شهداء فلسطينقصص الشهداء
الشهيدة بيان العسلي
أوجع الإعدام الميداني وبدم بارد الذي وثقته الصور؛ وفراق الطفلة الفتاة الفلسطينية الشهيدة بيان عسيلي ذات (16ربيعا) ببراءة طفولتها وصغر سنها؛ قلوب الفلسطينيين وكل شرفاء وأحرار العالم.
وكانت الشهيدة بيان تحاول عبور حاجز لجيش الاحتلال في مدينة الخليل، حيث زعم جنود الاحتلال أنها طعنت مجندة، مع أن الصور توضح أنه لم يكن هناك عملية طعن.
ويؤكد شهود عيان من الخليل، أن الجنود أطلقوا الرصاص الحي على الشهيدة بيان برغم انصياعها لأوامرالمجندة بالتفتيش؛ ولم تشكل خطرا على أحد، وأن زعم الجنود هو لتبرير جريمتهم، التي لن تمر دون عقاب.
“بيان الهادئة والقيادية، المجتهدة في دروسها وفي علاقاتها مع زميلاتها الطالبات ومعلماتها، وقبل رحيلها، بيوم واحد، أصرت على قراءة القرآن بصوتها الشجي، وأن تلقي قصيدة عن القدس التي وصلت لكل طالبة ومعلمة في تلك المدرسة”. كما غرست لها المدرسة شجرة تحمل اسمها، كما أصرت زميلاتها أن يزين مقعدها بصورتها، والكوفية والعلم الفلسطيني، في الوقت الذي قسمن أجزاء القرآن الكريم بينهن ليقرأنه كاملاً هدية إلى روحها.
وتقول أم الشهيدة بيان: “ابنتي شرف للخليل ولفلسطين كلها وما حد يبكي عليها؛ ويوم شهادتها هو يوم عرسها، وهي استشهدت كرمال الأقصى؛ وكلنا شهداء مثل بيان التي رفعت رؤوسنا جميعا”. “لما استشهدت بيان، احنا خسرنا نصف عمرنا” كلمات يقولها الأب أيمن العسيلي خلال حديثه وتحمل في طياتها كثيراً من ألم الفراق. ويضيف الوالد “رحلت بيان وتركت لنا فراغاً كبيراً، سأفتقد كثيراً للحيز الذي كانت تشغله في زوايا البيت، ولعلامتها العالية وتفوقها في المدرسة، سأفتقد حضورها في كل شيء، فبيان قيادية بمعنى الكلمة”. “بيان كانت تصلي الفجر حاضراً معي، سأشتاق وقفتها خلفي في الصلاة، وسيفتقدها الفجر كثيراً، وسيرهقني فراقها”. لبيان العسيلي حضور في كل مكان، فهي المحبوبة من الجميع، وصاحبة الابتسامة التي لا تغيب، “الله خالقها بتضحك” يتابع الأب.
للشهيدة ثلاث أخوات، هي أكبرهن، وأربعة ذكور، كانت مسؤولة عن تدريسهم والاعتناء بهم عند غياب الأم، وهي من كانت ترتب ملابسهم، وتقدم لهم النصائح، تمازحهم وتلاعبهم، وتمنعهم من الخروج إلى الشارع خوفاً عليهم، الأمر الذي سيحمل أخوتها الكثير من الألم لحظة التفكير في فراقها.
يستذكر الأب طعام بيان، الذي كانت تعده عندما غادرت والدتها سابقاً إلى رحلة العمرة. ويضيف “كنا نعتمد عليها كثيراً” في تدبير المنزل في غياب والدتها.
منعت رصاصات جنود الاحتلال الصهيوني المتمركزين على الحاجز الذي يقيمونه على الطريق المؤدي إلى حي “واد الغروس” الذي تقطنه الشهيدة بيان من تحقيق حلمها في دراسة هندسة الجينات، على الرغم من أن الأب أبدى استعداده بعد نقاش معها أن يرحل إلى الأردن ويقيم معها هناك، حتى تدرس وتحقق حلمها.
ويكذّب الأب رواية القتل التي روج لها الاحتلال، أن ابنته كانت تنوي طعن جندي الصهيوني على الحاجز. ويؤكد أن بيان كانت في طريقها لحضور دورة في اللغة الإنجليزية، وجميع أفراد العائلة يستخدمون الشارع ويمرون من مكان استشهادها بشكل يومي، موضحاً أن جنود الاحتلال والمستوطنين يسيطرون على الشارع، ويمنعون الفلسطينيين من استخدام المركبات، ويؤكد أن ما جرى مع بيان، هو عملية إعدام مع سبق الإصرار.
جل ما كانت تريده بيان، هو أن ترفع رأس والدها في الصحف المحلية، هذا ما كانت تخبره به عندما يجري نقاش عن التخصص الجامعي الذي كانت تنوي دراسته، وكان الأب يبلغها، أن رأسه مرفوع “رفعتِ راسي يابا يا بيان، راسي مرفوع”