الشهيد البطل المشتبك باسل الأعرج
المقاومة جدوى مستمرة
تزينت القرى والمدن بصورته التي أضحت في كل بيت فلسطيني وعربي واسمه على كل لسان- إنه الشهيد البطل المشتبك باسل الأعرج ابن قرية الولجة قرب بيت لحم المحتلة.
ولد الشهيد البطل في 27- 1- 1984وبعد أن حصل على الشهادة الثانوية درس الصيدلة في إحدى الجامعات المصرية، ثم عمل بالصيدلة في مخيم شعفاط في القدس لمدة قصيرة. وبدأت رحلة الشاب الذي شكل عنواناً بارزاً بل كتلة لهب متوهجة من الوطنية المصهورة بالثقافة الحارة التي نهلت من تاريخ الثورات ليتقدم الصفوف في التظاهرات والتوعية لشباب فلسطين وشاباتها ويفضح مخططات الاحتلال الصهيوني – ويرفع صوته عالياً ويفضح التنسيق الأمني الذي زجه في سجون السلطة لمدة 5 أشهر في العام 2016.لكن ذلك لم يحد من نشاطه بل كثف من جهوده هو ومجموعة من الشباب الفلسطيني وأصبح مطارداً ومطلوباً للقتل من كيان الاحتلال.
حياة الشهيد البطل باسل الأعرج لا تعد فقط بسنين عمره القصيرة بل بنتاج ثقافي وطني يغلي وهو يشارك في انتفاضة القدس 2015 ويدفع لتطويرها في حراك شبابي يؤمن بتحرير فلسطين كل فلسطين- الانتفاضة التي وصفها بالمظلومة- لكنه لم ييأس بل دفع إلى تأطير الوعي وفق المتاح لإنتاج حراك مؤطر يتمكن من خلاله شباب فلسطين أن يعيدوا ألق الانتفاضات التي أرقت الاحتلال الصهيوني.
اشتهر الشهيد البطل باسل الأعرج بمواقفه الوطنية الرافضة للتطبيع والتعايش مع الاحتلال وأسس الحراك الشعبي وعرف عنه قيادته للمظاهرات الاحتجاجية على زيارة كانت مقررة لوزير الأمن الصهيوني السابق شاؤول موفاز خلال عام 2012 إلى الضفة وتعرض للمضايقات والضرب على أيدي السلطة في رام الله. ودوره مشهود في حملات مقاطعة الاحتلال. وعمل على مشروع «توثيق محطات الثورة الفلسطينية» منذ ثورة عام 1936 وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000.ونظم رحلات ميدانية إلى المناطق التي شهدت عمليات للمقاومة الفلسطينية مثل: موقع عملية “زقاق الموت” التي نفذها ثلاثة مقاومين من «حركة الجهاد الإسلامي» في الخليل عام 2002،ومعركة الولجة في بيت لحم وغيرها. ونظم الندوات الحوارية في الضفة الغربية، وكتب في عدة مواقع فلسطينية يحرض على الاحتلال وينبه إلى مشاريع الاستسلام وكيفية تحصين الذات الفلسطينية. ما حققه الشهيد باسل كان البداية المتوهجة لمشروع ثقافي وطني مقاوم يقرأ في كتاب مفتوح للمستقبل في مواجهة طويلة- ولم يكن يهوى التنظير كما يعتقد البعض فشهادته هي الصورة الحقيقة للمثقف المشتبك.
ختم حياته بالاستشهاد في 6-3 -2017 بعد مطاردة استمرت لأكثر من عام قدم فيها التنسيق الأمني للسلطة في رام الله معلومات عن تواجده وفق ما تم تداوله في الضفة الغربية المحتلة .
مطاردة الشهيد البطل باسل الأعرج أرقت الاحتلال الذي فتش عنه في الضفة وغيرها لكنه لم يكن يجد إلا صوتاً هادراً – صوتاً زرعه في كل حي “أننا سنقاومك ولن نستسلم”. لساعتين وأكثر واجههم بكل باسلة وعنفوان – أطلق كل رصاصته ولم يستسلم واستشهد في مدينة البيرة وسط رام الله في مواجهة وحدة «يمام» الصهيونية الخاصة متحصناً في شقة سكنية قرب مسجد البيرة الكبير.
الضابط الصهيوني الذي أشرف على العملية قال لولد الشهيد:” قبل ما تشوف صورة الجثة عشان تتعرف عليها لازم تكون فاهم إنها بتختلف حالياً عن صورته دائماً وممكن تكون مشوهة بفعل الرصاص والشظايا”. رد والده بعد المعاينة ” الله يرضى عليه، عمري ما شفته أحلى من اليوم.” وردد اصدقاؤه في موكب عرسه “قولوا لكلاب الشاباك… جاي جاي الاشتباك”.
يقول شقيقه سعيد في وصف باسل:” اخترت أن تكون مقاوماً وأن تموت شهيداً مقبلاً مشتبكاً لا خانعاً… لم تسلم لهم، ومثلك لا يعرف التسليم”. ويروي شهود عيان أن مئات الطلقات النارية والشظايا خلفها الاشتباك، وعُثر على آثارها في معظم المنزل، إلى جانب حذاء وكوفية وكتب من مقتنياته.
من كتابته على صفحته في الفيس بوك يقول:” كل ما تدفعه في المقاومة إذا لم تحصده في حياتك، ستحصل عليه لاحقاً،المقاومة جدوى مستمرة “. ومن ما قاله في إحدى الندوات:
” بدك تصير مثقف، بدك تصير مُشتبك، ما بدك مُشتبك، بلا منك وبلا من ثقافتك”.
سيبقى الشهيد باسل الأعرج محرضاً وملهماً لشباب فلسطين- ملهماً لأنه كان على رأس المواجهة قولاً وفعلا.
لينا عمر