الشهيد أسامة فايز يحيى عساف
ميلاده ونشأته
ولد الشهيد أسامة فايز يحيى عساف في مدينة جباليا البلد الصمود في منتصف عام 1985م،
ففرحت البلدة الصغيرة بميلاد هذا الطفل، فاحتضنته وأنشأته في كنفها، ومنذ صغره ومع نعومة أظفاره
ألقت البلدة بهمها وهم فلسطين الأم في قلبه وبين يديه، فقد عايش ظلم المحتل وبطشه منذ صغره،
وفي بداية نموه، فنشأ يملأ قلبه الغيظ على هذا المحتل الغاصب.
نشأ شهيدنا المجاهد كغيره من أبناء شعبه في بيت فقير متهالك، وترعرع في أحضان أسرة ملتزمة رباه
والده فيها مع بقية إخوته على تعاليم الدين السمحة والمستقيمة، وروته أمه وأرضعته حليب حب الوطن
وعشق الأرض.
درس شهيدنا –رحمه الله- المرحلة الابتدائية في مدرسة (الرافعي للبنين) ثم انتقل ليدرس المرحلة
الإعدادية في مدرسة(أسامة بن زيد) في البلدة، وكان خلال هذه الفترة التعليمية من الطلاب الهادئين
الذين يجذبون من حولهم إليهم بأخلاقهم العالية المتميزة ، وكسب بهذه الأخلاق قلوب من حوله، وأسرهم
بحبه، سواء كانوا طلاب أم مدرسين، فالكل يحب -أسامة- والكل يكن له الكثير من التقدير والاحترام .
تعليمه
انتقل شهيدنا –رحمه الله- إلى مدرسة(عثمان بن عفان)لاستكمال المرحلة الثانوية، وأنهى فيها دراسته
بنجاح وتميز، وكان محبوبا من قبل جميع الطلاب، ولقد كان في هذه الفترة أحد طلاب وأفراد الكتلة
الإسلامية المتميزين بأخلاقهم ودعوتهم، وكان يساعد ويشارك إخوانه في الكتلة في جميع النشاطات،
الدعوية والإعلامية، حيث كان يذهب معهم لتعليق الملصقات في المدرسة، يشاركهم بحضوره القوي
في جميع الأمسيات واللقاءات التي كانت تنظمها الكتلة الإسلامية، وبعد أن أنهى الثانوية العامة انتقل
للدراسة في (الجامعة الإسلامية) في مدينة غزة وتخصص(نطق وإرشاد) وكان من طلبة الجامعة المتميزين
علميا ودعويا.
المثالي الهادئ
كان شهيدنا –رحمه الله- ذلك الشاب المثالي الهادئ الذين يقدر المعاني العظيمة والكبيرة مثل الصداقة ،
حيث أنه قد أعان أصدقائه في كل طلب يطلبوه منه، من مراجع ومذكرات في الثانوية العامة، وكان
يساعدهم في حل مشكلاتهم، أما على صعيد جيرانه، فكثيرا ما كان شهيدنا –رحمه الله- ناصحا
لجيرانه، مرشدا إياهم لفعل الخير والابتعاد عن المنكر والشر، لا يتكلم إلا خيرا ونصحا، فأحبه جيرانه
وقدروه لهذه الأخلاق العظيمة التي تميز بها.
امتاز شهيدنا عن بقية أفراد أسرته بعلاقة خاصة صنعها مع والديه، فالسمع والطاعة بكل معانيهما
هما الشعار الذي سار عليه، فما من أمر أو طلب أو حاجة يريدها والداه إلا وأسرع كالبرق لتنفيذها
وإحضارها، وكثيرا ما كان يعين والدته في أمور ومشاغل البيت الكثيرة، منفذا بهذا مر الله –عز وجل-
حين قال:”وبالوالدين إحسانا”، فأحبه والداه كثيرا، حتى أن أمه أصبحت تساعده في تحضير عدته
وعتاده العسكري عندما كان يذهب للرباط.
توجه شهيدنا –رحمه الله- مع بداية فترة شبابه إلى المساجد التي تخرج الرجال العظماء، واتجه بروحه
وقلبه وكل كيانه إلى بيت الله، وانصب على مصحفه وكلام ربه يردده ليل نهار، يتغنى ويترنم بآياته،
فكان نعم العبد الذي أطاع، وكانت بداية فترة التزامه في (مسجد النور) في منطقة الفالوجا، وكان بين
إخوانه في المسجد كالزهرة في البستان، وخلال هذه الفترة المباركة أصبح أحد أبناء حركة حماس-
الفاعلين، ومن الشباب الأوائل في صفوف الدعوة الغراء وحركة الإخوان المسلمين.
كان شهيدنا –رحمه الله- يمتاز بعلاقات طيبة وحميمة مع إخوانه في المسجد، وكانت له بصمته الخاصة
في جميع أعمال ونشاطات المسجد الدعوية منها أو الجماهيرية، حيث عمل في الجهاز الإعلامي
الجماهيري التابع لحركة –حماس- وكان له دور فاعل في صفوف الكتلة الإسلامية، وكان له نشاطا دعويا
كبيرا فلطالما دعا الصغار والكبار من أهله وجيرانه إلى الالتزام ببيوت الله، وكان ما أن يرى وافدا جديدا على
المسجد إلا وتوجه نحوه وبدأ بدعوته بكلامه الطيب الجميل للالتزام والاستمرار في عبادة الله عز وجل.
سيرته الجهادية
كبر شهيدنا –رحمه الله- وزاد حماسه للجهاد في سبيل الله، فأرسل في بداية عام 2002 رسائل عديدة
إلى قيادة المجاهدين يطالبهم بتجنيده، وبعد الإصرار والإلحاح الشديدين تم قبوله في صفوف القسام،
وخاض كغيره من أبناء القسام العديد من الدورات التدريبية، وكان فيها مثالا للجندي العسكري الفذ،
ليتم انتدابه بعد فترة ليصبح مدربا للمجاهدين في الدورات الجهادية، ومن أبرز الأعمال الجهادية التي
قام بها شهيدنا خلال هذه الفترة من حياته:
•المشاركة الفاعلة والقوية في صد الإجتياحات المتكررة للعدو الصهيوني.
•الرباط على الثغور المتقدمة، ونصب الكمائن والعبوات للعدو وآلياته، وقد كان –رحمه الله- يستغل ساعات
الرباط الثمينة في الذكر والتسبيح وطاعة الله، ونصح إخوانه المجاهدين وتذكيرهم بالله.
•إطلاق عدد من قذائف الهاون، وصواريخ القسام على المستوطنات والمواقع الصهيونية.
•تدريب المجاهدين في الدورات العسكرية.
ولقد ترك شهيدنا الأثر الكبير في قلوب إخوانه ومحبيه، حيث أنه لم يكن يتخلف عن رباطه أبدا وكان
أيضا في الرباط يمازح إخوانه في بعض الوقت فكان روح المجموعة ودعابتها.
قصة استشهاده
في ليلة يوم الخميس المباركة الموافق 7/2/2008، ذهب –أسامة- كعادته للرباط في الموقع المتقدم
شرق بلدة جباليا، وهو مرابط أصابه نزيف وبدأ الدم يسقط من أنفه، فحاول أحد إخوانه المجاهدين بأن
يتصل بالإسعاف، لكن أسامة رفض هذا، وتم التواصل مع أميره العسكري وصدر له الأمر بالانسحاب
والعودة إلى البيت، لكنه رفض وأبى إلا أن يتم رباطه كعادته، وأمام عزمه لان أميره ووافق، وفي تمام
الساعة 3:30 فجرا بدأت الآليات الصهيونية بالتحرك والتقدم باتجاه بلدة جباليا، فحمل شهيدنا عبوته
وأسرع نحو موقع التقدم، ونصب عبوته ينتظر الآليات، لكن طائرة الاستطلاع الصهيونية رصدته وعلى
الفور أطلقت نحوه 3 صواريخ فأصابته إصابة مباشرة فسقط على الأرض مضرجا بدمائه الطاهرة التي
سقت وروت ترب فلسطين.