شهداء فلسطينقصص الشهداء

الشهيد أنور حمران

 

 ثمرة جهاد ونموذج شهادة

من ذكريات الشهداء في شهر ديسمبر، ذكرى عزيزة على قلوب المستضعفين في الأرض والثائرين ضد الظلم والطغاة، إنها ذكرى ارتقاء فارس من فرسان الإيمان والوعي والثورة، فارس من فرسان القلم والبندقية، والذي أذاق المحتل الصهيوني ويلات تجبره وتغطرسه على الشعب الفلسطيني، فهذه مغتصبتي “محني يهودا والخضيرة” تشهد على عنفوانه وإصراره للانتقام من عدو الله وعدو الإنسان، ليختم حياته شهيداً بعد تعرضه لعملية اغتيال جبانة من قبل جيش مهزوم.

بمناسبة هذه الذكرى يقول أحد المجاهدين الذين عاشوا مع الشهيد أنور حمران عن قرب، خلال مسيرته الطويلة والممتدة منذ تعرفه على فكر حركة الجهاد الإسلامي وانضمامه للحركة ونشاطه في صفوفها حتى وصوله إلى العمل العسكري ليصبح من أبرز المطلوبين حتى ارتقائه شهيداً.

ويقول أن الشهيد أنور من مواليد العام ألف وتسعمائة واثنين وسبعون، ومتزوج من ابنة عمه وله من الأبناء كلا ًمن “صابرين وصهيب وهمام”، مشيراً إلى أنه أكمل تعليمه حتى المرحلة الثانوية في مدارس جنين، وبعدها توجه إلى الأردن لدراسة الصيدلة، ولكنه لم يكمل دراسته في مراحلها النهائية بسبب إبعاد السلطات الأردنية له بحجج أمنية.

 

ومع اندلاع انتفاضة الحجارة عام ألف وتسعمائة وسبعة وثمانون، كان الشهيد أنور لم يتجاوز من العمر خمسة عشر عاماً، فكان في قمة العنفوان والتحدي، يتقدم صفوف الشباب الفلسطيني الثائر في رمي قوات الاحتلال الصهيوني بالحجارة والزجاجات الحارقة، وبعدها بدأ وعي الشهيد يتفتح على فكر حركة الجهاد الإسلامي وينهل من هذا الفكر الصافي، حتى أصبح أحد الرجال الذين يشار لهم بالبنان لإيمانه العميق وثقافته الواسعة وإقدامه على التضحية.

 

وخلال سفره إلى الخارج خضع الشهيد أنور حمران لعدة دورات تدريبية عسكرية وكان من ضمن المميزين في هذه الدورات، حيث كان خلال دراسته في الأردن يعتبر حلقة الوصل بين الداخل المحتل وقيادة الحركة في الخارج، مشيراً إلى أنه تم إبعاده من قبل السلطات الأردنية وأثناء عودته إلى أرض الوطن تم اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام، ليخرج بعدها أكثر صلابة وأشد عنفواناً، حيث كلفته قيادة حركة الجهاد الإسلامي بأن يكون مديراً لصحيفة الاستقلال في جنين.

 

وبالنسبة للعمليات التي قام أو أشرف عليها شهيدنا المجاهد أنور حمران حيث شارك بصورة مباشرة في تنفيذ عدة عمليات استشهادية وعمليات إطلاق نار على جنود ومغتصبين صهاينة أسفرت عن مقتل وإصابة عدد منهم، حيث كانت أشهرها عمليتي محني يهودا والتي وقعت في العام ألف وتسعمائة وثمانية وتسعون، والخضيرة والتي اتهمته سلطات الاحتلال الصهيوني بالمسؤولية المباشرة عنها.

 

بعد هذه العمليات أصبح أنور أحد أبرز المطلوبين لقوات الاحتلال، حيث تعرض للاعتقال من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية أكثر من مرة، وخلال فترة اعتقاله عمل على تشكيل مجموعات عسكرية نفذت عمليات إطلاق نار أدت إلى مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال ومستوطنيه، ومع بدء انتفاضة الأقصى وبعد الضغط الشعبي على السلطة الفلسطينية قامت هذه الأجهزة بالإفراج عنه، ولصعوبة وصوله لمكان سكناه في مدينة جنين، أضطر حمران أن يعيش في مدينة نابلس.

 

وفي أحداث استشهاد أنور ارتقى يوم الاثنين الموافق الحادي عشر من ديسمبر من العام ألفين، فعند خروج شهيدنا من مقر جامعة القدس المفتوحة، قام جنود الاحتلال الصهيوني المتمركزين في الثكنة العسكرية المقامة على أحد الجبال مقابل الجامعة، بإطلاق النار بشكل مباشر على جسد شهيدنا الطاهر، حيث قاموا بإطلاق أكثر من تسعة عشر طلقة نحوه، ما أدى إلى ارتقائه شهيداً بإذن الله.

 

وتقول الزوجة المحتسبة والصابرة للشهيد أنور اختصرت شخصية وحياة وجهاد أنور في ثلاثة كلمات وهي: “أنور الابن البار الحنون، الأخ المعطاء القدوة لإخوانه، الزوج الذي لا تجد له مثيل”.

 

وخلال موكب التشييع يخرج الناس بكل أطيافهم ليشاركوا في مسيرة التشييع وخرجت مدينة جنين ومخيمها وقراها عن بكرة أبيها لوداع مجاهداً باراً قدم الغالي والنفيس من أجل دينه وقضيته ووطنه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى