شهداء فلسطين

الشهيد الدكتور عبد الوهاب الكيالي

 

ثقافة المقاومة في أصالة الانتماء

في يافا التي أحبها الشهيد المثقف والموسوعي الدكتور عبد الوهاب الكيالي حكاية الانتماء لها ولحواريها… ففيها تفتحت عيناه عام 1939 على ظلم المحتل البريطاني ودعمه للعصابات الصهيونية..,وتمددها في القرى والبلدات الفلسطينية-وفي مدرستها الابتدائية تعلم أبجدية الوطن الذي هُجر منه تحت وابل المدافع والرصاص عام 1948…لتستقر عائلته في الأردن. ويتابع الشهيد مسيرة حياته لينال شهادة الثانوية في عمان وليسانس في العلوم السياسية عام1961 من الجامعة الأميركية في بيروت وشهدت آنذاك بيروت نشاطه السياسي الداعم للثورة الجزائرية وتعرضه للفصل من الجامعة لكنه أعيد إليها جراء الضغوط التي تعرضت لها إدارة الجامعة من اصدقائه والداعمين للثورة الجزائرية.

حصل  على شهادة الدكتوراه سنة 1970 من جامعة لندن.. وتعتبر رسالة الدكتوراه التي ناقشها وهي عن  تاريخ المقاومة العربية الفلسطينية للاستعمار والصهيونية من الرسائل الشاملة والموثقة والغنية في جوهرها.

في لندن سنة 1968 كانت له اسهامات قيمة وكبيرة فقد كان من أوائل الذين شاركوا في إصدار أول مجلة بلغة أجنبية تحمل راية المقاومة الفلسطينية هي – فلسطين الحرة-  وكان أول رئيس تحرير لها. وفي العمل السياسي ولجهوده الوطنية انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية1974  ..وتولى رئاسة دائرة الشؤون التربوية والثقافية فيها…وأصبح عضواً في اللجنة السياسية العليا لشؤون الفلسطينيين في لبنان.

حياة الشهيد حافلة بالمحطات النضالية التي كرسها للدفاع عن فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في أرضه, وقد لعب دوراً بارزاً في المؤتمرات التي شارك فيها في الوطن العربي والعالم لإيصال الصوت الفلسطيني المقاوم.

من انجازات الشهيد الدكتور عبد الوهاب الكيالي أنه أنشأ المؤسسة العربية للدراسات والنشر وترأس تحرير مجلة -قضايا عربية- منذ صدورها سنة 1974،وكذلك -المركز العربي للدراسات الاستراتيجية-الذي  كان يُصدر موسوعة العسكرية، وكان أيضاً رئيس تحرير موسوعة السياسة.

يذكر أنه عمل على تأسيس “مركز العالم الثالث للدراسات والنشر” في لندن سنة 1979،ونشر الكثير من مؤلفاته الغنية والتفصيلية التي شرحت ووثقت القضية الفلسطينية باللغة الإنكليزية.

الراحل الشهيد الدكتور الكيالي تاريخ حافل بالثقافة التي كُرست لأجل فلسطين وقال فيه المفكر منير شفيق “عبد الوهاب الكيالي من الرجال الذين يتركون في نفسك ذكريات لا تمحى. يمكن أن تتعلم منه وتطمئن لصداقته وصدقه ومبدئيته …. وقد اصبح عضوا في اللجنة التنفيذية. وربما كان الاصغر سنا بينهم، وهو المؤرخ الاكاديمي الذي يجمع بين المثقف العقدي والقائد المناضل وهو ما تجلى اكثر عندما طرح مشروع النقاط العشر في الساحة الفلسطينية واذا بعبد الوهاب الكيالي يأخذ موقفا مبدئياً صارماً في رفض هذا المشروع”.

الباحث صقر أبو فاخر قال أيضاً ” عبد الوهاب الكيالي في هذه الحياة اثنين وأربعين عامًا فقط، لكنها، بحساب الأثر، أنجز في الفكر والسياسة والكفاح الفلسطيني ما لا تنجزه عدة مؤسسات مجتمعة”.

للشهيد العديد من المؤلفات القيمة  في العربية والإنكليزية منها: المطامع الصهيونية التوسعية والمزارع الجماعية في إسرائيل وتاريخ فلسطين الحديث والمقاومة الفلسطينية والنضال العربي ودراسات ومطالعات فلسطينية، والقضية الفلسطينية – آراء ومواقف، والعرب والامبريالية والعنصرية.

اغتيل في مكتبه في بيروت خلال حضوره إلى لبنان للمشاركة في معرض الكتاب العربي في 7-12 -1981.

سيبقى الشهيد الدكتور عبد الوهاب الكيالي حاضراً بما تركه من فكر وثقافة. حاضراً في ثقافة مقاومة لن تتنازل عن الثوابت وعن فلسطين كل فلسطين.

بقلم لينا عمر

زر الذهاب إلى الأعلى