الشهيد الأسير القائد إياد صوالحه: فلسطين لا تعرف إلا الانتصار
تذكره بلدة كفر الراعي – قضاء جنين في الضفة الغربية المحتلة…تذكر ذاك الشاب الذي خضب ذاكرته بصورة بهية لفلسطين..,وحفر أسماء القرى واحدة واحدة وشماً ندياً في عينيه.
لم يكن الشهيد القائد إياد صوالحه يبحث إلا عن سر أرض تتألم في كل ثانية لتقتلع من أثخنوا جسدها جراحاً,وعاثوا فساداً وهودوا الأرض واقتلعوا الشجر,ودمروا بيوتاً حضنت ذكريات لعائلات لم تترك ساحات المواجهة مهما خسرت..,فإرادة المقاومة هي العنوان اليومي لأهلنا في فلسطين المحتلة.
لم ينقطع إياد إثناء دراسته في قلنديا في كلية التدريب المهني – عن كيفية إيجاد وابتداع وسائل للمقاومة,كان يشارك في المسيرات والمواجهات اليومية مع الاحتلال,وهو يعرف أن الطريق صعبة ووعرة.لكنه كان يفكر كل يوم بالانخراط مباشرة في مواجهة تجعل الصهيوني يدفع ثمناً لاحتلاله أرض فلسطين. أنهى دراسته الاكاديمية وكان المحتل قد جهز جنوده لاعتقاله بعد أن عرف صلابته ودوره الريادي في التوعية وتحشيد طاقات الشباب الفلسطيني لمواجهات واسعة. حكاية المعتقل التي بدأت في عام 1992 واستمرت لسبع سنوات زادته اصراره في بناء ثقافته,ليصبح معتقل( الجلمة – شطة – عسقلان ) ساحة للتعبئة لقادم الأيام.خرج أكثر صلابة وعنفوانا ليتابع مسيرة المقاومة في سرايا القدس ويصبح قائداً عسكرياً فيها بعد سلسلة من العمليات في الضفة الغربية أوجعت المحتل,وينخرط في المواجهات التي اتسعت بعد انتفاضة 2000 – انتفاضة الأقصى.
توالت العمليات في الضفة الغربية,ودب الذعر في المؤسسة العسكرية,وصدرت الأوامر على أعلى المستويات لقتله…. – إما حياً أو ميتاً – هكذا صرخ أحد الضباط الصهاينة بعد أن تكرر اسم إياد أنه يقف وراء عمليات هزت عمق المؤسسة العسكرية الصهيونية ومن أبرز هذه العمليات التي أسفرت في مجملها عن مقتل ما يزيد عن 32 صهيونياً ، وإصابة نحو 150 آخرين بجراح : عملية ” كركور”، وعملية “مجدو” في حزيران / يونيو عام 2002،وأدت إلى مقتل 17 جندياً صهيونياً،وإصابة 42 آخرين.
في اجتماع أمني بعد أن تكرر إسم إياد صوالحه …بدأت مسيرته المقاومة في أعقد ثوانيها بعد أن أصبح المطلوب رقم واحد,لكنهم فشلوا في الوصول إليه.
عامان من المطاردات واستنفار أجهزة الأمن للعثور على أثر له,لكنها فشلت,بل كان وإخوانه يصطادون جنود الاحتلال في مدن الضفة التي تذكره في كل مطلع صباح…وشوق الشهيد لتقبيل جبين أمه يدفعه أن يتسلل ليلاً إلى منزلهم ليكحل عينيه بطلة دعائها,وهي التي تنتظره كل يوم…. وفي حضوره يتزين بيت الأسرة الذي افتقده ويراوغ بالابتسامة ” خلص يمه ستفرحين بي في عرس لم تشهد له الضفة مثيلا”. تشيعه أمه بنظراتها مسورة جبينه بدعواتها ” روح يمه الله يحميك…الله يردك بالسلامة ”
نزولا عند إلحاح أمه يتزوج إياد…وهو يعرف أنه قد يثكل قلوب كثيرة.فالملاحقة الصهيونية له جعلته يحرص على التخفي ويقلل من التسلل إلى منزله حيث أهله وزوجته.
عام مضى على عرسه,والمحتل يكثف من بحثه عن اسم أصبح كابوساً مرعباً للمستوطنين وللمؤسسة العسكرية.وللضغط على البطل الشهيد إياد ازدادت اقتحامات جنود الاحتلال لمنزل عائلته واعتقلت والدته أكثر من مره,لكن كل ذلك كان يزيد الشهيد إصرارا على المواجهة هو وإخوانه في سرايا القدس.
9 – 11 – 2002 – جنين
مع تشقق رداء الفجر..كانت المللات الصهيونية تملأ جنين ,وساعة الصفر تقترب لاقتحام المنزل الذي يتحصن فيه .
عامان لم تتمكن أجهزة الأمن الصهيونية من الكشف عن مكانه لكنها وصلت اليه أخيراً بعد أن كرست جهوداً مضاعفة واستنفرت أقوى أجهزتها.
كان بانتظارهم ببندقية تتكئ على ساعدين تعلما معنى المقاومة في أسرة مجاهدة,كان بانتظارهم يتأهب للحظة الشهادة التي تمناها…, لحظة أن يثأر لكل أطفال فلسطين وشهدائها. وزأر رصاص إياد معلناً لحظة الانتصار…جيش مدجج من كتيبة “غولاني” ، ووحدة ” أيجوز” الصهيونيتين خاض معه إياد حرباً حقيقية, مكبرات الصوت تنادي ” سلم نفسك ” : ويشتعل الرصاص أن لا استسلام فهنا تبدأ فلسطين معلنة أنها كامل التراب من رأس الناقورة إلى رفح.
ساعتان من اشتباك عنيف استخدم فيه الاحتلال كل أسلحة القتل ولم يخرج إياد رافعا ساعدين لا يعرفان إلا النصر.
أكثر من 4 جرحى صهاينة وقتيل…وهم المحصنون وراء حديد دباباتهم,والرصاص يثأر لكل الشهداء.باعتراف قادة الاحتلال أنهم توقعوا أن من يواجههم أكثر من شخص,لكن إياد ابن (32) ربيعاً كان شعباً في رجل.
استشهد القائد إياد صوالحه لكنه ترك وراءه وصية….أن استمروا في درب المقاومة..استمروا لأن فلسطين لا تعرف إلا الانتصار.