الشهيد البطل الطفل هيثم الجمل
لك الحياة وباق في ساحات العودة
“أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها وعاد مستشهداً.. فبكت دمعتين ووردة”
عاد كما وعدها – عاد محمولا على الأكتاف – وترك أماً “ربته كل شبر بنذر” عاد الشهيد البطل الطفل هيثم الجمل بلباس العيد الذي خبأته أمه له مزيناً بشهادتين شهادة الصف التاسع وشهادة البطولة لطفل قال لأمه يوم خرج للمشاركة في مسيرات العودة:” : “جهزي لي الكفن واستقبليني شهيدًا يا أمي، فقالت له: “لا يمّا إنّ شاء الله بترجع بخير”. لكنه عاد شهيدًا مع ثلاثة آخرين استشهدوا في جمعة “مليونية القدس”.
شرقي رفح كان القناص ينتظر الجسد الطري ليفرغ رصاصات حقده- وكأن هيثم حلم ذات يوم بفارس عودة الذي تحدى دبابة الاحتلال- فارس عوده تجسد في لحظة واحدة في عيني هيثم الذي خرج في مليونية القدس وروحه تواقة للشهادة.
تقول والدة الشهيد “ما كان رياضي محترف وبس؛ كان حافظ أجزاء كثيرة من القرآن وحريص على قيام العشر الأواخر من الشهر الفضيل.. ابني ذكي وكنت أطمح يُكمل دراسته، لكنه دائمًا يردد (لا يا أمي بدّي استشهد ما تتعبي نفسك بدّي أروح لأحسن من كل الدنيا أنا رايح للجنة).وتساءلت الأم وهي تمسك بيديها حذاءً جديدًا اشتراه هيثم ضمن ملابس العيد: “بأي ذنب قُتل هذا الطفل، كان مدنيًا يشارك في مسيرة العودة، وتم قنصه بشكل مباشر، حرموني فرحتي بابني، وحرموه العيد”.
يقول صديق هيثم: ترك هيثم فراغاً – مع من سألعب – كنت وراء موكب التشييع أبكي وأنادي عليه ليش تركتني يا هيثم _
أما “عبد الله” شقيق الشهيد، والذي لم يتوقف عن البكاء للحظة، فيقول: “كنا نلعب سويًا وننام في غرفة واحدة، والآن لن يكون بيننا؛ فالغرفة باتت فارغة وسأعيش بها وحدي.. لماذا قتلوا أخي، لماذا أخذوه مني؟!”.
يقول جد هيثم : “حفيدي كان يطلب الشهادة، ونالها من بين جموع المشاركين ؛ لكن ما الذي جعل طفلًا في هذا السن يُفكر في الشهادة؛ فمن المفترض أن يفكر في الحياة بحرية كأي طفل في العالم، لا لشيء؛ إلا لأنه لم يشعر بحياة كريمة على أرضه، وسلب الاحتلال حقوقه كما أطفال فلسطين”. ويتابع “نحن ندفع ثمنًا غالٍ لأجل حريتنا وكرامتنا، فكل يوم نقدم الشهداء والجرحى، لأجل عودتنا لأرضنا، ولنعش حياة كريمة، ويُفك الحصار عنا، فاليوم أحفادنا يشاركون، وإن لم يتحقق حُلم العودة والحياة الكريمة، سيحققه أحفاد أحفادنا”.
الشهيد البطل هيثم الجمل ارتقى شهيداً في 8- 6 في مليونية الغضب وهو لم يكمل بعد أغنيته الأخيرة- ولم يبن أحلام الطفولة التي خبأها تحت وسادته.
أحب الحياة – لكن رصاص الحقد لم يمهله لأن فاشية الاحتلال
تطارد الهواء – تطارد البقاء. لكن هيثم سيبقى في ميادين المواجهة ولن يسقط بل سيواصل الهتاف أن فلسطين ستعود وإن طال أمد المغتصب.
لينا عمر