعله يعتقل أو يغتال الشيخ صلاح شحادة كأحد أهم أهداف الاجتياح كما صرح الصهاينة بذلك.
وتمكن أبو مصطفى بعون الله من إعادة بناء الجهاز العسكري لحركة حماس مع مطلع سنة 2000م
والذي دمرته السلطة الفلسطينية في عام 1996 وما بعدها وفق اتفاقية “أوسلو” الهدامة.
صبر على الابتلاء
تعرض الشيخ صلاح لأقسى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي خلال فترة اعتقاله, وذكر الشيخ أن المحققين الصهاينة نتفوا لحيته حتى شك أن تنبت له لحية بعد ذلك وجولات التحقيق التي لا تنتهي.
حيث قضى الشيخ سنوات سجنه صابراً محتسباً رغم كل الظروف القاسية التي أحاطت به ، ورغم فترات طويلة من سجنه الانفرادي في زنزانة ضيقة ، شغل نفسه فيها بحفظ القرآن وتلاوته وقيام الليل وذكر الله والتضرع إليه سبحانه, فكان السجن عند الشهيد صلاح هو الخلوة مع الله ، وتطهيراً للنفس وتزكية للفؤاد ، وكان فرصة للتفكير العميق والتخطيط الدقيق لابتكار أساليب جديدة في العمل العسكري المقاوم ، وكان أباً حنوناً للمعتقلين من كل التنظيمات الفلسطينية يعلمهم الإسلام ، ويعينهم على الصبر والمصابرة ، ويشغل أوقات فراغهم بالنافع المفيد من حفظ للقرآن الكريم وتاريخ الإسلام العظيم ، وحب فلسطين وواجب الجهاد لتحريرها ، إلى جانب تسليتهم وتقوية أجسادهم بفنون الرياضة المختلفة ومنها المصارعة اليابانية التي كان يجيدها.
تجربته في سجون الاحتلال
اعتقلته سلطات الاحتلال في العام 1984 للاشتباه بنشاطه المعادي للاحتلال غير أنه لم يعترف بشيء ولم يستطع الاحتلال الصهيوني إثبات أي تهمة ضده أصدروا ضده لائحة اتهام حسب قانون الطوارئ لسنة 1949، وهكذا قضى في المعتقل عامين .
بعد خروجه من المعتقل في العام 1986 شغل منصب مدير شؤون الطلبة في الجامعة الإسلامية إلى أن قررت سلطات الاحتلال إغلاق الجامعة في محاولة لوقف الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في العام 1987، غير أن الشيخ صلاح شحادة واصل العمل في الجامعة حتى اعتقل في آب/ أغسطس 1988 .
كانت التهم الموجهة إليه المسئولية عن الجهاز العسكري لحماس، وإصدار أوامر باختطاف الجنديين (سبورتس ، وسعدون)، ومسئولية حماس، والجهاز الإعلامي في شمال قطاع غزة ، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات على تهمة مسئولية حماس والجهاز الإعلامي في المنطقة الشمالية، أضيفت إليها ستة أشهر بدل غرامة رفض أن يدفعها للاحتلال.
ومن مواقفه البطولية التي تنم عن روح التحدي والإصرار موقفه من زيارة في السجن من الإرهابي الصهيوني اللواء إسحاق موردخاي قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الصهيوني عام 1988م والذي شغل فيما بعد منصب وزير حرب العدو. حيث قد جيء بالشيخ صلاح شحادة إلى مكتب مدير السجن وهو مقيد اليدين والرجلين, فأبى الشيخ العزيز أن يتحدث مع موردخاي حتى يتم فك قيوده ، فاستدعى الجبان موردخاي الجنود لحمايته من شيخنا الأسير وأمر بفك قيوده ، وسأله عن مكان جثث العسكريين الصهيونيين ، فأنكر الشيخ صلاح صادقاً معرفته أو معرفة أحد من إخوانه السجناء بالمكان ، فقال له الإرهابي موردخاي : ” يا جنرال صلاح إنّ جنودك جبناء يكذبون” ,
فقال له الشيخ صلاح : “اعلم أيها الجنرال أن رجالي مؤمنون وشجعان لا يعرفون الكذب ولا يجبنون ، لقد اختطفوا جنودك وهم مدججون بالسلاح ، بينما يقتل جنودك الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزل ، وكانوا يصرخون ويبكون كالنساء ويستنجدون بأمهاتهم”, عندها خرج الإرهابي من الغرفة وهو يجر أذيال الخيبة والخزي من رد الشيخ صلاح الحاد كالسيف.
خرج من السجن يحمل تهديدا من ضباط المخابرات الصهيونية بضرورة اغتياله في حال قيامه بأية نشاطات ضد الاحتلال و بعد عدة شهور قدم استقالته من عمله و تفرغ لمقاومة الاحتلال رافضا كل المغريات حتى لقي ربه شهيدا .
شهادة وارتقاء
كشفت الصحافة الصهيونية بعض التفاصيل حول المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في غزة
ليلة الاثنين 22-7-2002 والتي أدت إلى استشهاد القائد العام لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة ومساعده زاهر نصار وأكثر من خمسة عشر آخرين وإصابة ما يزيد عن 150 فلسطينيا
وأشارت الصحيفة الى أنه في الأشهر الأخيرة، كثف جيش الاحتلال من مراقبة تحركات القائد العام لكتائب القسام مستخدمين بذلك أحدث الوسائل والتقنيات التكنولوجية الى جانب العملاء، وأضافت الصحيفة كانت الفوهة الصهيونية تتعقب شحادة، هذه حقيقة كانت تعرفها حماس ويعرفها كل من تتبع قرارات الطاقم الوزاري. بعد عملية حزيران التي استهدفت حافلة ركاب عند مفترق بات في القدس، عززت إسرائيل من جهودها لضرب قادة حماس في غزة.
وكشفت الصحيفة أن الحكومة الصهيونية اتخذت قرار اغتيال قادة حماس السياسيين والعسكريين، باستثناء مؤسس حركة المقاومة الاسلامية حماس الشيخ أحمد ياسين، وذلك في جلسة للطاقم الوزاري وأودع القرار بأيدي الجيش من أجل تنفيذه. أما المصادقة النهائية على تنفيذ العمليات فقد أنيطت برئيس الحكومة وبوزير الدفاع. ودعم بيرس أيضًا العمليات ضد قادة حماس، لكنه رفض، أمس، بعد ما حدث أن يقول ما اذا كان يؤيد اغتيال شحادة.
الجيش أوصى باستخدام طائرات F16
وكتبت الصحيفة نقلا عن شارون قوله لوزراء حكومته “لقد شوهد شحادة أربع مرات في الأسبوع الماضي، عبر فوهات نيران طائرات اف 16 الصهيونية” وقال شارون “لقد كان على مرمى الاصابة وتقرر عدم اطلاق الصاروخ عليه خشية اصابة المواطنين الذين تواجدوا في المكان”.
وحسب المعلومات المتوفرة لدى الجيش، كان الشيخ صلاح متواجد في البيت مع زوجته وابنته ، ومساعده زاهر ناصر. وأفاد رئيس الشاباك ابي ديختر، ان شحادة ورجلين اخرين يتواجدوا في المنزل. ووصف ضباط المخابرات المنزل بتفاصيله واشاروا إلى انه محاط بساحة.
بعد 20 دقيقة من منتصف الليل، تلقى شارون أول تقرير عن العملية: هدم البيت الذي يقيم فيه شحادة. ولم يكن من الواضح اذا كان شحادة قد قتل. وقرابة الساعة الثانية والنصف فجراً، سمع شارون من سكرتيره العسكري، الجنرال يوآب غلانط، ان العملية توجت بالنجاح. فلقد تم التعرف على جثة شحادة. مع ذلك أبلغ شارون ان مدنيين من النساء والاطفال قتلوا في العملية.
وصية الشهيد القائد العام صلاح شحادة ” أبو مصطفى”
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا أب القاسم محمد بن عبد الله أما بعد ،، فهذه وصية شرعية أدعو من يقرؤها إلى تنفيذها بكل ما يرد فيها .
أولاً : أوصيكم بتقوى الله والجهاد في سبيله وأن تجعلوا فلسطين أمانة في أعناقكم وأعناق أبنائكم إلى أن يصدح الآذان في شواطئ يافا وحيفا وعسقلان .
ثانياُ: أوصي في كل أموالي وديوني التي ستفصل في ملحق خاص بتنفيذ حكم الله فيها وذلك بعرض تفاصيل ما يتصل بأموالي وديوني على عالم شرعي مختص من أتقياء المسلمين .
ثالثاً: أؤكد بتنفيذ المواريث حسب شرعنا الحنيف .
رابعاً: أوصي أن يتولى غسلي إن غسلت الأخ نزار ريان فإن لم يكن فالأخ عبد العزيز الكجك ، على أن يستروا عورتي ويحفظا سري حفظهما الله وأن يتولى لحدي في قبري أحد الأخوين المذكوريين .
خامساً: تنتهي التعزية بي عند قبري وإني برئ من كل من يقوم بنصب مأتم لي ، وأبرأ إلى الله من كل عمل يخالف شرع الله من النياحة أو اللطم أو شق الجيوب أو نتف الشعور أو تكبير صوري ووضعها على الجدران .
سادساً: أوصي أهلي وزوجتي وذريتي بالدعاء لي بالمغفرة والستر وأن يسامحوني من أي عمل يجدونه في خواطرهم علي سببته .
سابعا: أن يكون قبري بجوار قبور الصالحين ما أمكن، وألا يبنى قبري أو يجصص، أو يكتب عليه الشهيد وإن استشهدت فالله أعلم بعباده.
وأخيرا أدعوا الله تعالى أن يرحمني وإياكم، وإلى لقاء عند رب غفور رحيم كريم بإذنه تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب صلاح بن مصطفى بن محمد شحادة بتاريخ 20 صفر 1422 هـ